أعلنت قطر عن التزامها بالاستثمارات التي تعهدت بها في السابق في مصر، لكنها شددت على أنها لن تودع المزيد من “المنح والمساعدات الخيرية” في القاهرة، في موقف يتماهى إلى حد بعيد ومواقف باقي الدول الخليجية التي قررت إعادة النظر في دعمها لمصر.
وقال وزير المالية القطري علي بن أحمد الكواري في معرض رده على تعهد بلاده في مارس من العام الماضي بتقديم خمسة مليارات دولار لمصر “نحن ملتزمون بذلك”.
وأضاف الوزير القطري في مقابلة مع تلفزيون “بلومبيرغ” على هامش منتدى قطر الاقتصادي الأربعاء، أن “الأمر أصبح تجاريا بحتا مع مصر، بالنسبة إلى قطر فإن تقديم المنح والمساعدات الخيرية ليس مستمرا”.
ومضى الكواري قائلا “عندما يتعلق الأمر بالمنح والدعم النقدي المباشر، يصبح الأمر صعبا للغاية”.
وسبق وأن اتخذت السعودية والكويت موقفا مشابها، حيث أكدتا على تغيير مقاربتهما في التعاطي مع الدعم المالي المقدم لمصر، من خلال التركيز على الاستثمارات، وشددت الدولتان على أنه لا مجال بعد الآن لمساعدات مجانية.
وأكد خبير الاستثمار المصري إبراهيم الحدودي أن العلاقات بين الدول العربية أصبحت قائمة على المصالح البحتة، خاصة منذ أن باتت الصناديق السيادية هي المتحكم الأكبر في إستراتيجية الاستثمار في غالبية دول الخليج.
وأوضح الحدودي أن العلاقات السياسية والأخوية بين الملوك والرؤساء العرب لم تعد كما كانت في السابق، والتي كانت الدول الخليجية تدعم بموجبها مصر، فكل مسؤول يريد ضمان حقوق الأجيال القادمة في بلاده، وهذا حقه.
وتعاني مصر أزمة اقتصادية تفاقمت منذ الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير من العام الماضي، بعد أن سحب المستثمرون الأجانب أموالهم من السندات الحكومية في ظل ارتفاع معدلات الفوائد في الدول الغربية، مما ساهم في نقص الاحتياطي من العملات الأجنبية.
ولطالما استندت مصر على الدعم الخليجي لانتشالها من أزماتها الاقتصادية، لكن هذا الوضع تغير في العامين الأخيرين، في ظل اعتقاد سائد بأن الخزينة المصرية تحولت إلى أشبه بثقب أسود يبتلع الأموال، وأن هناك حاجة ماسة إلى إعادة النظر في سياسات الدعم، وأن على القاهرة أن تبادر باتخاذ إصلاحات هيكلية حتى وإن كانت مؤلمة.
وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو الشوبكي إن الظروف الاستثنائية التي مرت بها مصر بعد 2013 لم تعد موجودة الآن، والوضع الطبيعي أن تقوم العلاقات بين الدول على الشراكات الاستثمارية والاقتصادية المتبادلة.
وأشار إلى أن مواقف قطر ودول الخليج من مسألة تحويل المساعدات إلى استثمارات عملية منطقية وتحمل دلالات اقتصادية كاملة مع الملاحظات الخليجية على أداء الاقتصاد المصري، وأن الطرفين طويا الكثير من الخلافات وليس من المتوقع أن تتجه الدوحة لاتخاذ مواقف سلبية من القاهرة في هذا التوقيت.
واتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار، فيما تتسابق القاهرة لتأمين العملة الصعبة من خلال بيع أصول مملوكة للدولة.
وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في فبراير الماضي عن أسماء 32 شركة عامة وأصول سيتم طرحها في البورصة من بينها ثلاثة مصارف وشركتان تابعتان للجيش.