المصدر: الحرية والعدالة
استعرضت ورقة بحثية 6 مؤشرات برهنت على قوة شخصية الرئيس الشهيد د.محمد مرسي رحمه الله، وكم كان قويا في الحق والدفاع عن إرادة الشعب ضد أي تزوير، والعمل على حماية المؤسسات المنتخبة للحيلولة دون انفراد العسكر بالسلطة، ومن أجل إقامة نظام مدني ديمقراطي تعددي بمؤسسات ديمقراطية منتخبة من الشعب بنزاهة.
وتحت عنوان “تسريب «الاختيار3» لمرسي مع المشير تحليل المحتوى والمضامين” استخلصت الورقة 6 مؤشرات تحليلية للمقطع الذي بثه مسلسل (الاختيار 3) في إحدى حلقاته من رمضان 2022.
أبرز ما استخلصته الورقة أن مرسي في الواقع (التسريب) بدا قويا وسياسيا محنكا، وطغت شخصيته على اللقاء بشكل حاسم، وتلاشت إلى جواره شخصيات المشير والفريق واللواء، وبالتالي فإن التسريب (الواقع والحقيقة) عصف فعليا بالصورة المشوهة التي رسموها لمرسي في العالم الافتراضي (المسلسل)؛ فإذا كان مرسي بهذه القوة وتلك الجرأة وهو لا يزال مرشحا رئاسيا؛ فكيف كان معهم ومع السيسي عندما أصبح أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر؟
إغضاب المشير
ورأت الورقة البحثية أن خروج هذا التسريب بعد وفاة طنطاوي، إنما يعني أن السيسي لم يرد تسريبه قبل ذلك لعدم إغضاب المشير الذي يعتبره مثله الأعلى وأباه الروحي داخل المؤسسة العسكرية؛ لأن شخصية مرسي على عكس الممثل الأراجوز الذي يقوم بدور مرسي ، كانت مهيمنة على الاجتماع بقوته وجرأته وقوة حجته، ثم تحذيراته من تزوير نتيجة الانتخابات وتداعيات ذلك على مستقبل البلاد، مستخدما عبارات حاسمة ومهددة أحيانا (النتيجة ما تتغيرش؛ لإن دي لو حصلت ليس لها من دون الله كاشفة ، الموجة اللي موجودة موجة إضرام نيران لمن لا يقدر المسئولية ، الشعور اللي موجود ، شعور تلقائي شعبي وليس مخططا له)، كما استخدم عبارات رقيقة وعاطفية أيضا (أنا لا أتمنى هذا ولا أريده ولا أوافق عليه ، أنا أخوك الصغير ، أنا لك ناصح أمين).
عنان ومراوغة طنطاوي
وفي نقطتين تاليتين قالت الورقة إنه “رغم مشاركة عنان في الاجتماع إلا أنه لم يتم ظهوره لا صوتا ولا صورة؛ لأن النظام حريص على عدم التذكير به بسبب الصدام الذي جرى بينه وبين السيسي، واعتقال الأخير له وإيداعه في السجن عدة سنوات قبل الإفراج عنه بصفقة رعاها طنطاوي قبل مماته على الأرجح”.
وأضافت أن التسريب كشف مرواغة طنطاوي والمجلس العسكري وتهربه من اتهامات مرسي للمجلس بالعمل على تزوير نتائج الانتخابات؛ فبينما يحذر مرسي من فتنة ونيران تحرق البلد إذ تم تزوير نتائج الانتخابات؛ نجد طنطاوي في رده يهمل الرد على اتهامات التزوير (السبب) ليحذر من النتيجة (الاضطرابات) رغم أن النتيجة لا يمكن أن تحدث إلا حدث السبب “التزوير”.
هامشية السيسي
وأضافت الورقة أنه “على عكس ما يروج النظام ومسلسلاته بتضخيم شخصية السيسي وإضفاء هالة مقدسة زائفة ومصطنعة على جنابه وتضخيم شخصيته وإظهارها في أبهى صورة، في مقابل صورة مرسي الهزلية الساخرة المتلعثمة الفوضوية، فإن التسريب أظهر صورة مغايرة تماما؛ فقد بدا دور السيسي هامشيا للغاية للدرجة التي دفعت المشير طنطاوي إلى تبرير حضوره في اللقاء”.
وفي نقطة خامسة داعمة لهذه النقطة قالت إنه “على عكس ما يروج الاختيار3، بأن السيسي كان يتعامل مع مرسي بكل استعلاء واستخفاف، فإن شهود العيان يؤكدون عكس ذلك تماما، حيث يؤكد الوزير السابق يحيى حامد، أن السيسي كان يتزلف إلى الرئيس مرسي بصورة أثارت استنكار الرئيس نفسه؛ ومنها أنه كان يحمل حذاء السيد الرئيس عند خروجه من مسجد قصر الرئاسة بالاتحادية في أعقاب الصلاة، وهو ما رفضه الرئيس مرسي وطلب منه عدم فعل ذلك مرة أخرى”.
وأضاف أن “جميع الصور التلفزيونية التي جمعت السيسي بمرسي حتى ما قبل يوم الانقلاب ، كان السيسي يبدو فيها في قمة الخضوع والانكسار أمام الرئيس”.
المؤسسات المنتخبة
وأوضحت الورقة أن “التسريب يؤكد كم كان مرسي وفريقه حريصين على المؤسسات المنتخبة في مرحلة التحول الديمقراطي المأمولة؛ وذلك بحماية النزاهة والشفافية ورفض أي تدخل من جانب السلطة ممثلة في المجلس العسكري أو القضاء المسيس أو حتى اللجنة المشرفة على الانتخابات في نتائج العملية الانتخابية في جولة الإعادة، لأنه ركز على ثلاثة أشياء، عدم التدخل بالتزوير في نتائج الانتخابات (الفقرتان الثانية والخامسة) عودة البرلمان المنتخب للانعقاد لحين انتخابات برلمان جديد(الفقرة الثالثة) التحذير من تداعيات التزوير والانسداد السياسي على مستقبل البلاد(الفقرة الرابعة) بينما كان طنطاوي يرواغ ويهرب من الحوار بدعوى أن هناك رأي آخر للشعب بخلاف ما يراه مرسي ومؤيدوه، كما يبرهن طلب عودة البرلمان للانعقاد على ثلاثة أمور، الأول، مرسي كان على يقين كامل بأن قرار حل البرلمان هو قرار سياسي صدر من المجلس العسكري وإن جرى تغليفه بغلاف قضائي من المحكمة الدستورية التي تمتلك رصيدا هائلا من التوظيف السياسي لخدمة النظام العسكري على الدوام، الثاني، رفض مرسي لمنح المجلس العسكري سلطة التشريع لنفسه. الثالث، رفض مرسي إذا أصبح رئيسا توسيع صلاحياته على حساب البرلمان المنتخب، وإصراره على عودة البرلمان للانعقاد ليمارس دوره التشريعي”.
مانع التزوير
واستعرضت الورقة تاريخية هذا الجزء المسرب والذي كان ذروة الحشد الثوري ومعاجلة حزب الحرية والعدالة عرض النتائج وفقا لمحاضر فرز اللجان الموقعة من القضاة تعلن عن فوز مرسي بفارق مليون صوت عن شفيق (13.25 مليونا مقابل 12.25 مليونا لشفيق) وذلك من خلال كتاب بذلك خلال يومين فقط وضع المجلس العسكري واللجنة المشرفة على الانتخابات في ورطة كبرى؛ ويبدو أن هذا الإجراء الذي قامت به حملة مرسي وحزب الحرية والعدالة وقتها قد ضيق الخيارات أمام المجلس العسكري، الذي كان ينوي بالفعل تزوير نتائج الانتخابات؛ وردود طنطاوي خلال التسريب تبرهن على ذلك، فقد كان أولى به بدلا من الجدال أن يؤكد على حرص المجلس على نزاهة الانتخابات وعدم التدخل في نتائجها بوصفه جريمة وخيانة عظمى تستحق المحاكمة، لكنه لم يفعل.
انقلاب متعدد
واستعرضت الورقة خطة المجلس العسكري لإفشال مرحلة التحول الديمقراطي والانفراد بالسلطة من جديد باعتبار مصر ملكية عسكرية يتوارثها الجنرالات واحدا تلو الآخر منذ انقلاب 23 يوليو 1952م، هذه الخطة وضعت عدة سيناريوهات محتملة:
الأول، هو الانقلاب الأبيض المتبوع بموجة قمع وبطش أمني، وقد شرع فيه المجلس فعلا بـ (قرار حل البرلمان ــ إصدار الإعلان الدستوري المكمل) وكان الضلع الثالث من المخطط هو فوز شفيق بالرئاسة؛ وبذلك يمسك الجيش بكل مفاصل السلطة من جديد مدعوما بإرادة الجماهير حال فاز شفيق بالرئاسة، لكن هذا السيناريو جرى إحباطه رغم استبعاد مرشح الإخوان الأساسي (خيرت الشاطر) والحملة السوداء ضد الإخوان ومرسي على وجه التحديد، بث الفتنة والأسافين بين مكونات ثورة يناير عبر التصنيف (إسلاميين ــ ليبراليين ـ يساريين ـ ناصريين ــ سلفية ــ إخوان).
السيناريو الثاني، هو الانقلاب الخشن، وهو السيناريو البديل للانقلاب الأبيض الذي أفشله نجاح مرسي في عهد طنطاوي، يعتمد هذا السيناريو على الفوضى والفلتان الأمني وتفجير الأزمات (وقود ــ كهرباء ــ مظاهرات ــ مطالب فئوية) كما يحتاج إلى غطاء شعبي لكي يبدو في صورة ثورة لا انقلاب؛ لأن من المعلوم أن الثورات تقوم بها الشعوب، أما الانقلابات فيقوم بها الجيوش، لذلك كان السيسي عبر المخابرات الحربية والأمن الوطني هو من يقف وراء تكوين هذا التحالف ضد مرسي والذي ضم (الكنيسة ــ العلمانيين ـ قوى الدولة العميقة ـ بقايا وفلول نظام مبارك) وكان لشخصية السيسي دور في ذلك فهو على عكس طنطاوي العجوز ، كان لا يزال لواء صغيرا يملؤه طموح كبير للوصول إلى أعلى مناصب الدولة.
السنياريو الثالث، في حال فشل الانقلاب على الرئيس، كانت مخططات المجلس العسكري تقوم على تنفيذ عملية اغتيال غامضة للرئيس مرسي بما يسمح بعودة الفراغ من جديد؛ وهنا يتدخل الجيش بعد تشويه صورة الإخوان وضعف القوى العلمانية، ليملأ هو هذ الفراغ ويسطو على كل مفاصل السلطة من جديد دون شريك مدني، وهو ما تحقق على يد السيسي.