يعتبر المراقبون أن ترتيب الدول في المؤشرات العالمية هو أحد المقاييس الهامة التي تؤشر إلى الحوكمة والحكم الرشيد، كما أنه يُعد مقياسً لعمل الحكومات في مختلف دول العالم.
يوجد العديد من المؤشرات العالمية التي تراقب وتقيس مدى تطور دولة ما أو اضمحلال مستواها بين الدول في مجالات الحياة المختلفة التي تؤثر سلبًا أو ايجابًا على حياة المواطنين في هذه الدول، منها على سبيل المثال: مؤشر التنمية البشرية ومؤشر الفساد ومؤشر الشفافية الدولية ومؤشر التنمية البشرية والتنافسية العالمية ومؤشر سيادة القانون ومؤشر السعادة.
جاء التقرير السنوي لمؤشر سيادة القانون لعام 2023 ليكون دليلًا عالميا على تدهور سيادة القانون في عهد عبد الفتاح السيسي لتواصل مصر في عهده تدهورًا متواصلًا في سيادة القانون، في الوقت الذي يتبارى فيه مؤيدو النظام العسكري في مصر في الإشادة فارغة المعني والمضمون بسيادة القانون في عهد السيسي.
احتلت مرتبة متأخرة جداً، لدرجة أنها جاءت في المركز الـ 136 من أصل 142 دولة على مستوى العالم في التقرير.
مؤشر سيادة القانون هو مؤشر عالمي يقيس مدى ثقة الناس في قوانين مجتمعهم والتزامهم بها، بالإضافة إلى جودة تطبيق القانون والشرطة والمحاكم، واحتمال وقوع الجريمة أو وقوعها. عنف.
اعتُبرت سيادة القانون أحد الأبعاد الرئيسة التي تحدد جودة إدارة البلد وحسنها. عرّفت الأبحاث -مثل مؤشرات الحوكمة العالمية- مصطلح سيادة القانون على النحو التالي: «هو مدى ثقة العملاء والتزامهم بقوانين المجتمع، لا سيما جودة إنفاذ العقود والشرطة والمحاكم، فضلًا عن احتمال مظاهر الجريمة أو العنف». بناءً على هذا التعريف، عمِلَ برنامج مؤشرات الحوكمة العالمية على تطوير معايير كلية لسيادة القانون في أكثر من 200 دولة.
وفقًا لما يستخدمه مشروع العدالة العالمية، وهو منظمة غير ربحية ملتزمة بالنهوض بسيادة القانون في جميع أنحاء العالم، يشير مصطلح سيادة القانون إلى نظام قائم على القواعد تُدعم من خلاله المبادئ العالمية الأربعة التالية
- تقع مسؤولية القانون على عاتق الحكومة ومسؤوليها ووكلائها.
- تكون القوانين واضحة ومعلنة ومستقرة وعادلة، وتحفظ الحقوق الأساسية، بما في ذلك حفظ أمن الأفراد والممتلكات.
- تكون العملية التي تُسن بموجبها القوانين وتدار وتطبَّق سهلة المنال وعادلة وفعالة.
- يوصل إلى العدالة عن طريق عدد كافٍ من القضاة أو المحامين أو المفوضين أو الموظفين القضائيين المختصين والمستقلين والأخلاقيين والذين يتمتعون بموارد كافية ويعكسون تكوين المجتمعات التي يخدمونها.
عَمِلَ مشروع العدالة العالمية على إنشاء فهرس لقياس مدى التزام الدول بسيادة القانون في الممارسة العملية. يتكون فهرس سيادة القانون (WJP Rule of Law Index) من 9 عوامل رئيسة و52 عاملًا فرعيًا، ويغطي مجموعة متنوعة من أبعاد سيادة القانون – مثل سواء أكان المسؤولون الحكوميون يخضعون للمساءلة بموجب القانون أم إذا كانت المؤسسات القانونية تحفظ الحقوق الأساسية وتتيح للناس العاديين فرصة الوصول إلى العدالة.
يقيس مؤشر سيادة القانون، الذي تصدره منظمة مشروع العدالة العالمي، مدى تطبيق القانون وتحقيق العدالة في 142 دولة حول العالم، ويساهم في صناعته عدد كبير من الباحثين، اعتمادًا على استبيانات من 149 ألف شخص عادي و3400 خبير قانوني.
حققت مصر في هذا المؤشر لعام 2023 0.35 مما يعتبر تراجعًا حادًا عن النقاط التي حققتها منذ عام 2015 والتي جاءت كالتالي:
العام | النقاط |
2015 | 0.44 |
2016 | 0.37 |
2017 | 0.36 |
2018 | 0.36 |
2019 | 0.36 |
2020 | 0.36 |
2021 | 0.35 |
2022 | 0.35 |
2023 | 0.35 |
يشير مؤشر سيادة القانون لعام 2023 أن مصر حققت المركز الأخير بين التسع دول التي تشكل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كما هو موضح بالشكل التالي:
يعتمد مؤشر سيادة القانون على ثمانية عوامل أساسية تحكم التقييم وهم:
- القيود المفروضة على صلاحيات الحكومة: الذي يقيس مدى التزام الحكومات بالقوانين وخضوعها لسلطاته جاءت مصر في المركز 140 من إجمالي 142 دولة في هذا المعيار وحققت 0.24 نقطة، كما جاء ترتيبها الأخير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المركز التاسع من تسع دول ) وجاء ترتيبها في دخل الفرد مقارنة بالدول المماثلة في الدخل في المركز 36 من 37.
إن الأسباب التي أدت لقبوع مصر في ذيل الأمم في معيار القيود المفروضة على سلطة الحكومة لواضحة وضوح الشمس في كبد السماء. فالنظام المستبد لا يترك للقانون فرصة أن يسود في البلد التي يحكمها، فالسيسي يحكم البلاد من منظور الوحدة العسكرية التي يتم حكمها فقط بالأوامر والتعليمات العسكرية. فنواب البرلمان غير قادرون على مسائلة الحكومة والحكومة هي من تضع القوانين بتسلطها على السلطتين التشريعية والقضائية. ويعد تعديل الدستور الذي سمح لرئيس الجمهورية بتعيين رؤساء الهيئات القضائية من العوامل الأساسية التي تؤسس تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وبالتالي سيادة وحكم القانون.
أما القيود غير الحكومية على سلطة الحكومة واللي بتمثلها الصحافة المستقلة، فهي في وضع أسوأ، لأنه الصحافة تم إخضاعها للرقابة الأمنية سواء عبر شراء بعض المحسوبين على الأمن للجرائد أو للمواقع الصحفية، أو تأميمها بشكل مباشر لصالح الأجهزة الأمنية، أو عبر إغلاقها وحجبها.
ولعل أبرز ما يدل على اخضاع الصحافة لمراقبة الحكومة وليس العكس هذا العدد الهائل من الصحفيين القابع وراء السجون في محاكمات لحرية الرأي والتعبير في مصر، وكذا الاعتقال الممنهج لأي صحفي يقوم بنشر موضوعات تخالف التوجه العالم للحكومة المصرية.
وفيما يخص رقابة منظمات المجتمع المدني على سلطات الحكومة فالعكس هو الصحيح، فإن الحكومة هي من تراقب منظمات المجتمع الدولي وتحاصرها بمجموعة من القوانين التي تحد من بيئة عملها في المجتمع المصري.
بداية من عام 2015 صار تدهور ترتيب مصر في معيار القيود المفروضة على صلاحيات الحكومة هو العامل الأساسي في مؤشر سيادة القانون مما يؤشر إلى السلطة المستبدة التي تقبض على مجريات الأمور في مصر متوغلة في ذلك على كافة السلطات الأخرى (التشريعية والقضائية) كما هو موضح بالجدول والشكل التاليين:
2015 | 0.39 |
2016 | 0.31 |
2017 | 0.33 |
2018 | 0.33 |
2019 | 0.29 |
2020 | 0.27 |
2021 | 0.24 |
2022 | 0.26 |
2023 | 0.24 |
لا يكتفي مؤشر سيادة القانون بالمعايير التي يتم القياس وفقها، إنما يندرج تحت كل من هذه المعايير مجموعة من المعايير الفرعية. ويأتي متفرعًا من معيار القيود المفروضة على سلطة الحكومة مجموعة من المعايير الفرعية نذكر منها:
1-1: القيود المفروضة على الحكومة من قِبل السلطة التشريعية: حققت مصر 0.07 نقاط في هذا المعيار الفرعي. وعالميًا احتلت ذيل الترتيب العالمي في المعيار الفرعي وهو القيود التي تفرضها السلطة التشريعية على الحكومة في المركز 142 من 142 دولة. أيضًا جاءت مصر في المرتبة الأخيرة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحيث احتلت المرتبة التاسعة من الدول التسع التي تشكل المنطقة. وفي مستوى الدخل للدول المماثلة، أيضً احتلت مصر المركز رقم 37 من إجمالي 37 دولة.
1-2 القيود التي تفرضها السلطة القضائية على الحكومة: حققت مصر 0.32 نقطة في هذا المركز. واحتلت المركز رقم 121 على المستوى العالمي، بينما جاء ترتيبها التاسع والأخير بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي معيار الدخل بالنسبة للدول المماثلة جاءت مصر في المركز ال 29 من 37 دولة.
1-3 صلاحيات الحكومة مقيدة عن طريق التدقيق المراقبة المستقلة: حققت مصر في هذا المعيار 0.27 نقطة وجاء ترتيبها على المستوى العالمي في المركز 134 من 142 دولة. بينما على الصعيد الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت مصر في المرتبة السابعة من 9 دول.
1-4 معاقبة المسئولين الحكوميين بسبب سوء السلوك: حققت مصر في هذا العامل واحدة من أفضل التقييمات وهي 0.38 نقطة. وجاء ترتيبها العالمي في المركز رقم 86 من إجمالي 142 دولة. بينما على صعيد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا جاءت مصر في المرتبة السابعة من أصل تسع دول.
1-5 تخضع الحكومة للرقابة والضوابط غير الحكومية: حققت مصر في هذا العامل 0.08 نقاط وجاء ترتيبها على المستوى العالمي في المركز الأخير بين دول العالم 142 من إجمالي 142 دولة. وبنفس الترتيب نجد أن مصر جاءت أيضًا في ذيل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحيث جاءت في المركز التاسع من تسع دول هم دول المنطقة. وتشير دلالات هذا العامل إلى أن الحكومة المصرية هي التي تفرض قيودًا مشددة على منظمات المجتمع المدني في الوقت الذي ينقسم فيه المجتمع المدني
1-6 انتقال السلطة يخضع للقانون: نجد في هذا العامل أن مصر قد حققت نقاط جيدة إلى حد ما وسنوضح في النهاية السبب وراء ذلك. حققت مصر في هذا العامل 0.33 نقطة وجاء ترتيبها عالميًا في المركز رقم 130 من 140 دولة، في الوقت الذي احتلت فيه المركز الأخير بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يرجع السبب في حصول مصر على نقاط جيدة في هذا العامل مقارنة بنقاطها في العوامل الأخرى إلى أن النظام المصري يحرص على الشكل الديمقراطي الخالي من المضمون، بحيث يتم إجراء الانتخابات وفقًا للقوانين التي فرضها النظام ووفقًا للتعديلات الدستورية التي شابها العديد من الشوائب بالإضافة إلى ممارسة الانتهاكات الأمنية والتضييق بل ومحاكمة المرشحين المعارضين مثل أحمد طنطاوي وأنصاره، إلا أنه في الوقت ذاته يُجري انتخابات وفقًا لقوانين ويحشد لها المواطنين عن طريق الترغيب في سلع استهلاكية أو خدمات حكومية أو بالترهيب عبر التلويح باستخدام فزاعة الغرامة المنصوص عليها قانونًا حال الامتناع عن التصويت أو حتى التلويح بالاعتقال والمطاردات الأمنية.
- المعيار الثاني: غياب الفساد: يقيس هذا المعيار مستوى الفساد في الحكومة من خلال (الرشوة واستغلال الوظيفة الحكومية لأغراض شخصية واختلاس الأموال سواء من المسئولين الحكوميين أو القضاء والجيش والشرطة والبرلمان). احتلت مصر المرتبة 102 من بين 142 دولة في معيار غياب الفساد، بينما على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت في المركز السابع بين تسع دول، في الوقت الذي جاء ترتيبها بين الدول المماثلة في الدخل 18 من 37 دولة. تُشير هذه الأرقام والاحصائيات إلى أن الفساد لايزال متغلغلاً في كل أركان الدولة المصرية وإن الإشادات بجهود مكافحة الفساد لا تتخطي تصريحات براقة من مسئولين يدافعون عن الحكومة.
وإذا ألقينا نظرة على ترتيب مصر في السنوات السابقة في معيار الفساد ضمن مؤشر سيادة القانون سنجد أن التدهور يزيد كل عام في هذا المعيار كما سنرى في الجدول والشكل التاليين:
النقاط | العام |
0.47 | 2015 |
0.45 | 2016 |
0.40 | 2017 |
0.40 | 2018 |
0.40 | 2019 |
0.40 | 2020 |
0.38 | 2021 |
0.38 | 2022 |
0.38 | 2023 |
تحت معيار غياب الفساد ضمن مؤشر سيادة القانون يندرج مجموعة من العوامل أو المعايير الفرعية التي تقيس الفساد في الدولة نذكر منها:
2-1 : لا يستخدم المسئولون الحكوميون مناصبهم لتحقيق أغراض ومكاسب شخصية: حققت مصر في هذا المعيار الفرعي 0.38 نقطة واحتلت المركز 105 على مستوى العالم من بين 142 دولة، بينما اقليميًا جاءت مصر في المرتبة السابعة من تسع دول وبين نظرائها من الدول متماثلة الدخل جاءت في المركز رقم 18من 37 دولة.
2-2
2-2 لا يستخدم المسؤولون الحكوميون في السلطة القضائية مناصبهم العامة لصالح القطاع الخاص: وحصلت مصر في هذا المعيار الفرعي 0.46 نقطة وجاء ترتيبها على الصعيد العالمي في المركز رقم 96 من 142 دولة، بينما اقليميًا جاء ترتيب مصر في المركز السابع من تسع دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في الوقت الذي جاءت في المركز الثاني عشر من 37 دولة متماثلة معها في الدخل.
2-3 المسؤولون الحكوميون في الشرطة والجيش لا يستخدمون المكاتب العامة لتحقيق مكاسب خاصة: وحققت مصر في هذا العامل على 0.43 نقطة وعلى الصعيد العالمي جاء ترتيب مصر في المركز 106 من 142 دولة في الوقت اذلي جاء ترتيبها اقليميًا في المرتبة الأخيرة بين الدول التسع المشكلة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما جاءت في المرتبة التاسعة عشر من بين 37 دولة تماثلها في الدخل.
2-4 لا يستخدم المسؤولون الحكوميون في السلطة التشريعية مناصبهم العامة لتحقيق مكاسب خاصة: وحققت مصر 0ز62 نقطة في هذا المعامل وجاء ترتيبها على الصعيد العالمي رقم 91 من 142 دولة، بينما جاء ترتيبها على صعيد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المركز السابع من تسع دول، وعلى صعيد الدول المتماثلة في الدخل جاء ترتيبها في المركز الثامنة عشر من 37 دولة.
- شفافية الحكومة
يقيس المعيار الثالث من مؤشر سيادة القانون الخاص ببرنامج مشروع العدالة العالمي WJP انفتاح الحكومة الذي يحدده مدى مشاركة الحكومة للمعلومات، وتمكين الأشخاص بالأدوات اللازمة لمساءلة الحكومة، وتعزيز مشاركة المواطنين في مداولات السياسة العامة. يقيس هذا العامل ما إذا كان يتم نشر القوانين الأساسية والمعلومات المتعلقة بالحقوق القانونية ويقيم جودة المعلومات التي تنشرها الحكومة.
حققت مصر في هذا المعيار 0.23 نقطة وجاء ترتيبها الأخيرة بين دول العالم في المركز 142 من بين 142 دولة، وبالمثل جاءت متذيلة قائمة الدولة المشكلة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحيث جاءت في المرتبة التاسعة بين تسع دول، لم تكتفِ تقديرات مصر بتذيل المستويين العالمي والإقليمي، بل أيضًا جاءت في المرتبة الأخيرة رقم 37 بين الدول المماثلة في الدخل وهم 37 دولة.
ويشير بعض المراقبون إلى أن مصر لديها تجربة رائدة بالسلب فيما يتعلق بالقرارات الحكومية التي تؤثر على حياة المواطنين اليومية بحيث يتزامن مفاجأة الحكومة لمواطنيها بقرارات رفع أسعار بعض السلع والخدمات بالتزامن مع مباريات هامة لكرة القدم (مباريات القمة بين الأهلي والزمالك) أو في مساء ليلة الجمعة) بحيث يستيقظ المصرين من نومهم ليفاجئوا بأن تكلفة المعيشة قد زادت وهم لا يدرون.
يبدو الأمر جليًا أن الحكومة المصرية لا تعترف بحق المواطنين في مناقشة أمور حياتهم والقرارات التي من الممكن أن تؤثر تأثيرًا بالغاً على حياتهم، وانما تستأثر الحكومة بهذه المشاركة المنفردة فقط مع المقربين منها ليتخذوا هم التدابير اللازمة لذلك. بسياسة المفاجآت التي تتبعها السلطات المصرية في قراراتها تنفي فكرة أن المواطنين هم شركاء في الوطن ومن الواجب اشراكهم في عملية اتخاذ القرار، وفي الوقت ذاته فإن سياسة الانفراد بالقرارات ومفاجأة المواطنين بها ترسخ فكرة الحكم العسكري الذي يرسخ لفكرة العمل السري المنظم وسياسة الإدارة بالأوامر المباشرة فقط، وهذا، إن كان يصلح للمؤسسات العسكرية بهدف مباغتة العدو، فإنه لا يصلح لإدارة شئونه مواطني الدولة بحيث تضعهم السلطات المدنيه شكلا والعسكرية مضمونًا موضع العدو الذي يجب مباغتته.
شفافية الحكومة خلال السنوات الأخيرة:
شهد معيار شفافية الحكومة ضمن مؤشر سيادة القانون تدهورًا حادًا في مصر منذ عام 2015 بحيث كان أعلى مستوى للنقاط حققته مصر كان في عام 2015 بحيث حققت 0.42 نقطة بينما امتد التدهور حتى عام 2023 حيث حققت مصر 0.23 نقطة كما سنوضح في الجدول والشكليين القادميين:
النقاط | العام |
0.42 | 2015 |
0.23 | 2016 |
0.25 | 2017 |
0.25 | 2018 |
0.22 | 2019 |
0.22 | 2020 |
0.22 | 2021 |
0.23 | 2022 |
0.23 | 2023 |
يندرج تحت معيار شفافية الحكومة أربعة عوامل أو معايير فرعية تؤشر على غياب الشفافية عن الممارسات الحكومية في مصر نستخلص منها:
3-1: القوانين المعلنة والبيانات الحكومية: حققت مصر في هذا المعيار الفرعي 0.31 نقطة وجاء ترتيبها على الصعيد العالمي 95 من بين 142 دولة وعلى الصعيد الإقليمي في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط جاءت في المرتبة السادسة من بين تسع دول، وبين الدول المماثلة في الدخل جاء ترتيب مصر السابعة عشر من بين 37 دولة مماثلة.
3-2: الحق في الحصول على المعلومات: حققت مصر في هذا المعيار الفرعي 0.12 نقطة وجاء ترتيبها الأخيرة عالميًا حيث جاءت في المرتبة الأخيرة 142 من بين 142 دولة، وبنفس الترتيب جاءت مصر في المرتبة الأخيرة بين دول الشرق الأوسط، حيث حصلت على المرتبة التاسعة من بين تسع دول في المنطقة، وكذلك جاءت مصر في المرتبة ال 37 والأخيرة بين الدول المتماثلة في الدخل في هذا المعيار الفرعي.
لا تزال الفجوة بين الشعب والحكومة قائمة، ولا تزال الهوة الناتجة عن المعلومات المغلوطة وأزمتي الثقة والاحترام متواجدة. فعلى مدار عشرات السنين، تخفي الدولة المصرية المعلومات عن الشعب، وتسمح لهم أحياناً بالوصول إلى بعض المعلومات في بعض المواقف على سبيل العطايا للشعب. نوع المعلومات المحجوبة ليس فقط معلومات حربية أو مخابراتية- كما هو معتاد- ولكنها أيضاً معلومات بشأن الموازنة العامة، ومشروعات البنية التحتية، وتخصيص الموارد. إن حق الحصول على المعلومات يعتبر من الحقوق غاية في الأهمية التي من شأنها أن توجه الدولة لتتوافق إرادتها مع إرادة الشعب. فلا يسعنا القول بوجود حكومة ديمقراطية دون تطبيق مبدأي الشفافية ونشر المعلومات. فعند وجود نقص في المعلومات، يوجد نقص في الثقة، وبدون ثقة الشعب لن تعمل الحكومة بفاعلية وسيظل الشعب في معاناة. فبدون الحصول على الحق في تداول المعلومات للجميع على وجه متساو، لا يمكن للشعب مساءلة الحكومة ولا يمكنه كشف الفساد أو تحقيق العدالة الاجتماعية.
حق الوصول إلى المعلومات هو الحق المكفول لكل مواطن في الحصول على المعلومات علناً. وهو حق مرتبط بحق حرية التعبير عن الرأي، خاصة الحقوق التي لها علاقة بالبحث عن المعلومات والأفكار واستقبالها وتبادلها. يعتبر حق الوصول إلى المعلومات أحد أركان الديموقراطية وهو الواقي من انتشار الفساد، كما يعتبر الخطوة الأولى في تطبيق الحقوق الاقتصادية الاجتماعية الأساسية (مثل: الحق في السكن والغذاء والخدمات الاجتماعية) عن طريق جعل الحكومة أكثر شفافية وقبولاً للمساءلة أمام الشعب. فالحق في تداول المعلومات يدل على أن الحكومة لا تحتفظ بالمعلومات لصالحها ولكنها تعمل بذلك على خدمة الصالح العام.
الحق في الوصول إلى المعلومات في الدستور المصري
على الرغم من توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الفساد، فإن حق تداول المعلومات ظهر لأول مرة في الدستور المصري عام 2012؛ حيث تنص المادة 47 على:
الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق، والإفصاح عنها، وتداولها، حق تكفله الدولة لكل مواطن؛ بما لا يمس حرمة الحياة الخاصة، وحقوق الآخرين، ولا يتعارض مع الأمن القومي.
وينظم القانون قواعد إيداع الوثائق العامة وحفظها، وطريقة الحصول على المعلومات، والتظلم من رفض إعطائها، وما قد يترتب على هذا الرفض من مساءلة.
كان النقد الأساسي لهذا النص هو الغموض فيما يتعلق بمصطلح “الأمن القومي”. ينظم القانون الحدود المسموح بها للحصول على المعلومات بما يتناسب مع الأمن القومي، وجميع الهيئات الحكومية تخضع لحق حجب المعلومات عن العامة لحماية الأمن القومي. ولكن المعنى المبهم لمصطلح “الأمن القومي” يعطي فرصة لتبرير حجب جميع المعلومات. فالموازنة الوطنية والإقليمية والمحلية ليست من قضايا الأمن القومي. خطط التنمية العمرانية ليست لها علاقة بالأمن القومي. العقود التي تبرمها الحكومة ليست لها علاقة بالأمن القومي. يخلق هذا الغموض ثغرة يتهرب بها صناع القرار من المسائلة.
أما في دستور 2014 فقد تم إلغاء الشروط المقيدة لحق الحصول على المعلومات (المساس بالحريات الخاصة، وحقوق الآخرين، والتعارض مع الأمن القومي) من نص المادة 68 التي أحالت كل هذه الأمور للقانون. كما تم إضافة نص يلزم مؤسسات الدولة بحفظ وتأمين الوثائق. تنص المادة 68 على أن:
المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا.
وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون.
إلى الآن لم يصدر قانون “حرية تداول المعلومات” الذي تشير إليه هذه المادة. تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2012، قامت بعض منظمات المجتمع المدني والأكاديميات والشخصيات العامة بصياغة “مشروع قانون حرية تداول المعلومات” وقدمته إلى مجلس الشعب.1 تمت صياغة تعريف مصطلح “الأمن القومي” في مشروع القانون كالتالي:
- الخطط والعمليات العسكرية، وضع الاستعداد والطاقة التشغيلية للوحدات العسكرية، بما في ذلك تحديد وقوة البناء القيادي وتنظيم القوات والوحدات، والمعدات الخاصة بالقوات المسلحة، طالما كانت هذه المعلومات قيد التنفيذ.
- الأسلحة وإنتاجها، طاقتها واستخدامها، بما في ذلك المواصفات والابتكارات الفنية.
- إجراءات تأمين الأفراد والمواد والنظم والمرافق ضد أي هجوم يمثل خطرا على الأمن القومي.
- المعلومات المدرجة تحت الفئات المذكورة أعلاه التي تم عرضها من قبل دولة أجنبية أو جهاز دولي، والتي طلب منها تصريحيا وكتابيا وضع هذه الأمور تحت طي الكتمان.
- التحقيقات الجنائية، المتعلقة بأمور مدرجة تحت الفئات التي تم ذكرها سلفاً.
- أنشطة المخابرات السرية، مصادر التقنيات المتعلقة بأمور مدرجة تحت الفئات التي تم ذكرها سلفا.
يأتي تذيل مصر الترتيب العالمي والإقليمي وبين الدول المتماثلة في الدخل في معيار الحق في الوصول للمعلومات ترسيخًا لآليات الحكم العسكري الذي يتعامل مع الدولة المصرية أنها وحدة عسكرية لابد وأن تُدار بمنطق السرية التامة، وكما يتعامل مع المصريين أنهم الجنود في تلك الوحدة العسكرية بأنه لا حق للجندي بمعرفة سوي من يمليه على قائده من أوامر وانما من المحرمات السؤال عن الأسباب أو النتائج أو محاولة الحصول على المعلومات التي أدت لاتخاذ مثل هذه القرارات لأن ذلك يوجب محاكمته عسكريًا.
3-3 المشاركة المدنية:
المشاركة المدنية هو وصف لكيفية انخراط الأفراد في مجتمعاتهم لإحداث فرق إيجابي في حياة المواطنين، وتعتمد على الأيديولوجية التشاركية، كما يعتمد نجاحها على ميل الناس إلى اعتبار أنفسهم جزءاً لا يتجزأ من المجتمع؛ مما يجعلهم ينظرون إلى مشاكل المجتمع على أنها تمسهم شخصياً، وهم على استعداد للعمل على تصليح المُشكلات المتعلقة بالمجتمع لدرايتهم بتأثيرها الأخلاقي والمدني على تأمين الصالح العام. تنطوي المشاركة المدنية على الإحساس بالمسؤولية الشخصية للقيام بدور الفرد كعضو في مجتمع أو بلد. ذلك من خلال تبني قيم حقوق الإنسان (مثل التعاون والاحترام والإدماج (الإشراك (والإنصاف والقبول واحترام التنوّع والمسؤولية) في تصرفات وأعمال الفرد اليومية وفي تفاعله مع الآخرين.
مما سبق يتضح لما الأهمية المتزايدة للمشاركة المدنية بحيث تنمي الشعور بالانتماء لأن المواطنين هم شركاء في المجتمع. وعلى الرغم من أهمية المشاركة المدنية التي أشرنا لها سابقًا إلا أن مصر حققت فقط 0.17 نقطة في المشاركة المدنية وجاء ترتيبها العالمي 142 من بين 142 دولة، بينما على صعيد إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت مصر في المرتبة الثامنة من بين تسع دول وبين الدول المتماثلة في الدخل جاء ترتيب مصر في المرتبة ال 36 من بين 37 دولة.
304 آليات تقديم الشكاوى:
يقيّم هذا المؤشر الفرعي مدى وجود آليات فعّالة للمواطنين لتقديم الشكاوى، ومدى وجود حق في تقديم الالتماسات والمشاركة المدنية. حققت مصر في هذا المعيار الفرعي 0.32 نقطة وجاءت في المرتبة ال 38 بين 142 دولة واقليميًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت في المرتبة الثامنة من بين تسع دول، بينما على صعيد الدول المتماثلة في الدخل جاءت في المرتبة 33 من بين 37 دولة.
- المعيار الرابع: الحقوق الأساسية:
يعترف العامل الرابع من مؤشر سيادة القانون الصادر عن برنامج العدالة العالمي بأن نظام القانون الوضعي الذي يفشل في احترام حقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليها في القانون الدولي هو في أفضل الأحوال “حكم بالقانون”، ولا يستحق أن يطلق عليه نظام سيادة القانون. ونظرًا لوجود العديد من المؤشرات الأخرى التي تتناول حقوق الإنسان، ولأنه سيكون من المستحيل على المؤشر تقييم مدى الالتزام بمجموعة الحقوق الكاملة، فإن هذا العامل يركز على قائمة متواضعة نسبيًا من الحقوق الراسخة بموجب الإعلان العالمي للأمم المتحدة. حقوق الإنسان وترتبط ارتباطًا وثيقًا بمخاوف سيادة القانون. إن سيادة القانون مبدأ أساسي يضمن مساءلة الحكومة وحماية حقوق الإنسان الأساسية. ويتطلب ذلك أن تكون القوانين واضحة ومتاحة للعامة ومطبقة بشكل عادل.
حققت مصر في هذا المعيار الرابع من مؤشر سيادة القانون والذي يتضمن الحقوق الأساسية 0.24 نقطة وجاء ترتيبها في المنظمة العالمية رقم 140 من 142 دولة أي أنها تقترب من تذيل دول العالم في ضمانات الحقوق الأساسية في سيادة القانون، بينما على الصعيد الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت مصر في المرتبة الثامنة من بين تسع دول، وبين الدول المتماثلة في الدخل، جاءت مصر في المرتبة ال 35 من بين 37 دولة.
وكما كان الحال في المعايير الثلاثة السابقة من مؤشر سيادة القانون فإن العامل الرابع وهو الحقوق الأساسية شهد تدهورًا خادصا خلال السنوات الأخيرة منذ عام 2015 وحتى عام 2023 كما هو موضح:
العام | النقاط |
2015 | 0.32 |
2016 | 0.29 |
2017 | 0.30 |
2018 | 0.30 |
2019 | 0.29 |
2020 | 0.28 |
2021 | 0.24 |
2022 | 0.25 |
2023 | 0.24 |
يندرج تحت معيار الحقوق الأساسية ثمانية عوامر ومعايير فرعية نشرحها كما هي موضحة تاليًا:
4-1 المساواة في المعاملة وعدم التمييز: حققت مصر في هذا العامل الفرعي 0.44 نقطة وجاء ترتيبها على الصعيد العالمي في المرتبة رقم 119 من بين 142 دولة بينما على صعيد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت مصر في المرتبة السادسة من بين تسع دول وبين الدول المتماثلة في الدخل جاءت مصر في المرتبة ال 25 بين 37 دولة.
4-2 الحق في الحياة والأمن للشخص مكفول بشكل فعال: حققت مصر في هذا المعيار الفرعي 0.16 نقطة وجاءت عالميًا في المرتبة 138 من بين 142 دولة، وعلى صعيد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت مصر في المرتبة الأخيرة من بين تسع دول، وعلى صعيد الدول المتماثلة في الدخل جاءت في المرتبة ال 35 من بين 37 دولة.
يؤكد حقوقيون أن العقد الماضي الذي حكمه وزير الدفاع السابق الذي يتولى رئاسة مصر حاليا عبد الفتاح السيسي كان الأسوأ في سجل حقوق الإنسان. وتحدثوا عن صعوبات جمة في الدفاع عن حقوق المساجين السياسيين.
قالت منظمة العفو الدولية في أحدث تقرير لها عن الحق في الحياة وحالة حقوق الإنسان في مصر بوجه عام” “يتعين على قادة الاتحاد الأوروبي أن يعكسوا مسارهم وأن يشيروا إلى أن التقاعس عن معالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر يتناقض مع ركيزة أساسية للتعاون مع الاتحاد الأوروبي. ويجب عليهم البدء بالضغط على السلطات المصرية للإفراج عن الآلاف من الذين طال احتجازهم التعسفي، ووضع حد لقمعها للمجتمع المدني، واحترام الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي. “
وردت تقارير عديدة تفيد بارتكاب الحكومة أو وكلائها عمليات قتل تعسفية أو غير قانونية أثناء قيامهم باعتقالات أو احتجاز أشخاص. وقد أفادت جماعات حقوقية محلية ودولية عن حالات تعرض فيها أشخاص للتعذيب حتى الموت ومزاعم أخرى عن عمليات قتل في السجون ومراكز الاحتجاز على أيدي قوات الأمن. وقام مكتب النائب العام بتوجيه الاتهام إلى الجناة ومقاضاتهم وإدانتهم في عدد صغير من القضايا، لكن عدم المساءلة ظل يمثل مشكلة خطيرة.
ولقد حددت جماعات حقوق الإنسان وأفراد الأسرة عدة معتقلين ماتوا أثناء الاحتجاز بسبب سوء المعاملة أو الإهمال. وأفاد تقرير صادر عن منظمة مراقبة محلية أن 52 سجيناً ومعتقلًا ماتوا نتيجة سوء المعاملة أو الإهمال الطبي خلال العام. هذا ما أثبته التقرير، علمًا بأن جهات أخرى كانت قد سجلت أرقامًا أكبر من ذلك، ولاتزال عملية القتل الممنهج داخل مقارات الاحتجاز عن طريق الاهمال الطبي في تزايد، لعل آخرها وفاة معتقل شاب داخل سجن أبو زعبل بتاريخ 7 مارس 2024.
4-3 الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المتهم: حققت مصر في هذا المعيار الفرعي 0.28 نقطة وجاءت في المرتبة رقم 134 عالميا، بينما جاءت في المرتبة الأخيرة من بين تسع دول تشكل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومن بين الدول المتماثلة في الدخل جاءت مصر في المرتبة ال 32 من بين 37 دولة.
لأسباب متعددة حققت مصر هذه المرتبة المتدنية عالميًا واقليميًا وبين الدول المتماثلة نلخص منها :
أفرد المشرع المصري الباب الثالث من الدستور الذي تم تعديله علم 2019 أسماه باب الحقوق والحريات والواجبات العامة جاء فيه في المادة رقم 51 والتي تنص على ” الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها” كفل النص الدستوري في هذه المادة حماية وصون الكرامة الإنسانية، إلا أنه وبالنزل إلى أرض الواقع نجد أن أغلب المصريين في عهد السيسي قد أُهدرت كرامتهم ففي أثناء عمليات الاعتقال يتعرض، ليس فقط المعتقل بل أهله لمعاملة مهينة تهدر كرامتهم. وبعد الانتقال إلى التحقيق في مقرات الاحتجاز يتم انتزاع كرامة المعتقل للحصول على اعترافات كاذبة تحت وطأة التعذيب والإهانة. موضع آخر يتم فيه إهدار كرامة المصريين حين لا يستطع المواطن تلبية احتياجات أسرته الأساسية ومن يعترض منهم يتم التنكيل به وبأسرته. في الآونة الأخيرة انتشرت مقاطع فيديو على كافة وسائل التواصل الاجتماعي لمواطنين كان أغلبهم من مؤيدي السيسي يصرخون من غلاء الأسعار بل ويهدد البعض منهم بالانتحار ومنهم من حاول الانتحار بسبب اهدار كرامته وعدم قدرته على تلبية احتياجات أسرته الأساسية. أفادت تقارير حقوقية محلية ودولية، وأشار محامون حقوقيون إلى أن أغلب التحقيقات مع المعتقلين تمت في عدم حضور المحامين أو تم منع المحامين من حضور التحقيقات. ويجب هنا الإشارة إلى واقعة معلومة وهي اعتقال المحامي الحقوقي محمد الباقر في الوقت الذي كان يستعد لحضور التحقيق مع موكله الناشط السياسي علاء عبد الفتاح من مقر نيابة أمن الدولة العليا. تدوير القضايا أو الاعتقالات هو وقائع إعادة احتجاز من صدر بحقهم قرار بإطلاق السراح عقب انتهاء مدة الحكم، أو قرار بإخلاء السبيل، أو حكم بالبراءة،إلخ. بدأت السلطات المصرية تلك الممارسة بشكل محدود في الفترة من عام 2016 وحتى عام 2018، ثم بدأ التوسع في استخدامها تدريجياً من عام 2018، ووصلت ذروتها بحلول العام 2020، ولا تزال مستمرة رغم المطالبات المتكررة من المنظمات الحقوقية بإخلاء سبيل المتهمين غير المتورطين في أعمال عنف والإفراج عنهم خاصة في ظل انتشار جائحة كورونا. هذه الممارسة لا يمكن فصلها عن سلسلة أخرى ممنهجة من الممارسات والانتهاكات التي تقوم بها السلطات الأمنية المصرية والتي تستهدف احتجاز المعارضين للنظام القائم والتنكيل بهم أمنياً بعد أحداث 3 يوليو 2013. تلك الممارسة تهدف إلى احتجاز المعارضين لفترات غير محدودة بحسب رؤية السلطات الأمنية دون الالتزام بالقرارات والأحكام القضائية، وذلك امتدادا لممارسات كانت تستهدف نفس الغرض قبل ثورة 25 يناير2011 لكن باستخدام آليات جديدة.
4-4 حرية الرأي والتعبير مضمونة بشكل فعال: حققت مصر في هذا المعيار الفرعي 0.08 نقطة وجاءت في المرتبة الأخيرة بين كافة دول العالم، وبالمثل تذيلت مصر قائمة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجاءت في المرتبة التاسعة من بين تسع دول، وأيضاً تذيت قائمة الدول المتماثلة معها في الدخل حيث جاءت في المرتبة ال 37 من بين 37 دولة.
يدلل أحدث تقرير نشرته منظمة هيومان رايتس واتش عن حالة حقوق الإنسان في مصر على تذيل مصر قائمة الدول من حيث حرية الرأي والتعبير حيث قالت:” واصلت السلطات حملتها الوحشية لإسكات المنتقدين وسحق حرية التعبير وحرية التجمع. قالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أبريل/نيسان، في ملاحظاتها الختامية، إنها قلقة “إزاء استخدام القوانين الجنائية التقييدية استخداما غير سليم لتقييد وقمع حرية التعبير المشروعة، بما في ذلك حرية الصحفيين”.في أكتوبر/تشرين الأول، بعد تصاعد الأعمال القتالية في إسرائيل وفلسطين، اعتقلت السلطات وحاكمت عشرات المتظاهرين والناشطين في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في القاهرة والإسكندرية. كما اعتقلت السلطات عشرات المتظاهرين في عدة احتجاجات لا تتعلق بفلسطين في القاهرة، ومرسى مطروح، وشمال سيناء. طوّقت قوات الأمن مرارا احتجاجات سلمية لمنع المزيد من الأشخاص من الانضمام، وفي مناسبات عدة، استخدمت الهراوات، والعصي، وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين بعنف.”
4-5 حرية المعتقد والدين مضمونة بشكل فعال: حققت مصر في هذا العامل الفرعي 0.22 نقطة وجاء ترتيبها على المستوى العالمي رقم 136 من بين 142 دولة، بينما على صعيد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت في المرتبة السابعة من بين تسع دول وعلي صعيد الدول المتماثلة في الدخل جاءت مصر في المرتبة ال 34 من بين 37 دولة.
4-6 التحرر من التدخل التعسفي في الخصوصية مضمون بشكل فعال: حققت مصر في هذا العامل الفرعي 0.14 نقطة وجاءت عالميًا في المرتبة 130 من 142 دولة وعلى صعيد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت في المرتبة الثامنة من بين تسع دول، وبين الدول المتماثلة في الدخل جاءت في في المرتبة 31 من بين 37 دولة
4-7 حرية التجمع وتكوين الجمعيات مضمونة بشكل فعال: حققت مصر في هذا العامل الفرعي 0.22 نقطة وجاء ترتيبها العالمي 139 بين 142 دولة بينما على صعيد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت في المرتبة الثامنة من بين تسع دول وعلى صعيد الدول المتماثلة في الدخل جاءت في الترتيب رقم 35 من بين 37 دولة.
اتفقت كافة المنظمات الحقوقية، بل ودول العالم ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية أن مجال حقوق الإنسان في مصر هو مجال شائك ومحمل بالعديد من الانتهاكات غير المسبوقة وللتدليل على ذلك نذر مقتطفات من تقرير الخارجية الأمريكية السنوي في أحدث اصدار لها حين قال:
” و. التدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصية أو الأسرة أو المنزل أو المراسلات
ينص الدستور على خصوصية المنزل والمراسلات والمكالمات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال. ومع ذلك، كانت هناك تقارير تفيد بأن الأجهزة الأمنية وضعت بانتظام المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين والصحفيين والأجانب والكتاب تحت المراقبة، وكانت تراقب اتصالاتهم الخاصة؛ وتفحص مراسلاتهم، بما في ذلك البريد الإلكتروني وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي؛ وكذلك تم فحص سجلاتهم المصرفية؛ وتم تفتيش الأشخاص ومنازلهم دون إذن قضائي؛ وكذا الممتلكات الشخصية المُصَادرة خارج نطاق القضاء. وقبل الاحتجاجات أو المظاهرات المخطط لها، كانت هناك تقارير عن قيام الشرطة بإيقاف الشباب في الأماكن العامة وتفتيش هواتفهم المحمولة بحثاً عن أدلة على تورطهم في أنشطة سياسية أو انتقادهم الحكومة.
ينص الدستور على الحق في الخصوصية، بما في ذلك على الإنترنت، وعلى سرية و”حُرمة” المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية؛ والاتصالات الهاتفية؛ ووسائل الاتصال الأخرى، لكن القانون يسمح للرئيس بإصدار توجيهات مكتوبة أو شفهية لمراقبة واعتراض جميع أشكال الاتصالات والمراسلات، وفرض الرقابة قبل النشر، ومصادرة المطبوعات.
كانت المراقبة مصدر قلق كبير لمستخدمي الإنترنت. وهناك أوامر قضائية مطلوبة للسلطات لدخول أو تفتيش أو مراقبة الممتلكات الخاصة مثل المنازل. ولكن افتقرت عمليات المراقبة الحكومية إلى الشفافية، ومن المحتمل أن تنتهك حماية الخصوصية المنصوص عليها في الدستور. وكانت هناك تقارير موثوقة بأن الحكومة قامت بمراقبة الاتصالات الخاصة عبر الإنترنت دون سلطة قانونية مناسبة، بما في ذلك استخدام الهجمات الإلكترونية للوصول إلى الأجهزة والحسابات الخاصة بالمدافعين عن حقوق الإنسان، وأعضاء المجتمع المدني الآخرين، والمنتقدين الفعليين أو المتصورين للحكومة.
وفقاً لتقرير “الحرية في العالم” Freedom in the World الصادر عن مؤسسة فريدام هاوس Freedom House لعام 2022، فإن قانون مكافحة جرائم الإنترنت وجرائم تكنولوجيا المعلومات يتطلب من شركات الاتصالات تخزين بيانات المستخدمين لمدة 180 يوماً، مما يتيح مزيداً من المراقبة الحكومية على نطاق واسع.
وقد أفادت وسيلة إعلامية مستقلة عن حدوث تشديد في الإجراءات الأمنية في الأيام التي سبقت ذكرى ثورة 25 يناير. وأفاد المصدر بأن ضباط الشرطة طلبوا من أصحاب جراجات السيارات في المناطق القريبة من ميدان التحرير تقديم معلومات عن السيارات وسائقيها في جراجاتهم. وقال محامٍ بارز إن الممارسات الأخرى التي سبقت الذكرى تشمل زيادة عمليات التفتيش على الهواتف المحمولة، والمزيد من نقاط التفتيش الأمنية، والمطالبة بعقود إيجار من أصحاب المباني القريبة من ميدان التحرير. وذكر محامون حقوقيون لوسائل إعلام محلية أن هذه الإجراءات انتشرت جغرافيا خلال العام واستهدفت السكان حتى الجيزة ومدينة نصر.”
4-8 حقوق العمل الأساسية مضمونة بشكل فعال: حققت مصر في هذا العامل الفرعي 0.37 نقطة وجاء ترتيبها على الصعيد العالمي رقم 138 من بين 142 دولة وعلى صعيد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت مصر في المرتبة الثامنة من بين تسع دول وعلى صعيد الدول المتماثلة في الدخل جاءت مصر في المرتبة ال 35 من بين 37 دولة.
- العامل الخامس النظام والأمن: يقيس العامل 5 من مؤشر سيادة القانون الصادر عن WJP مدى ضمان المجتمع لأمن الأشخاص والممتلكات. يعد الأمن أحد الجوانب المحددة لأي مجتمع يسوده القانون، وهو وظيفة أساسية للدولة. وهو أيضًا شرط مسبق لإعمال الحقوق والحريات التي تسعى سيادة القانون إلى تعزيزها.
حققت مصر في هذا العامل 0.62 نقطة وجاء ترتيبها على الصعيد العالمي 112 من بين 142 دولة، بينما احتلت المرتبة الأخيرة بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المرتبة التاسعة من بين تسع دول، وعلى صعيد الدول المتماثلة معها في الدخل جاءت في المرتبة 27 من بين 37 دولة.
من اللافت للنظر أن مصر حققت في هذا العامل الخامس المتمثل في الأمن و النظام مرتبة متقدمة إلى حد ما مقارنةً بالعوامل السابقة، ويشير هذا التقييم لهذ العامل إلى اهتمام النظام العسكري في مصر بعامل الأمن وفرض النظام الذي يضمن سيطرتها الكاملة على مقدرات الأمور في البلاد وعدم إعطاء فرصة للعامل المدني أو المجتمعي للمشاركة فيه أو بمتنفس من الحرية أو المشاركة المجتمعية المدنية كما أسلفنا الذكر.
وبنظرة شاملة على تقييمات مصر خلال السنوات الأخيرة في عامل النظام والأمن نجد أنه مثل العوامل السابقة فإن تقييم مصر في حتى في عامل النظام والأمن قد أصابه التدهور خلال السنوات الماضية وفقًا للجدول والشكل التاليين:
العام | التقييم |
2015 | 0.69 |
2016 | 0.49 |
2017 | 0.51 |
2018 | 0.51 |
2019 | 0.51 |
2020 | 0.57 |
2021 | 0.63 |
2022 | 0.63 |
2023 | 0.62 |
- إنفاذ اللوائح التنظيمية: يقيس العامل 6 من مؤشر سيادة القانون الصادر عن WJP مدى تنفيذ الأنظمة وإنفاذها بشكل عادل وفعال. تنظم اللوائح، القانونية والإدارية، السلوكيات داخل الحكومة وخارجها. ولا يقيم هذا العامل الأنشطة التي تختار الحكومة تنظيمها، ولا يأخذ في الاعتبار مقدار التنظيم المناسب لنشاط معين. بل إنه يدرس كيفية تنفيذ اللوائح وإنفاذها.
حققت مصر في هذا العامل السادس المتعلق بتطبيق اللوائح والأنظمة 0.36 نقطة وجاء ترتيبها بين دول العالم في المرتبة ال 133 بين 142 دولة، بينما على الصعيد الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جات في المرتبة الأخيرة من بين تسع دول، وعلى صعيد الدول المتماثلة معها في الدخل جاءت في المرتبة 32 من بين 37 دولة.
يتضح لنا من خلال التقارير الدولية والقرارات الحكومية في مصر أن تنفيذ الإجراءات الإدارية في مصر يتسم بالتعقيد الشديد، كما أنه يُدخل المواطن في دوامات من التعقيد والبيروقراطية التي لا تنتهي. كما يظهر عدم احترام القوانين واللوائح أغلبه في مصادرة الأراضي وإزالة المباني والذي يتم بالقوة الحبرية عن طريق الشرطة وبدون رضا المواطنين في ظل صرخات منهم. هناك ادعاءات بحدوث عمليات إخلاء غير عادلة في مدينة بورسعيد بمصر. وتشير المعلومات المتواترة إلى أن عمليات الإخلاء هذه تتم بشكل غير عادل، مع إثارة المخاوف بشأن سوء معاملة السكان وعدم اتباع الإجراءات المناسبة.كماتشير نتائج البحث إلى أن السلطات الحكومية المحلية، بما في ذلك محافظة بورسعيد والمسؤولين، متورطة في إجراءات الإخلاء هذه. وهناك دعوات لتصعيد هذه القضايا إلى السلطات العليا، مثل النائب العام والرئيس، لمعالجة الظلم الملحوظ.
وبنظرة شاملة على تقييمات مصر فيما يخص تطبيق اللوائح والقوانين في السنوات الأخيرة نجد أيضًا أن تقييم مصر قد انخفض خلال السنوات الأخيرة كما هو موضح تاليا:
العام | التقييم |
2015 | 0.44 |
2016 | 0.37 |
2017 | 0.36 |
2018 | 0.36 |
2019 | 0.36 |
2020 | 0.36 |
2021 | 0.35 |
2022 | 0.35 |
2023 | 0.35 |
- العامل السابع: العدالة المدنية: يقيس العامل 7 من مؤشر سيادة القانون التابع لبرنامج العدالة العالمية ما إذا كان الأشخاص العاديون قادرين على حل مظالمهم بشكل سلمي وفعال من خلال نظام العدالة المدنية. وهو يقيس ما إذا كان يمكن الوصول إلى أنظمة العدالة المدنية وبأسعار معقولة، وكذلك ما إذا كانت خالية من التمييز والفساد والتأثير غير السليم من قبل الموظفين العموميين. ويفحص ما إذا كانت إجراءات المحكمة تتم دون تأخير غير معقول وما إذا كانت القرارات يتم تنفيذها بشكل فعال. كما أنه يقيس إمكانية الوصول وحيادية وفعالية الآليات البديلة لحل النزاعات.
حققت مصر في هذا العامل 0.38 نقطة وجاءت في المرتبة 130 من 142 دولة على الصعيد العالمي، بينما على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت في المرتبة الأخيرة من بين تسع دول في المنطقة، وعلى صعيد الدول المتماثلة معها في الدخل، جاءت مصر في المرتبة ال 31 من بين 37 دولة.
وبالنظر إلى تقييمات مصر في العامل السابع المتعلق بالعدالة المدنية نجد التالي:
العام | التقييم |
2015 | 0.39 |
2016 | 0.38 |
2017 | 0.38 |
2018 | 0.38 |
2019 | 0.38 |
2020 | 0.39 |
2021 | 0.37 |
2022 | 0.38 |
2023 | 0.38 |
ارتفعت رسوم التقاضي خلال الفترة الأخيرة بنسب تتراوح بين 100 و1000%، كما أن الحصول على شهادات أو صور من الأوراق أصبح أكثر تعقيدا رغم تطبيق الأرشفة الإلكترونية. وضاعفت الحكومة واستحدثت مؤخرا رسوما بينها الدمغات والنماذج المطبوعة والخدمة المميكنة والاستعلام، إلى جانب رسوم استخراج شهادات الجدول أو الحصول على نسخ من الحوافظ أو صور من الأحكام الصادرة، فضلا عن زيادة رسوم عمل التوكيلات. على سبيل المثال، رفعت الحكومة أسعار الدمغات من 1.5 جنيه إلى 15 جنيها (الدولار حوالي 30 جنيها) وزادت سعر “دمغة العقود” التي توضع على كل ورقة من أوراق القضية، من جنيه واحد إلى 3 جنيهات -وفق أبو ذكري- الذي يقول إن بعض هذه القضايا قد يتألف من 50 ورقة وربما ضعف أو أضعاف هذا العدد حسب الموضوع.
- العامل الثامن: العدالة الجنائية: يقوم العامل 8 من مؤشر سيادة القانون WJP بتقييم نظام العدالة الجنائية في الدولة. يعد نظام العدالة الجنائية الفعال جانبًا رئيسيًا لسيادة القانون، لأنه يشكل الآلية التقليدية لمعالجة المظالم ورفع الدعاوى ضد الأفراد بسبب جرائم ضد المجتمع. ينبغي لتقييم تنفيذ العدالة الجنائية أن يأخذ في الاعتبار النظام بأكمله، بما في ذلك الشرطة والمحامين والمدعين العامين والقضاة وموظفي السجون. إن نظام العدالة الجنائية في مصر، ومع الأسف، يتسم بعدم الفاعلية كما أن الحق في التقاضي كوسيلة لإرجاع الحقوق يعتبر أخر الحلول التي يلجأ أليها المواطن المصري بسبب عوام لمتعددة منها بطء إجراءات التقاضي والتكلفة التي كانت عالية وأصبحت ألان ليست في مقدور غالب المواطنين بعد مضاعفة رسوم التقاضي. كما أن السجون المصرية هي واحدة من أسوء السجون في العالم مما يجعلها فقرة ثابتة وأساسية في كافة التقارير الدولية عن مصر بالرغم من محاولة الحكومة تبييض سمعتها في هذا المجال ببناء منظمة سجون جديدة على الطراز الحديث.
حققت مصر في العامل الثامن المتعلق بالعدالة الجنائية 0.33 نقطة وجاءت في المرتبة 111 عالميا بين 142 دولة، بينما على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاء ترتيها الثامنة بين دول المنطقة البالغ عددهم تسع دول، وعلى صعيد الدول المتماثلة معها في الدخل احتلت المرتبة 24 من بين 37 دولة.
وبدراسة تقييمات مصر في السنوات الأخيرة لم ينقطع عنها التدهور التي اتصفت به تقييماتها خلال السنوات الأخيرة كما هو واضح من خلال التالي:
العام | التقييم |
2015 | 0.43 |
2016 | 0.43 |
2017 | 0.42 |
2018 | 0.42 |
2019 | 0.41 |
2020 | 0.37 |
2021 | 0.34 |
2022 | 0.34 |
2023 | 0.33 |
الخاتمة:
تهدف دراسة ترتيب مصر في المؤشرات العالمية إلى الوقوف على موقع مصر بين الدول وسياسة الحكومة المصرية في إدارة شئون البلاد من خلال المعايير والمؤشرات الوحيدة التي يمكن وصفها بالموضوعية في ظل غياب للمعلومات وأساسيات اتخاذ القرار في البلاد. ولن تمنع ادعاءات السلطات المصرية واتهاماتها لهذه الجهات الدولية بالعمالة والتآمر وكذا اتهام الناقلين عنها بالخيانة لأن هذا سلوك لم يعد يجدِ نفعًا في عصر السماوات المفتوحة.
يُشير موقع مصر في المؤشر الدولي لسيادة القانون إلى حالة العداء الشديد بين نظم الحكم المستبدة بشكل عام والمصري منها بشكل خاص بينه وبين القانون، إذ أن هذا النظام المستبد يتعامل مع الدولة على أنها وحدة عسكرية، كما يعامل المواطنين أنهم مجرد جنود ليس لهم الحق في المشاركة. وإن كان انتهاك القانون لا يعني بالضرورة التعامل مع المواطنين على أنهم مجرد جنود، إلا أن حالة انتهاك القانون فرضت على نظام الدولة التعامل مع المواطنين بنظام عسكري تحكمه قوانين وأحكام العسكر ومنها محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وفرض الجهات الرسمية الأوامر وتعطيل القانون المدني بكل صوره وخضوع المدنيين والمناطق المدنية في البلاد للسلطة القضائية العسكرية، وهو ما يعد انتهاكًا للقانون والدستور الذي يعطي للمواطن الحق في التقاضي أمام قاضيه الطبيعي ( المدني )
إن التقدم والرفاه في حياة المواطنين يستلزم أولًا أن يِعاد تأسيس دولة القانون والديمقراطية وتعم البلاد من سلطتها الأعلى إلى كافة مواطنيها سيادة القانون. هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة والحرية والمساواة والتنمية للدولة ولمواطنيها.
نود لفت انتباه القراء الأعزاء إلى أننا بصدد العمل على تقرير عن المحاكمات العسكرية للمدنيين وأثارها الكارثية على العدالة والديمقراطية في مصر.