عيش، حرية، كرامة، عدالة لم تكن مجرد هتافات أو شعارات، بل مطالب هتف بها شعب مصر في الخامس والعشرين من يناير 2011 في ميدان التحرير.
يثير هذا السؤال الجدل في المجتمع المصري: “هل كان الشعب المصري يستهدف إسقاط نظام مبارك منذ اليوم الأول للحراك، أم كان الحراك موجهًا ضد سياسات وممارسات وزير داخليته؟”
تشير الأحداث إلى أن الحراك كان موجهًا في البداية ضد وزارة الداخلية ممثلة في وزيرها حبيب العادلي. وتم اختيار ٢٥ يناير، كونه عيد الشرطة، للتظاهر ضد ممارسات الداخلية، وأبرزها التعذيب الذي بات استراتيجية سائدة، كشفته المدونات الإلكترونية. إلا أن الحراك التونسي، الذي أجبر الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي على الهروب من تونس، لعب دورًا كبيرًا في تطور المطالب ورفع سقفها ليصبح الشعار: “الشعب يريد إسقاط النظام”، بجانب هتافات ومطالب “العيش والحرية والكرامة والعدالة”، وخاصة بعد سقوط شهداء بنيران وزارة الداخلية.
لم يكن تغيير النظام الهدف الأساسي لحراك الشعب المصري، ولكن مع مرور الوقت، ترسخت قناعة بأن نظام مبارك قد استعصى على الإصلاح، ما استدعى المطالبة بتغييره لتحقيق المطالب الاجتماعية. هذا يطرح اليوم، وبعد مرور 14 عامًا على الثورة، السؤال: هل تحقق من مطالبها شيء؟
أوضاع المصريين قبيل ثورة يناير 2011
وصلت أوضاع المصريين المعيشية في 2011 إلى مستويات متدنية غير مسبوقة. تزايدت المطالب الشعبية والفئوية يومًا بعد يوم عبر مظاهرات عمالية وشعبية نددت بتدهور الأوضاع الاقتصادية، وطالبت بزيادة الأجور ووقف موجات الغلاء التي أرهقت الفقراء.
في المقابل، كان نظام مبارك يتجاهل مطالب الشارع بحجة عدم وجود موارد كافية، رغم الإعلان عن زيادات كبيرة في معدلات النمو ودخل السياحة وتحويلات العاملين بالخارج.
مصر بين 2011 و2025
العام | الدين الخارجي | الدين الداخلي | قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار | معدلات الفقر | معدل النمو | نسبة التضخم | سعر بنزين 92 | سعر السولار |
---|---|---|---|---|---|---|---|---|
2011 | 34.9 مليار $ | 1044.9 مليار جنيه | 5.59 جنيه | 25.2% | 2.6% | 11.8% | 1.85 جنيه | 1.05 جنيه |
2025 | 155.3 مليار $ | 9.5 تريليون جنيه | 51.3 جنيه | 35.7% | 2.1% | 24.4% | 15.25 جنيه | 13.5 جنيه |
خرج المصريون في 2011 يطالبون بـ”العيش الكريم والعدالة الاجتماعية والحرية”، لكن بالنظر إلى البيانات الرسمية، نجد أن هذه المطالب لا تزال بعيدة المنال.
- الدين الخارجي: ارتفع من 34.9 مليار دولار في 2011 إلى 155.3 مليار دولار.
- الدين الداخلي: قفز إلى 9.5 تريليون جنيه مقارنة بـ 1044.9 مليار جنيه عام 2011.
- قيمة الجنيه المصري: تدهورت من 5.59 جنيه للدولار عام 2011 إلى 51.3 جنيه حاليًا.
- معدلات الفقر: ارتفعت من 25.2% إلى 35.7%، بينما تصل في بعض الأقاليم إلى 60%.
العدالة الاجتماعية
كان مطلب العدالة الاجتماعية في صدارة هتافات المصريين في يناير 2011. ومع ذلك، تشير البيانات إلى تراجع هذا الملف:
- برامج الحماية الاجتماعية التي تقدمها الدولة لم تحقق تخفيفًا ملموسًا لمعاناة الفقراء، بل زادت الفجوة مع الطبقة المتوسطة التي تآكلت بشكل كبير.
- الفساد في التوزيع: أصبحت المساعدات والحقوق تُمنح بناءً على الولاء السياسي، وحُرم الكثيرون من الدعم.
الخلاصة
إن ثورة يناير 2011 كانت وستظل لحظة تاريخية مضيئة في وجدان الشعب المصري. لكن بعد مرور 14 عامًا، يتضح أن أهدافها لم تتحقق بعد، بل تفاقمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، في ظل القمع السياسي غير المسبوق. ومع ذلك، يبقى الأمل في التغيير قائمًا، رغم كل التحديات.