تقدير موقف
بعد توقيعها اتفاقية وقف إطلاق النيران على الجبهة اللبنانية مع حزب الله وتزامناً مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي ضربات جوية متتالية بفارق زمني متقارب ضد جماعة أنصار الله في اليمن.
وقد شن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجومًا جويًا على اليمن يوم الخميس 26 ديسمبر 2024، قصفت خلاله مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، وعلى التوازي قام الجيش الإسرائيلي برفع مستوى التأهب في صفوفه تحسبًا لرد محتمل من جماعة أنصار الله وتعد هذه الضربة هي الرابعة منذ اندلاع الاشتباكات مع الجبهة اليمنية في مرحلة ما بعد طوفان الأقصى
وقد أعلنت جماعة أنصار الله أن الغارات الإسرائيلية على اليمن أسفرت عن مقتل 3 أشخاص على الأقل وجرح 11 آخرين، وخسائر مادية كبيرة في البنى التحتية لمطار صنعاء الدولي.
قبل ذلك بحوالي أسبوع وفي 19 ديسمبر 2024 قام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ عدد من الهجمات الجوية على صنعاء والحديدة وميناء رأس عيسى غرب اليمن.
وقالت حينها جماعة أنصار الله الحوثي إن الغارات على صنعاء استهدفت محطات كهرباء وبنى تحتية للمطار والميناء، مما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة العديد من اليمنيين
وتأتي الهجمات الأخيرة بعد المصادقة على خطط الهجوم على اليمن من قبل وزير الدفاع الإسرائيلي بتوجيه من هيئة الاستخبارات الإسرائيلية نظرًا لقيام قوات الحوثي بشن هجمات صاروخية وجوية متكررة ضد مناطق في الأراضي المحتلة، حتى وإن تم اعتراض معظمها بنجاح، ولكنها خلفت أثراً كبيراً سواء على الصعيد المادي أو المعنوي داخل عمق إسرائيل الإستراتيجي،
كما عملت جماعة أنصار الله الحوثي خلال العام الماضي على تهديد المصالح الغربية والإسرائيلية والأمريكية في منطقة الشرق الاوسط وذلك من خلال عرقلة حرية الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر.
فمنذ استهداف جماعة أنصار الله الحوثي تل ابيب بطائرة مسيرة بنجاح كبير في 19 يوليو 2024 وتتابعت تحذيرات قادة -الكيان المحتل الإسرائيلي- السياسية والعسكرية بأن يد إسرائيل الطولى ستصل إليهم بيد أن الأمر كان متوقعًا بتوالي هذه الهجمات، بل وزيادة وتيرتها مستقبلاً لأن اليمن أصبح جهة الخطر الوحيدة الحالية على إسرائيل من داخل المحور الذي تقوده إيران.
ويري المتخصصون أن الضربات الإسرائيلية لا تغير حتى الآن موازين القوى، ولا تعتبر رادعة لجماعة أنصار الله الحوثي، وأن الهدف منها يبقي أثره علي الصعيد الإعلامي لتلبية مطالب تهديدات نتنياهو بمشاهدة ألسنة اللهب تتصاعد من اليمن، والبنى التحتية التي استهدفت حتى الآن مثل محطة الكهرباء وخزانات الوقود تلبي هذا الهدف من الناحية المعنوية للداخل الإسرائيلي ليس أكثر.
تقدير الموقف
– ما تعانيه إسرائيل من جانب الجبهة اليمنية هو ليس الصواريخ والمسيّرات التي تطلق من تلك الجبهة إلى العمق الإسرائيلي فقط، بل تأمين حركة الملاحة في البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب.
– الهجمات الجوية الإسرائيلية حتى الآن ضد أهداف تابعة للحوثيين في اليمن الكثير منها أهداف اقتصادية وبني تحتية ولا ترقى إلى مستوى يمثل تهديدًا وجوديًا على جماعة أنصار الله الحوثي.
– المسافة الكبيرة بما تمثله من عائق عملياتي بين إسرائيل وجبهة اليمن يؤكد أنه من الصعب تحقق عنصرى المفاجأة وتوالي الضربات في مبادئ القتال وبالتالي عدم القدرة على تحقيق حسم سريع لصالح إسرائيل أو عمليات واسعة كما في لبنان وغزة وسوريا.
– ارتباط الجبهة اليمنية بملف إيران، ما يعزز أي مقاربة إسرائيلية بما ستقرره إدارة الأمريكية الجديدة في واشنطن حيال التعامل مع إيران ومستقبل اشكالية جبهة أنصار الله الحوثي الحالية في اليمن.
– المؤشرات تؤكد أن إسرائيل ما زالت تواجه معضلة استخبراتية على الجبهة اليمنية فهي لم تتمكن حتى الآن من استهداف أي شخصية قيادية لجماعة أنصار الله الحوثي أو إحداث أثر واضح على المقومات الأساسية لقدراتها العسكرية.