تم السريان الفعلي لوقف إطلاق النار في غزة الذي تم الاتفاق عليه بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس يوم الاحد 19 يناير/ كانون الثاني الجاري والعمل على إطلاق سراح رهائن إسرائيليين لدى حماس مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين لدى إسرائيل
ويعتبر هذا الاتفاق ومساره هو التطور الأهم في اتجاه إنهاء الحرب الضروس المشتعلة لمدة 15 شهرا منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023
ماذا جاء في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس؟
أعلنت قطر في يوم الأربعاء 15 يناير/ كانون الثاني 2024 عن نجاح الاتفاق ، وهي التي توسطت في إبرام الاتفاق مع الولايات المتحدة ومصر، وأبرزت فيه عن الخطوط العريضة للاتفاق ومع ذلك، لم يتم الإعلان رسميا بعد عن التفاصيل الكاملة لما اتفق عليه المفاوضون الإسرائيليون وحماس
.
وكذلك أعلن البيت الأبيض إن الاتفاق من شأنه وقف القتال في غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية التي يحتاجها المدنيون الفلسطينيون، وإعادة الاسرى الى عائلاتهم بعد أكثر من 15 شهرًا في الأسر
وكانت لدى حركة حماس 251 رهينة بعد أن هاجمت إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ولا تزال تحتجز 94 أسيرا، برغم أن إسرائيل تعتقد أن 60 أسيرا فقط ما زالوا على قيد الحياة في حين أنه من المتوقع أن تفرج إسرائيل عن 1890 أسيراً فلسطينياً في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار
كيف سيتم تنفيذ مراحل وقف إطلاق النار؟
تم الاتفاق على تنفيذ وقف إطلاق النار من ثلاث مراحل حيث دخل حيز التنفيذ منذ يوم الأحد 19 يناير/ كانون الثاني الجاري
المرحلة الأولى
المرحلة الأولى ستستمر 42 يوما وستشهد وقفا كاملا لإطلاق النار
حيث إن حماس ستفرج عن 33 رهينة إسرائيليا، من بينهم نساء مدنيات وجنديات وأطفال وشيوخ ومرضى وجرحى
وفي المقابل سيتم الإفراج عن “عدد” من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر في وقت سابق إن من المعتقد أن معظم الرهائن الـ33 – ومن بينهم أطفال – ما زالوا على قيد الحياة، ولكن ليس كلهم.
وتم إطلاق سراح ثلاثة أسرى في اليوم الأول على أن تتم بقية عملية التبادل على فترات منتظمة على مدى الأسابيع الستة القادمة
وكذلك في 25 يناير/ كانون الثاني الجاري تم إطلاق سراح 4 مجندات اسرائيليات من قبل حركة حماس مقابل 200 سجين فلسطيني لدى إسرائيل
وخلال هذه المرحلة الأولى سوف تنسحب القوات الإسرائيلية من “جميع” المناطق المأهولة بالسكان في غزة، في حين يمكن للفلسطينيين أيضا العودة إلى أحيائهم في جميع مناطق غزة
بموجب شروط الاتفاق، فإن شرطة حماس بزيها الأزرق الرسمي سوف تدير حركة النازحين من جنوب غزة إلى شمالها مع تجنب الاقتراب من القوات الإسرائيلية
وتم الاتفاق أيضًا على أن يحمل الأفراد الأسلحة فقط عند الضرورة القصوى
وعبر هذه المرحلة سيكون هناك أيضا زيادة في عمليات تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث سيتم السماح بدخول مئات الشاحنات يوميا، فضلا عن إعادة تأهيل المستشفيات والعيادات الطبية والمخابز والمرافق الخدمية
وهناك نقطة هامة يجب الإشارة إليها إن المفاوضات التفصيلية للمرحلتين الثانية والثالثة ستبدأ في اليوم السادس عشر من وقف إطلاق النار
وأيضا اعلن البيت الابيض في هذا السياق إن وقف إطلاق النار سيستمر طالما استمرت المفاوضات
المرحلة الثانية
طبقا للتصريحات الرسمية من الجانب الامريكي فان المرحلة الثانية ستكون عبارة عن نهاية دائمة للحرب
وسيتم إطلاق سراح الرهائن الباقين على قيد الحياة، بما في ذلك الرجال، مقابل إطلاق سراح المزيد من السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل
وسوف يكون في هذه الرحلة أيضا انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة
المرحلة الثالثة
وطبقا للمعلن في إطار اتفاق وقف اطلاق النار أن تتضمن المرحلة الثالثة والأخيرة إعادة إعمار غزة ــ وهو أمر قد يستغرق سنوات ــ وإعادة جثث أي رهائن متبقية
الخلاصة
– لقد استغرق الوصول إلى هذه النقطة شهوراً من المفاوضات غير المباشرة المضنية خاصة لأن إسرائيل وحماس لا تثقان ببعضهما البعض على الإطلاق
وكانت حماس تريد نهاية كاملة للحرب قبل أن تطلق سراح الرهائن، وهو الأمر الذي لم تقبله إسرائيل
– من شأن اتفاق وقف إطلاق النار أن يوقف الحرب فعليا أثناء تنفيذ شروطه
ولكن ليس من الواضح في الاتفاق ما إذا كان هذا يعني أن الحرب انتهت او الوصول بالطموح الى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار
– كان أهم أهداف اسرائيل الرئيسية من الحرب هو التدمير الكامل للقدرات العسكرية والحكومية لحماس ورغم أن إسرائيل ألحقت بها أضراراً بالغة، فإن حماس لا تزال تتمتع بقدرة على العمل وإعادة تجميع قواتها والسيطرة على مسرح العمليات في كامل مساحة قطاع غزة
– من غير الواضح حتى الآن أيضا من هم الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة أو الذين ماتوا، أو ما إذا كانت حماس تعرف مكان وجود كل أولئك الذين ما زالوا مجهولي المصير
– طالبت حماس بالإفراج عن بعض السجناء الذين تقول إسرائيل إنها لن تطلق سراحهم ويعتقد أن هذا يشمل أولئك الذين شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023
ولم يتضح بعد عدد الرهائن والسجناء الذين سيتم تبادلهم في أي يوم من أيام وقف إطلاق النار، نظرا للطبيعة المعقدة للنسبة المتفق عليها بموجب الاتفاق
– من غير المعروف أيضاً ما إذا كانت إسرائيل ستوافق على الانسحاب من المنطقة العازلة بينها وبين غزة في تاريخ معين، أو ما إذا كان وجودها هناك سيكون مفتوحاً إلى أجل غير مسمى
– يجب الوضع في الاعتبار أن يكون أي وقف لإطلاق النار بين حماس واسرائيل قد يكون هشاً
فلقد تعرضت اتفاقات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، والتي أوقفت الحروب السابقة، إلى المناوشات المتكررة، ثم انهارت في نهاية المطاف
– إن الجدول الزمني الطويل نسبيا وتعقيد تفاصيل وقف إطلاق النار وعمليات تبادل الاسرى والسجناء هذا يعني أن أي حادث صغير قد يتحول إلى تهديد كبير لاتفاق وقف اطلاق النار
– علقت إسرائيل رسميا على لسان المتحدث باسم جيش الاحتلال تعقيبا على عملية تسليم الأسيرات بغزة أن حماس تنفذ استعراضات استفزازية غير مقبولة، ونطلب من الوسطاء الضغط عليها للالتزام بالاتفاق وهذا يعكس كيف تتجرع إسرائيل ارغامها على وقف إطلاق النار دون تحقيق النصر المطلق وإنهاء وجود حركة حماس جذريا في قطاع غزة كهدف رئيسي معلن على لسان بنيامين نتنياهو منذ بداية إعلان الحرب الشاملة على غزة
– الظهور المتحدي لمقاتلي حماس المدججين بالسلاح أثناء تسليم 3 محتجزات إسرائيليات في اليوم الأول لسريان وقف إطلاق النار ثم الاستعراض العسكري ذو رسائل الحرب النفسية القوية خلال مراسم تسليم 4 مجندات يوم السبت 25 يناير/ كانون الثاني الى الصليب الاحمر كان بمثابة إشعار لكل الأطراف المعنية بأن اتفاق وقف إطلاق النار ومسار التفاوض المعلق بخيط رفيع منذ بدايته وقد ينكسر في أي لحظة من قبل حكومة اسرائيل اليمنية فان حركة حماس لم تفقد جاهزيتها القتالية وقدرتها على القيادة والسيطرة العسكرية والإدارية داخل كامل مسرح عمليات قطاع غزة