المصدر: وكالة سويس إنفو
“سياسة القتل البطيء”
خصصت صحيفة لوتون يوم 19 يونيو نصف صفحة كاملة للتغطية الإخبارية التي أفردتها وسائل الإعلام المصرية الرسمية، وأيضا ردود فعل المعارضين السياسيين وردود فعل المجتمع المدني هناك بعد الموت المفاجئ للرئيس المصري السابق، محمد مرسي، الذي يعتبره “الرئيس المدني الوحيد المنتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر الحديث”.
إيريك دي لافارين، مراسل الصحيفة في القاهرة افتتح مقالته بالتأكيد على أن “خبر موت الرئيس الأسبق محمد مرسي لم تنشره إلا يومية مصرية وحيدة، بينما اهتمت بقية الصحف في البلاد بالإشادة بـ “الانتصارات الاقتصادية” للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
أما القنوات التلفزيونية المصرية، يُضيف المراسل، فإنها “لم تخف سرورها وغبطتها بوفاة الرئيس المصري الوحيد الذي انتخب ديمقراطيا في تاريخ البلاد. هذا الأخير الذي يلعنه النظام وأنصاره صباحا مساءً”. حتى أن هذه القنوات، وهي كثيرة اتفقت على تكرار وصف المذيع بالتلفزيون المصري الرسمي أحمد موسى لمرسي بـ “ابن العاهرة”، ومشددا على المسؤولية الكاملة للمتوفى على “الأعمال الإرهابية التي وقعت في مصر بعد عزله من السلطة”.
لكن ردود الفعل على موت محمد مرسي اختلفت بمواقع التواصل الاجتماعي “المعقل الوحيد الذي بقي لحرية التعبير” في هذا البلد الذي يحكمه نظام عسكري. فقد اتسمت أغلب ردود الفعل بالقلق ونقد الوضع القائم على غرار ما دوّنه خالد علي، أحد المعارضين القلائل للنظام الذي لا يزال يقيم داخل مصر “الإهمال الطبي وسياسة القتل البطيء، عبر العزل الانفرادي داخل السجن، هي من الأدوات التي تعتمدها حكومتنا ضد معارضيها. سواء كنتم من المؤيدين أو من الرافضين سياسيا لمحمد مرسي، ولكن، على المستوى الإنساني، فإن الظروف التي عاش فيها منذ اعتقاله في عام 2013 والتي أدت إلى وفاته هي جرائم يجب أن يقول القضاء كلمته فيها”.
البعض الآخر قارن بين ظروف اعتقال محمد مرسي وظروف اعتقال محمد حسني مبارك الذي أودع في مستشفى عسكري، يطل على نهر النيل، ولديه قاعة استقبال كبيرة لملاقاة أقربائه. وأضاف أحد المعلقين “والأهم أن مبارك عاد إلى بيته، وأنه لا يزال على قيد الحياة”.
أما شريف، وهو طالب في الثالثة والعشرين من العمر، فيقول: “علمت بوفاة الرئيس مرسي من خلال تويتر، فقررت مباشرة مغادرة مركز التكوين حيث كنت موجودا، لقد شعرت بالحزن لموته، لأنه شخص واجهته مصاعب كثيرة. فهو أستاذ جامعي ورئيس منتخب، وما كان يجب أن يموت بهذه الطريقة”.
وفي الختام يذكّر المقال بمواقف المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، التي أصدرت العديد من التقارير حول الظروف الصعبة التي يعيشها المعتقلون السياسيون في السجون المصرية حيث يوجد أزيد من 40.000 معتقل، خاصة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، الذين “لن يستطيع النظام الحكم عليهم بالإعدام خوفا من ردود الأفعال في الداخل والخارج، ولكن سيتركهم يتعرضون للموت البطيء في المعتقلات”، بحسب مراسل الصحيفة السويسرية.
حال مرسي في سجنه
تحت عنوان “الاخوان المسلمون يعيشون.. النظام المصري حاول بعنف إبادتهم ولم ينجح في ذلك” كتبت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الناطقة بالألمانية ليوم الأربعاء 19 يونيو الجاري بقلم مراسلها كريستيان فايسفلوغ تحليلاً حول آخر مستجدات الوضع في مصر على إثر وفاة الرئيس السابق محمد مرسي بعد سقوطه أرضا داخل قاعة المحكمة يوم الاثنين 17 يونيو.
يستهل الصحفي تحليله بالحديث عن مرسي كشخصية تختلف الآراء حولها ويربط ذلك بخلفيته السياسية وصلته الوثيقة بالإخوان المسلمين وأيديولوجيتهم في البلاد، ومنها محاولة إقامة نظام ثيوقراطي. وينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن بدايات محمد مرسي على رأس السلطة في مصر وعن مجموعة القرارات التي أصدرها عند تسلمه السلطة وأثار بها غضب الجيش ومنها إصدار مراسيم رئاسية تعطي لقرارات الرئيس حصانة مطلقة وبذلك رفع ركيزة مهمة من ركائز الديمقراطية بحسب الصحفي، الذي يرى مع ذلك أنّ هذه التصرفات لا تكفي لتبرير تعذيبه في حبسه لمدة سنوات عدّة ولا لتبرير عمليات الاعتقال الجماعية للإخوان المسلمين. هنا يطرح فايسفلوغ تساؤله الذي يبني عليه رأيه الواضح في عنوان المقال، هل هذه الطريقة القمعية ملائمة للقضاء على حركة الإخوان المسلمين؟
ويسترسل الصحفي في الحديث عن أوضاع مرسي في السجن وطريقة تعامل السلطات معه، التي تبدأ بوضعه في سجن انفرادي ومنع الزيارة، حيث استطاع ابنه فقط زيارته مرتين في فترة تواجده في السجن، وتنتهي بمنع الدواء، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية وما رافق ذلك من آلام في الظهر ومشاكل في الكبد والكلى وغير ذلك من المشاكل الصحية المزرية. علماً أنّ كل هذه المعلومات تستند بحسب فايسفلوغ على تقرير أعده نائب في البرلمان البريطاني، ولكنه ينوّه في الوقت نفسه إلى أن العاملين على هذا التقرير لم يُسمح لهم بزيارته وأنّ هذه المعلومات تستند إلى أقوال مرسي نفسه أمام المحكمة وما نقله ابنه لهم.
ثم يأتي فايسفلوغ على ذكر بعض الإحصائيات عن أعداد من تم اعتقلهم من الإخوان المسلمين بعد إعلان السلطات حركتهم “جماعة إرهابية”، فقد تمّ اعتقال عشرات الآلاف وتم الحكم على 700 وإعدام 75 منهم، وقد توفيّ خمسة من المتهمين في السجن. أما منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، فتتحدث عن 60.000 سجين سياسي في مصر، من بينهم الإسلاميين وناشطين ليبراليين ومدافعين عن حقوق الإنسان، ممّن انتقدوا النظام المتسلط لعبد الفتاح السيسي، بحسب تعبير الصحفي.