تفاقمت أزمة انقطاع الكهرباء في مصر إبان حكم الرئيس محمد مرسي واستغلت الدولة العميقة والأجهزة الأمنية هذا الخلل في منظومة الكهرباء لحشد المصريين ضد الرئيس محمد مرسي حتى كان الإعلاميون يطالبون الرئيس محمد مرسي بالاستقالة حين قالت الإعلامية لميس الحديدى “لو تقيلة عليك الشيلة يا دكتور مرسي متشيلش”
ومما ذكرته وسائل الإعلام في هذا الوقت عن سياسة تخفيف الأحمال التي أعلنت عنها حكومة الدكتور هشام قنديل ما يلي:
عانى المواطن المصري بشكل كبير في العام الأول للرئيس محمد مرسي من انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة خلال اليوم، وتعرض الكثير من المواطنين إلى أضرار مادية وأخرى معنوية، وتعرض المئات من المواطنين إلي تلف أجهزتهم الكهربائية، بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، كما واجه الكثير منهم مشكلة انقطاع التيار أثناء فترات الامتحانات الدراسية، وتعرض البعض الآخر للمشاكل الناتجة عن انقطاع التيار واستغلال المجرمين هذه الفترات لممارسة جرائمهم، وكان رد وزارة الكهرباء على الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي هو ”نقص الوقود”، وكانت تلقي اللوم على وزارة البترول. لجأ أصحاب المحال التجارية والمصانع إلى استخدام مولدات كهربائية، بعدما تعرضت بضائعهم للتلف بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والذي سبب لهم خسائر مادية كبيرة.
واستغلت الأبواق الإعلامية انقطاع التيار الكهربائي لصناعة أزمة في الشارع المصري من أزمات متعددة عملت على تأجيجها الأجهزة الأمنية لتسهيل وشرعنة انقلاب الجماهير على الرئيس محمد مرسي.
جذور الأزمة منذ عهد مبارك
ترجع أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي إلي عام 2008، ولم يشعر أهل المدن بهذه المشكلة، فكانت سياسة التعتيم هي السائدة في تلك المرحلة، وكان المتضرر الأكبر هم أهل القري، والمناطق النائية، فكانت تنقطع عنهم الكهرباء بشكل مستمر ودائم، وكان يتجاوز 6 ساعات يومياً في بعض المناطق تطبيقاً لسياسة تخفيف الأحمال عن شبكات الكهرباء .
تفاقم الأزمة
ظهرت الأزمة بشكل كبير علي السطح في صيف 2010، وشعر بها جميع المواطنين بالمحافظات المختلفة، وكانت سياسة الترشيد هي السائدة، ولم تستطيع وزارة الكهرباء في ذلك الوقت تطبيق سياسة التعتيم، وفي ظل صيف 2010 شديد الحرارة، سجلت الأحمال الكهربائية معدلات لم تصل لها من قبل حيث ارتفعت إلي 22.750 ميجاوات، متجاوزة كل الأرقام القياسية التي سجلت من قبل في السنوات السابقة والتي لم تتعد 18 ألف ميجاوات، هذه القفزة النوعية التي وصلت إلي ثلاثة آلاف ميجاوات إضافية بحسب ما سجله مركز التحكم في ذلك الوقت تعادل 13.5% من قدرات توليد محطات كهرباء بلغت استثماراتها 20 مليار جنيه، وكانت ترتفع نسبة الاستهلاك خلال ساعات الذروة إلي أكثر من 20 ألف ميجاوات مما كان يتسبب في خروج بعض الكابلات والوحدات عن الخدمة، الأمر الذي جعل الوزارة تلجأ إلي قطع الكهرباء عن المناطق بالتناوب، وذلك إنقاذا للشبكة من الانهيار، وكان يجري ذلك في بعض المناطق وخلال مدة زمنية محدودة خلال وقت الذروة.
وكان رد وزارة الكهرباء وقتها أن القفزة الهائلة في معدل الاستهلاك الكهربي ترجع إلى أنه أضيف إلى مصر 2.3 مليون جهاز تكييف خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث ثبت إحصائيًا أن عدد أجهزة التكييف بمصر ارتفع من 700 ألف جهاز عام 2007 إلى 3 ملايين جهاز عام 2010، وهذا يعني أن هذه القفزة وحدها تحتاج إلى طاقة كهربية تعادل 12.5% من الحمل الأقصى، على حد وصفها.
استمرار الأزمة
استمرت أزمة الكهرباء والانقطاع المتكرر للتيار في ظل حكم المجلس العسكري بعد الثورة، ولم يشعر المواطن المصري في صيف 2011 بتحسن في الخدمة المقدمة.
ولكن على الرغم من أن الأزمة ليست وليدة وليست نتيجة سياسات حكومة الرئيس محمد مرسي، إلا أن الإعلام استخدمها لتأجيج الجماهير ضد أول رئيس انتخبه المصريون منذ أقل من عام في هذا التوقيت.
ثم قاد وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي انقلابًا عسكريا ضد الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا للمرة الأولى في تاريخ البلاد واعدًا المصريين بأن “مصر هتبقى أد الدنيا” وأنه “هيخلى مع المصريين البركة”.
أصبحت السياسة الثابتة للسيسي والمسئولين الذين أصبح حالهم حال “السكرتارية” -بطبيعة الانقلابات العسكرية- هي إلقاء كافة التهم وارجاع كافة أسباب الكوارث في مصر إلى سببين رئيسيين وهما: ثورة يناير 2011 وحكم الإخوان المسلمين.
أثناء حفل افتتاح الإنتاج المبكر لحقل ظُهر في 31 يناير 2018 أكد السيسي أن الدول تُبنى بالعمل والأمانة والشرف، مشيرًا إلى أن ما يُنفَّذ من إنجازات لم يكن ليحدث بدون الاستقرار والأمن وثبات المصريين، مطالبًا بعدم الانسياق وراء محاولات نشر الفوضى التي تهدد فرص الاستمرار في تحقيق تلك الإنجازات والمشروعات التي تصب في صالح المواطنين. وأضاف أن الدولة لا تُبنى بالكلام ولكن بالعمل والاجتهاد، مطالبًا كل من يريد التصدي للشأن العام بضرورة معرفة مفهوم الدولة، مشيرًا إلى أنه مفهوم يجب تعلمه على مدار سنوات طويلة، ويجب الحذر خلال الحديث مع المواطنين والعمل على إظهار حقيقة الأمور. وأشار عبد الفتاح السيسي إلى ما كانت تتحمله الدولة من نفقات منذ سنوات، منها مليار ومئتا مليون دولار شهريًّا لشراء منتجات بترولية نتيجة لتوقف الإنتاج بسبب حالة الثورة التي كانت تمر بها مصر، كما سعى البعض إلى ضرب العلاقات بين مصر وإيطاليا للحيلولة دون الوصول إلى تنفيذ مشروع حقل “ظهر” من خلال حادثة تقطع المودة والمحبة بين البلدين، ولهذا لن تنسى مصر وقوف إيطاليا بجانبها رغم حادثة “ريجيني”.
على الرغم من الدعاية الحكومية لحقل ظهر حين قالت إن حقل ظهر أكبر حقل غاز وسيمكن مصر من الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، إلا أنه في ابريل 2024 أعلنت الحكومة العودة إلى سياسة تخفيف الأحمال للتيار الكهربائي لمدة ساعتين في اليوم وارتفعت في هذه الأيام وقت كتابة التقرير إلى 3 ساعات يوميًا في كل عموم مصر.
تثير أزمة الغاز تساؤلات بشأن وضع قطاع الطاقة في مصر، خاصة مع التصريحات الحكومية السابقة عن تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي المسال في عام 2018 مع اكتشاف حقل ظهر الضخم الذي عزز الإنتاج المحلي وحوّل البلاد إلى مصدر للوقود.
أحد خبراء البترول المصريين حاول توضيح الأزمة التي تمر بها مصر حين أكد أن مصر تشهد أزمة غير مفهومة حاليًا في مسألة الغاز الطبيعي والمسال، مضيفا أن من أهم أسباب تلك الأزمة هو تراجع الإنتاج، بالإضافة إلى أن الحكومة المصرية مرتبطة بعقود تصدير الغاز إلى أوروبا، وبالتالي اضطرت لتحويل جزء من الإنتاج المحلي إلى السوق الأوروبية حتى لا تتعرض إلى عقوبات وغرامات ومن أجل الوفاء بالتزاماتها الخارجية تجاه الدول المستوردة. وأضاف أن الحكومة لا تفصح عن الأسباب الحقيقية لتراجع إنتاج الغاز بشكل عام وبحقل ظهر بشكل خاص، موضحًا أن أن تكثيف استخراج الغاز من الحقل بشكل أسرع من المعدلات الطبيعية تسبب في حدوث عدة أخطاء، منها ما أكده خبير في مجال الطاقة أن أحد الآبار بحقل ظهر تعرض لتشققات، وبالتالي تسربت مياه البحر إليه وتوقف عن الإنتاج تماما، ما أسفر عن انخفاض الإنتاج بمقدار مليار قدم مكعب يومياً ليبلغ 2.1 مليار قدم مكعب، وبالتالي قامت الشركة التي تعمل بالحقل بحفر مزيد من الآبار في محاولة لوقف الخسائر.
تقارير دولية حذرت من أن الإفراط في الحفر وعمليات التنقيب لزيادة معدل الإنتاج يهدد بانهيار حقل ظهر نفسه، حيث تم حفر أربع آبار تطويرية أخرى منذ رفع العدد الإجمالي إلى 15 بئراً، حيث بلغت سعة الحقل 3.2 مليار قدم مكعب يومياً في مارس 2020.
يتزامن إعلان الحكومة إعادة تطبيق خطة تخفيف الأحمال مع نشر تقرير لوكالة “بلومبرغ” عن نية مصر شراء شحنات من الغاز الطبيعي المسال لدرء النقص المتزايد في الطاقة. وأوضحت الوكالة أنه مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف وزيادة استهلاك مكيفات الهواء، قد تجد مصر نفسها في حالة تدافع على شحنات الغاز في الأشهر المقبلة بالتزامن مع زيادة الطلب في أجزاء أخرى من العالم أيضًا، وذلك بعد انخفاض الأسعار من أعلى مستوياتها في عام 2022، وهذا يزيد الضغط على العرض. ووفقا للوكالة، ستكون هذه الخطوة بمثابة تحول كبير بالنسبة لمصر، التي توقفت إلى حد كبير عن استيراد الغاز الطبيعي المسال في عام 2018، إذ تُظهر بيانات تتبع السفن، أن القاهرة “استوردت 4 شحنات فقط منذ عام 2019.
وعلى الرغم من اشتعال أزمة انقطاع الكهرباء في مصر ونقص إنتاج الغاز الطبيعي واضطرار مصر إلى استيراد كميات كبيرة من الغاز من الخارج، نجد أن السلطة في مصر من رئيسها إلى الإعلام الموجه يتفاخرون بإنجازات وهمية في قطاع الكهرباء كما جاء على الموقع الرسمي لوزارة الكهرباء:
“قال الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة استطاعت مصر خلال السنوات الأخيرة أن تتحول من دولة تعاني من أزمة في الكهرباء وانقطاع مستمر للتيار، إلى تحقيق فائض كبير في الطاقة الكهربائية المولدة تطمح في تصديرها إقليميا ودوليَّا، حيث أدت الجهود والإنجازات المبذولة في قطاع الكهرباء وفي ضوء ما قامت به مصر من زيادة الطاقة الكهربية المنتجة، وزيادة نسبة الطاقة الجديدة والمتجددة من إجمالي الطاقة المولدة، و جاءت مصر في المركز 32 بين 141 دولة من دول العالم عام 2019 في مؤشر إدارة وتنظيم الطاقة المتجددة، وهو مؤشر فرعي من مؤشر التنافسية العالمي لتسبق العديد من الدول العربية و الأولى عربيًّا في عدد مشروعات إنتاج واستخدام الهيدروجين وفقًّا لمنظمة أوابك 2022 وثالث أكبر دولة في توليد طاقة الرياح في إفريقيا في 2020 و تحسنت 58 نقطة لتصبح من أفضل 36 دولة على مستوى العالم في مؤشر الطاقة المتجددة الصادر عن البنك الدولي”.
رئيس السلطة المستبدة نفسه يتفاخر بما يدعي أنها إنجازاته في قطاع الكهرباء حين قال على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك
“كنا سنتعرض لانهيار حقيقي لولا إقامة مشروعات الطاقة، فالطاقة أمر ضروري لتلبية الطلب المحلي والاستثمارات. ومازالت هناك مناطق تعاني من انقطاع الكهرباء لذا يجب استكمال تطوير هذا القطاع”
ويدل على كذب السلطة في ما يسمونه إنجازات غير مسبوقة في قطاع الكهرباء ما يعانيه المواطن المصري من انقطاع يومي للكهرباء لمدة 3 ساعات، انعكس هذا الضيق على ردود المواطنين على منشور السيسي السابق ذكره حيث قال أحد المواطنين للسيسي:
” شكراً اريس انك خليت كل طموحنا اننا نطلع من البلد شكراً انك عرفت تخلينا نكره بلدنا مش كرها فيها هي شكراً انك رجعت زمن العبيد تاني وضيعت اكتر من 3 اجيال كامله شكراً واتمني لحضرتك دوام الصحه والعافيه بس بعيد عننا عشان اقسم بالله احنا بقينا زومبي عايشين”
مواطن آخر قال تعليقًا على منشور السيسي:
” مديونية قاربت 90 مليار دولار.. كارثة ستحل بمصر وستدخل تحت حكم صندوق النقد الدولي”
هنا وجب التصحيح للمواطن الذي ذكر أن ديون مصر 90 مليار دولار ونقول بأنه وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري فإن إجمالي الدين الخارجي بلغ في مايو 2024 168 مليار دولار. وفق بيانات البنك المركزي المصري، فإنه سيتعين على مصر سداد نحو 32.8 مليار دولار والتي تعادل نحو 20% من إجمالي الديون الخارجية للبلاد، ديون متوسطة وطويلة الأجل مستحقة خلال 2024. ويمثل هذا زيادة قدرها 3.6 مليار دولار عن تقديرات البنك في سبتمبر، وهو ما يرفع إجمالي الديون المتوسطة والطويلة الأجل المستحقة على البلاد إلى 29.2 مليار دولار العام المقبل.
المفارقة أن أسباب أزمة الطاقة وانقطاع الكهرباء التي تحدث عنها طارق الملا وزير البترول في يناير 2018 وأثناء افتتاح حقل ظهر منذ سنوات هي ذاتها أسباب الأزمة الحالية. خلال عرضه، وقف المُلا يبشر بمستقبل مصر الجديدة في خطاب شاعري تتحول فيه مصر من الظلام إلى النور، موضحًا حينها أن الغاز المستخرج من ظُهر سيوفر الكهرباء للمنازل والشركات في جميع أنحاء البلاد، ومعبرًا في الوقت نفسه عن لحظة إصرار وطني، قصة نجاح جديدة يكتبها قطاع البترول، كما وصفها. قصة ستحقق آمال وأحلام الشعب المصري، بما فيها التوقف عن استيراد الغاز سواء عن طريق الأنابيب أو شحنات الغاز المُسال التي كلفت الدولة، وقتها نحو ثلاثة مليارات دولار سنويًا.
قبل أيامٍ قليلة، وفي وسط صمت من الحكومة، أعلنت شركة هوج النرويجية للغاز عن اتفاقية مع الحكومة المصرية لتأجير سفينة تغويز عائمة لمدة عامٍ ونصف تقريبًا. هذه السفينة ستُمكن مصر من شراء شحنات من الغاز الطبيعي في صورته السائلة، لتحوله السفينة في مرساها في العين السخنة إلى غاز يُمكن ضخه بسهولة في شبكة الغاز القومية المصرية ليصل إلى محطات إنتاج الكهرباء، ليعوّض جزءًا من احتياجات الغاز لإنتاج الكهرباء التي فقدتها مصر على مدار السنوات القليلة الماضية.
الإعلان عن السفينة أتى بعد أسابيع قليلة من إعلان مشابه من الحكومة، التي قررت زيادة الواردات المصرية من الغاز الطبيعي الإسرائيلي بنحو أربعة مليارات متر مكعب سنويًا إضافية، لمدة 11 سنة بدءًا من صيف العام المقبل، ما يُمثل ضعفيّ كمية الغاز التي تحصل مصر عليه من إسرائيل سنويًا حاليًا.
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في يوليو الماضي إنه بسبب قصور تقديرات الدولة للاستهلاك الفعلي للكهرباء وعدم كفاية الموارد في أشهر الصيف، بالإضافة إلى انخفاض كفاءة محطات الكهرباء خلال الموجة الحارة، ستضطر الدولة إلى ترشيد التغذية الكهربائية لمدة شهر واحد على الأقل.
ألقى مدبولي في خطابه باللوم على موجة الحر غير المسبوقة، فيما طمأن ملايين المواطنين بأن قطاع الكهرباء قادر على تلبية الاحتياجات المستقبلية من الطاقة. ومع ذلك، قال محللون ومسؤولون إنه على الرغم من أن ارتفاع درجات الحرارة كانت بالتأكيد عاملًا مساهمًا في ذلك، إلا أن سوء تخطيط الحكومة وغياب استراتيجية مناسبة والسعي لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية قصيرة الأجل هي السبب الحقيقي وراء الحلقة المفرغة التي دفعت بمصر من انقطاع الكهرباء إلى فائض في إنتاجها إلى انقطاعها مرة أخرى في أقل من عقد تبرير مدبولي وقتها كان أن غالبية محطات الكهرباء في مصر تعتمد بشكل رئيسي على الوقود الأحفوري، وهو ما يفسر تكرار دورات التخمة والنقص.
مشكلة الكهرباء حاليًا تعود إلى شح الدولار، لأن مصر كانت بين خيارين، إما تصدير الغاز الطبيعي لتوفير النقد الأجنبي من أجل استيراد السلع الاستراتيجية، أو توفير الغاز الطبيعي لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء وضمان عدم قطعها. واختارت الحكومة تصدير الغاز الطبيعي من أجل توفير النقد الأجنبي ولهذا يحدث قطع الكهرباء من ساعة إلى ساعتين يوميا.
سوء الإدارة في مصر بشكل عام، وفي وزارة الكهرباء بشكل خاص وصل إلى أن الشركات تلقت أوامر من وزير الكهرباء “بتكهين و إغلاق” محطات تبلغ قدراتها 17 ألف ميغا وات، تنفذ على مراحل منذ 16 شهرًا. وطلب الوزير استخدام معدات المحطات التي أُخرجت من الخدمة -والتي تقل كفاءة التشغيل بها عن 70%- كقطع غيار للمحطات القائمة، وتحميل الأجزاء غير القابلة للاستخدام إلى مخازن مركزية تابعة للشركة القابضة لإنتاج وتوزيع الكهرباء، للاستفادة من مكوناتها، أو بيعها بمزادات. وأرجع المسؤولون القرار إلى رغبة الوزارة في التخلص من المحطات القديمة تدريجيا، وخفض قيم معدلات التوليد المقدرة بالشبكة الموحدة، بعد أن أصبحت أرقامها تمثل عبئا سياسيا على الحكومة، التي أنشأت محطات تفوق ضعف القدرات المطلوبة للاستهلاك حتى عام 2030.
عدم قدرة الوزارة على تدبير تمويل شراء معدات وقطع غيار محطات الكهرباء بالعملة الصعبة، وتراكم ديون قطاع الكهرباء بما يزيد عن 34 مليار دولار حاليا، وراء قرار”تخريد” المحطات، رغم أنها ما زالت في طور الخدمة التي تصل إلى 30 عامًا بالمحطات الحرارية التي تعمل بالمازوت والسولار، تقل إلى 25 عامًا بمحطات الغاز.
اقترضت الحكومة 15 مليار دولار لإنشاء محطات وشبكات نقل وتوزيع الطاقة، خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2018، ووقعت اتفاقات لاقتراض 21.3 مليار دولار لإقامة محطة توليد كهرباء نووية، تبلغ تكلفتها الإجمالية نحو 42 مليار دولار، وتتجه إلى دفع مستحقات شركة سيمنز الألمانية لنقل أصول محطات كهرباء أنشأتها، بقيمة 8.2 مليارات دولار، اعتبارًا من يناير/كانون الثاني القادم. توفر المحطات الجديدة، قدرات توليد بنحو 36 ألف ميغا وات.
الحر والمواطن هم السبب في قطع الكهرباء
يُرجع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قطع التيار الكهربائي إلى زيادة معدلات استهلاك المواطنين مع تعرض البلاد لموجة طقس شديد الحرارة، مؤكدا أنها ستنتهي خلال أيام.
أظهرت إحصاءات الوزارة تزايدا في اعتمادها على توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي من 74.3% إلى 79.6%، في الوقت الذي تعرضت فيه آبار الغاز إلى مشاكل فنية أفقدتها 75% من قدراتها الإنتاجية في إبريل/نيسان الماضي مقارنة بنفس الفترة من 2022، وفقا لتصريحات طارق الملا وزير البترول، أمام مؤتمر دولي عقد مؤخرا بفيينا.
ظلام وغلق مصانع
في الرابع من يونيو 2024 قطعت مصر إمدادات الغاز الطبيعي عن مصانع الأسمدة العاملة في البلاد، دون تحديد موعد لإعادة ضغط الغاز لمستوياته الطبيعية.
قرار خفض كميات الغاز سيسري على جميع شركات الأسمدة العاملة في السوق المصرية لحين تدبير كميات الغاز اللازمة للمصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، إذ تعد صناعة الأسمدة من الصناعات كثيفة الاستهلاك للغاز الطبيعي الذي يعتبر مدخلاً رئيسياً في الإنتاج. تسبب قرار اغلاق المصانع ووقف إمدادها بالغاز الطبيعي في أن تشهد البورصة المصرية انخفاضًا قويًا بضغط من قطاع الموارد الأساسية، والذي يشمل شركات الأسمدة والبتروكيماويات التي أعلنت توقفاً مؤقتاً لبعض المصانع، بسبب توقف الضخ عبر أنابيب الغاز. ردة فعل السوق على إعلان توقف المصانع كانت عنيفة، نتيجة لضعف قيم وأحجام التداول في السوق الذي كان يمر بمرحلة عرضية، مع عدم قدرة السوق على الاستمرار في الاتجاه الصعودي، وأي أخبار سلبية تؤثر بقوة أكثر في هذه الظروف.
وتسبب نقص إمداد الغاز لشركات الأسمدة، في هبوط قطاع الموارد الأساسية بالبورصة المصرية بنسبة 3.3% ، نتيجة تراجع أسهم شركات الأسمدة المكونة للمؤشر، وأبرزها شركات: مصر لإنتاج الأسمدة – موبكو بنسبة 2.34%، وأبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية بنسبة 4.89%، وسيدي كرير للبتروكيماويات – سيدبك بنسبة 4.76%، وانخفض سهم شركة الصناعات الكيماوية المصرية – كيما بنسبة 3.47%، فيما ارتفع سهم شركة المالية والصناعية المصرية وحيدًا بنسبة 9.89%، وذلك بعدما أعلنت الشركة عدم اعتمادها على الغاز في الإنتاج.
أحمد موسى يكذب لتبرئة الحكومة
الإعلامي الموالي للحكومة المستبدة في مصر، أحمد موسى قال كذبًا:
“احنا ماعانيناش ال9 سنين اللي فاتو من مشكلة الكهرباء، من 2015 لـ 2023 مكنش حد بيشتكى من الكهرباء”
تصريحات موسى عن عدم معاناة المصريين من مشاكل في قطاع الكهرباء لمدة 9 سنوات منذ 2015 حتى 2023 هي تصريحات كاذبة لتبرئة السيسي من الكوارث التي يعاني منها كافة المصريين والحقائق هي كالتالي:
طبقت الحكومة في ديسمبر 2022 خطة تخفيف الأحمال بهدف تقليل استخدام الغاز الطبيعي والاستفادة من تصديره إلى الخارج للحصول على العملة الصعبة. وتعالت حينها شكاوى المواطنين من تكرر انقطاع الكهرباء، وكشف موقعي “الشروق” و”مصراوي”، نقلًا عن مسؤولين في قطاع الكهرباء، عن وجود خطة غير معلنة لقطع الكهرباء عن كل محافظة لمدة ساعة إلى ساعتين بهدف توفير 15% من الغاز المستخدم ومن ثم تصديره من أجل توفير الدولار.
في سبيل ذلك أيضًا، أعلنت الحكومة عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء بدأت من أغسطس 2022، وشملت:
الغلق التام للإنارة الداخلية والخارجية لكافة الجهات والمصالح الحكومية عقب انتهاء ساعات العمل الرسمية.
تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية والمحاور الرئيسية.
إلزام المحلات والمولات بتخفيض الإضاءة، وعدم تخفيض أجهزة التكييف المركزية عن 25 درجة.
إلزام المنشآت الرياضية الكبرى مثل الأندية الرياضية، والاستادات الرياضية، وغيرها، بتخفيض استهلاك الكهرباء، والغلق التام للإنارة الخاصة بالصالات والاستادات عقب انتهاء الفعاليات التي تقام فيها مساء.
تخفيض استخدام الغاز الطبيعي، أنظف الهيدروكربونات احتراقًا، في توليد الكهرباء، مقابل التوسع في استهلاك المازوت، أحد أسوأ أنواع الوقود وأكثرها تلويثًا للبيئة والأقل كفاءة في توليد الكهرباء.
سخرية واستعلاء على المصريين واستدعاء أعداء الوطن:
مما يدل على أن السلطة المستبدة في مصر تتعالى على المصريين وتتعامل معهم بسخرية شديدة وتجاهل لمتطلبات حياتهم الأساسية أنها ناشدت المواطنين الذين تنقطع عنهم الكهرباء أكثر من ساعتين في اليوم أن يقوموا بإبلاغ السلطات المختصة!.
في الوقت الذي تعالت صرخات طلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم وناشدوا الحكومة بألا تقوم بقطع الكهرباء أثناء تأدية أبنائهم امتحانات الثانوية العامة.
استمرارًا لمسلسل السخرية واستفزاز المصريين واستدعاءً لشماعة أعداء الوطن، علق حمدي عبد العزيز -متحدث باسم وزارة البترول- علق على استمرار قطع الكهرباء لمدة 3 ساعات يوميًا، قائلًا: أعداء الوطن يقومون ببث أخبار كاذبة لإثارة الرأي العام بشأن زيادة تخفيف الأحمال وهو لم يحدث.
وأضاف في تصريحات تليفزيونية: أن ما حدث بالأمس من قطع الكهرباء لـساعة إضافية، كان إجراء مؤقت للحفاظ على كفاءة الشبكة القومية، متابعًا: الكهرباء تستهلك 60 % من إنتاج الغاز لتشغيل المحطات.
سدنة فرعون يبررون
منذ تولي الرئيس محمد مرسي سدة رئاسة الجمهورية في 2012 شكل الإعلاميين الموجهين من قِبل الأجهزة الأمنية المعروفين باسم ( اعلام السامسونج ) حائط عائق أمام مساندة رئيس الجمهورية ولم يكتفوا بذلك، بل شنوا حملات ضارية على الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا للتمهيد للانقلاب العسكري. أما اليوم فنفس هؤلاء الإعلاميين يبررون للمواطنين انقطاع الكهرباء و ارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن رغيف العيش.
قال المذيع أحمد موسى في برنامجه على قناة صدى البلد:
والله الناس هتتحمل …والله الناس هتتحمل الساعة والساعتين والثلاث ساعات وكفاية وكفاية”
المصريون يئنون
لا يخلو بيت من الشكوى من تأثير انقطاع التيار الكهربائي على حياتهم وأعمالهم ومستقبل أبنائهم، بعد قرار حكومي تنفذه إدارات الكهرباء وفق جدول يومي بتخفيف الأحمال بجميع أنحاء البلاد، ما عدا بعض المدن والمناطق السياحية والاستثمارية. قطاع كبير من المصريين يتعرّضون لخسائر يومية هائلة، ويتمثلون في صغار المصنّعين والتجار، كأصحاب الورش، ومصانع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتجار التجزئة، وتجار المواد الغذائية، ومحلات الألبان ومنتجاتها، والسوبر ماركت، والمصالح الحكومية كالشهر العقاري، ومكاتب التأمينات، والسجل المدني، وغيرها من الخدمات المقدمة للجمهور.
خطة تخفيف الأحمال أربكت حسابات الحكومة إلى حد كبير، فلم تكن قد مرت أشهر على تصريحات الوزير بأنَّ زمن التخفيف قد ولى، حتى أطفأت القاهرة أنوارها من جديد. لم تشأ الحكومة في بداية الأزمة التركيز على فكرة وجود عجز في إمدادات الغاز الطبيعي، خصوصاً أن مصر حققت اكتفاءً ذاتياً في الإنتاج بعد اكتشاف حقل ظهر، إلى أن أقر وزير الكهرباء بنقص إمدادات الوقود والغاز الطبيعي اللازمين لمحطات إنتاج الكهرباء.