يحتفل العالم في الثامن من مارس من كل عام بيوم المرأة العالمي، لمات للمرأة من أدوار هامة في المجتمع. ويمثل الاحتفال بيوم المرأة العالمي اعتراف من العالم بأهمية كفاح المرأة لممارسة دورها الطبيعي في المجتمع والعالم.
الاحتفال بيوم المرأة العالمي جاء إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945. يتكون اتحاد النساء الديمقراطي العالمي من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية وكان أول احتفال عالمي بيوم المرأة العالمي.
ويرجح بعض الباحثين اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في نيويورك بالولايات المتحدة. ففي الثامن من مارس 1908، نظمت مجموعة من النساء العاملات في مدينة نيويورك، مسيرةً احتجاجيةً للمطالبة بتحسين ظروف العمل، وزيادة الأجور والمساواة بين الجنسين.
يمر الاحتفال باليوم العالمي للمرأة هذا العام 2025 وأوضاع المرأة في أغلب بقاع العالم ليست على ما يرام. ففي أوكرانيا تعاني المرأة الأوكرانية من ويلات الحرب.
وفي غزة قتلت قوات الاحتلال 12.298 سيدة وفقًا لما ذكره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. وقالت المديرة الإقليمية للوكالة في الدول العربية، سوزان ميخائيل، خلال مؤتمر صحفي بجنيف، إن “الحرب في غزة هي بلا شك حرب على النساء اللواتي يدفعن ثمنا باهظا لحرب ليست من صنعهن“.
تواجه المرأة الفلسطينية واقعًا مليئًا بالتحديات والصعوبات؛ نتيجة للظروف السياسية والاجتماعية التي تحيط بها. بدءًا من قيود الحركة إلى الاعتداءات الوحشية والاعتقالات التعسفية، وتعرضها لممارسات قاسية وظالمة من قبل سلطات الاحتلال، إلى الظروف المعيشية القاسية، والفقر المستمر الناتج عن الاحتلال. ومع ذلك، فهي مستمرة في مواجهة هذه التحديات بكل قوة وإصرار، وتظل مصدر إلهام وتأثير في النساء حول العالم.
المرأة المصرية انتهاكات متتالية
مثل الانقلاب على أول رئيس مدني انتخبه المصريون في الثالث من يوليو 2013 انقلابًا على دور محوري لعبته المرأة المصرية في ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011. وزع النظام القمعي في مصر ظلمه على الرجل والمرأة في القتل خارج إطار القانون والاعتقالات بالإَضافة إلى الانتهاكات غير المسبوقة التي تتعرض لها المرأة المصرية.
ومع غياب الشفافية والرقابة في مصر، لم نستطع الوصول إلى أرقام رسمية لعدد النساء المعتقلات في مصر ولكن وفقًا لأرقام ذكرتها منظمات حقوقية فعلى الأقل توجد داخل السجون في مصر ما يقرب من 200 معتقلة رأي.
يوجد في مصر 8 سجون مخصصة للنساء لمختلف الجرائم وأكبرها سجون القناطر الخيرية وبرج العرب ودمنهور. وفق إحصاءات رسمية يصل عدد الغارمات وحدهنّ بتلك السجون، وهنّ السيدات اللاتي يقضين عقوبة بسبب عدم سدادهنّ أموال مشتريات منزلية. نحو 30 ألف سيدة يمثلن ما يقارب 25 في المئة من أعداد السجناء، وهو ما يتوافق مع ما قاله مسؤولون رسميون في العام 2020 من أن عدد السجناء في مصر يُقدر بـ 120 ألف سجين، لتحتل بذلك المركز 172 على مستوى العالم في عدد السجناء. جاء ذلك أثناء افتتاح مجمع سجون وادي النطرون، على مساحة مليوني متر مربع بهدف إغلاق 12 سجناً عمومياً على مستوى مصر ونقل المساجين إليه.
لم يكتفوا بحبسها ولكن تتوالى الانتهاكات داخل السجون:
لم تكتف السلطات القمعية في مصر باعتقال النساء على خلفية معارضتهن لسياسات سلطات القمع، بل وارتكبت السلطات العديد من الانتهاكات بحق المعتقلات داخل السجون.
تقول سولافة مجدي الصحفية والناشطة التي تم اعتقالها في أحد السجون في مصر “على مدار أعوام الأخيرة، شهدت سجون مصر، وبالأخص سجنيّ دمنهور، والقناطر للنساء سيء السمعة التابع لمحافظة القليوبية، طفرة في أعداد السجينات، شهدت أيضًا هذه السنوات تفاقمًا في مستوى التنكيل والتعنت في التعامل مع السجينات، بداية من التفتيش العاري، وحتى الاعتداء بالضرب والسب والتجريد من كافة المتعلقات الشخصية بشكل دوري”.
تستخدم السلطات القمعية في مصر النساء في القمع العابر للحدود. تمثل قضية اعتقال السيدة حسيبة محسوب انتهاك صارخ حيث انها قضية انتقام من شقيقها الوزير الأسبق محمد محسوب. تعاقب السلطات المصرية أشخاصاً لكونهم من أسر معارضين أو منتقدين له، حيث توجه لهم نفس الاتهامات التي وجهت لذويهم، ويتم استخدام هذا النهج أحياناً للضغط على المعتقل، أو المعارضين في المنفي، أو كانتقام منه دونما اعتبار للدستور أو القانون، ودون أي احترام لقيم واتفاقيات حقوق الإنسان.
باعتقال النساء، تنتهك السلطات القمعية العديد من حقوقهن التي تم النص عليها في الدستور وكافة القوانين. في السطور التالية نرصد ونوثق بعضًا من الانتهاكات التي تتعرض لها النساء داخل السجون:
الإجراءات الأمنية والتفتيش الذاتي
من ضمن الإجراءات الأمنية عند الدخول للسجون هو إجراء التفتيش الذاتي للسجينات، ورغم أن التفتيش يتم على يد سيدة إلا أنه يتم بطريقة مهينة ولا تحترم سلامة أجساد السجينات وخصوصيتها ويصل الأمر لفحصهن مهبلياً بحجة التأكد أنهن لا يخبئن أسلحة أو مخدرات أو هواتف محمولة الشيء الذي يعد شكلاً من أشكال العنف الجنسي الممارس ضد السجينات.
كما أنه يتم الطلب من السجينات المستجدات إجراء اختبار الحمل سواء للمتزوجات أو غير المتزوجات بغرض تصنيف السجينات، الشيء الذي يعد انتهاك خصوصية لأجساد النساء وعادة ما يتم اجراؤه في غرفة مفتوحة حيث يتواجد فيها أفراد من المباحث أو أمن السجن ولكنهم يضطرون للذهاب إذا ما تم طُلب ذلك منهم خاصةً من قبل السجينات السياسيات الاتي يملن للمطالبة بحقوقهن بينما يغلب على الجنائيات استسلامهن وقبولهن للأمر الواقع وسهولة استضعافهن.
الرعاية الصحية والنفسية
تعاني السجون المصرية بشكل عام من قصور توفير الرعاية الصحية اللازمة للمساجين، فبحسب تقرير قامت به المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، “فالسجين لا يعرض على طبيب فور وصوله السجن، بالمخالفة للقانون المصري والقواعد الدولية، وفي أحيان كثيرة لا يتمكن من زيارة الطبيب عند الحاجة إليه. كما نجد عدم كفاية عدد الأطباء لعدد السجناء أو عدم كفاية فترة تواجد الطبيب في السجن الواحد، والتي غالبًا ما تكون فترة عمل صباحية. هذا بالإضافة إلى صغر سن وتواضع خبرة أطباء السجون بالمقارنة بحجم الاحتياج الصحي الموجود داخل السجون، مع غياب تواجد التخصصات الطبية عن السجون بشكل دائم بالرغم من الكثافة العالية في السجون الكبيرة والتي تستدعي تواجدهم بشكل أكبر”.
وتأتي هنا أمثلة للإهمال الطبي المتعمد للنساء فعلى سبيل المثال تعاني المعتقلة هدى عبد المنعم من المنع المتكرر من الزيارة بالرغم من تدهور حالتها الصحية. شهدت صحة المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم تدهورًا طوال فترة احتجازها التعسفي التي تجاوزت ست سنوات. ففي 28 أغسطس 2024، أخبرت أسرتها خلال زيارتها في السجن أنه تم تشخيص إصابتها بداء السكري بالإضافة إلى أنها تعاني من مشاكل في الكلية وجلطة بالقدم ومن ارتفاع ضغط الدم، وكان من المقرر الإفراج عن هدى عبد المنعم، في 31 أكتوبر 2023، بعدما أمضت خمسة أعوام داخل السجن بموجب حكم صدر ظلمًا بحقها لمجرد ممارسة حقوقها الإنسانية. وبدلًا من ذلك، أمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبسها الاحتياطي على ذمة التحقيقات في تهم زائفة مماثلة تتعلق بالإرهاب، في إطار قضية منفصلة برقم 730 لسنة 2020.
المصورة الصحفية علياء عواد تم احتجازها في الآونة الأخيرة بمستشفى السجن، بسبب تعرضها للإغماء والنزف الحاد وحاجتها لإجراء عملية ثالثة طبقا للتقارير الطبية، وأنها دخلت في حالة غير مستقرة بسبب قلة إمكانيات مستشفى السجن، وتعنّت إدارة السجن في نقلها لمستشفى خارجي.
عائشة نجلة خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين تعاني بدورها بحسب المصادر في سجن القناطر، حيث يتم حبسها في زنزانة انفرادية، وهي محرومة من التريض ورؤية الشمس، وممنوعة من الزيارة منذ اعتقالها في نوفمبر 2018. كما أنها تعاني من تدهور في حالتها الصحية.
من أبرز الانتهاكات أيضًا عدم وجود أخصائيات نفسيات للسجينات اللاتي يعانين من اضطرابات نفسية خاصة وأن النساء أكثر عرضة للصدمات والاضطرابات النفسية بسبب ما يعانين منه من عنف واستغلال داخل وخارج السجون. فنقلت منظمات حقوقية عن سجينة كانت تعاني من اضطرابات نفسية وتقوم بالصراخ دائما، وكانت إدارة السجن تسمح للسجينات بضربها وحبسها بدل من توفير العلاج اللازم لها. كما تعرضت معتقلة أخرى لاضطراب نفسي دفعها لمحاولة الانتحار عدة مرات ولم توفر لها إدارة السجن الدعم النفسي ولكنها استطاعت الحصول على الدعم النفسي من طبيب من خارج السجن وتم السماح لها بتناول عقاقير تحت إشراف هذا الطبيب الذي تم توفيره من قبل جهات الدعم الحقوقية التي كانت توفر لها دعم لكونها مسجونة سياسية ومدافعة عن حقوق الإنسان.
الأنشطة وبرامج إعادة التأهيل
يسمح للسجينات بساعات معينة في اليوم للخروج من العنابر ورؤية الشمس فيما يعرف بالتريض وغالباً ما تكون من الساعة التاسعة صباحاً حتى الثانية ظهراُ ولكن بحسب شهادة سجينات اخريات فإن السجينات السياسيات يسمح لهن بالتريض لمدة ساعتين فقط في اليوم وذلك لتجنب احتكاكهن بالسجينات الجنائيات خاصة في سجن معين حيث يتم فصل السجينات السياسيات في عنبر منفصل عن عنابر السجينات الجنائيات. ولكن في سجن آخر بسبب ضيق مساحته لم يكن في الإمكان إجراء هذا الفصل وتعتقد احدي الشاهدات أن الاختلاط بالجنائيات تجربة مفيدة بالنسبة لها حيث مكنتها من سماع مشاكلهن ومحاولة مساعدتهن وتلبية احتياجاتهن خاصة ممن لا يأتي أحد لزيارتهن ومعرفة احتياجاتهن.
الزيارات والاتصال بالعالم الخارجي
غالبا ما تحصل السجينات السياسيات على الدعم والتضامن من الأهل والأصدقاء والرفقاء ومن المحاميين والمحاميات. أما بالنسبة لباقي السجينات فإن معظمهن لا تأتيهن الزيارات وعلاقتهن بالمحامي إن وجدت تقتصر على وجوده في المحاكم. تقول المحامية راجية عمران “أن الإعاشة مكلفة جداً هذا بالإضافة إلى تكلفة المواصلات، خاصة وأن سجون النساء محدودة وتقع في أماكن بعيدة تضطر الزائرين بالسفر من محافظات بعيدة”. كما أن الزيارات تكون قصيرة جداً مقابل المشقة وساعات الانتظار التي يتكبدها الزائرين للقدوم. كما أن السياسيات قد يتم حرمانهن من الزيارات لمدة غير محدودة من الزمن من دون مبررات ويتم أحياناً تحديد الزيارة للأقارب من الدرجة الأولى والثانية.
السلامة الجسدية والتعرض للعنف الجسدي والجنسي
تتعرض السجينات للاعتداء الجسدي والسب اللفظي من قبل السجانات أو إدارة السجن، خاصة عند نشوب شجارات داخل العنابر أو عند اعتقاد إدارة السجن مخالفتهن للوائح السجن وقد يتم وضع السجينات في التأديب وهو عبارة عن السجن الانفرادي لمدة خاضعة لتقدير مأمور السجن؛ فقد تستمر لمدة أيام أو لشهور. كما قد تحدث وقائع تحرش جنسي داخل السجون من قبل سجينات أُخريات أو من قبل العاملين في السجن.
أثناء إلقاء القبض
طبقاً للشهادات التي تم نشرها سابقاً من قبل نظرة للدراسات النسوية لرصد الانتهاكات التي تمت ضد مدافعات عن حقوق الإنسان في أماكن متفرقة في الفترة بين أبريل ومايو 2016، تم القبض على الناشطات إما بشكل عشوائي أثناء تواجدهن في مسيرات أو مظاهرات أو وقفات سياسية عن طريق استهدافهن بشكل شخصي وإلقاء القبض عليهن من محل إقامتهن أو من المقاهي والبيوت في محيط وسط البلد. خلال هذه العملية تقع النساء تحت خطر التعرض للعنف المعنوي عن طريق الإذلال وإلقاء الشتائم والسب والقذف أو عن طريق العنف الجسدي بالضرب، وأحيانا كثيرة للعنف الجنسي عن طريق التهديد بالاغتصاب أو التحرش الجنسي الفعلي سواء من أفراد الشرطة أو من المواطنين/ات الموالين للنظام.
أثناء الانتقال في عربة الترحيلات
قد يكون الانتقال من مكان القبض إلى قسم الشرطة أو النقل من القسم إلى النيابة أو من السجن إلى المحكمة. في كل هذه السياقات تكون المتهمات في قبضة أمناء الشرطة أو المباحث والذين قد يقوموا بالتعدي عليهن بالضرب أو السب والقذف أو التحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب. وقد تستغرق الرحلة ساعات طويلة تسمح بحدوث انتهاكات دون رقيب
في أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز
تعد أقسام الشرطة من أسوأ الأماكن التي تزيد فيها نسبة خطورة التعرض للانتهاكات الجسدية والجنسية للنساء ولأن جميع الموظفين في الأقسام هم من الرجال. حتى التفتيش الذاتي يقوم أمناء الشرطة أو المباحث بأمر إحدى المحبوسات السابقات بإجراء التفتيش للمستجدات الذي يتم بطريقة غير مهنية في مكان لا يتمتع بالخصوصية وعلى مرأى ومسمع من الموجودين سواء من الرجال أو النساء. كما يتم تعرضهن لمعاملة مهينة ومصادرة الهواتف المحمولة والحرمان من الحق في التواصل مع العالم الخارجي. وعندما يتطلب الأمر المبيت في القسم، تضطر المعتقلات للنوم في ظروف غير آدمية في أماكن تفتقر للتهوية وقد يتعرضن للتحرش الجنسي والتلصص من قبل أمناء الشرطة أو تحرش جسدي من قبل سجينات في نفس الزنزانة. بالإضافة إلى اقتحام الحجز من دون استئذان من قبل أمناء الشرطة وقد تطول فترة مكوث النساء في الحجز لمدة سنوات في بيئة محاطة بالرجال. وهناك ما يسمى بالحسبانة” أو “التخشيبة” وهي عبارة عن أماكن احتجاز مؤقتة تنزل فيها السجينات بشكل مؤقت عند انتقالهن لسجن آخر أو عند ذهابهن للنيابة أو أثناء انتقالهن للإفراج عنهن. فبالإضافة لسوء التهوية وضيق الحجز وعدم نظافته، تتعرض المحتجزات لإهانة إضافية وهي اضطرارهن لخوض تجربة التفتيش المهينة مرة أخرى.
الزيارة عملية شاقة وانتهاكات ممنهجة لأهالي المعتقلين
بما أن الغالبية العظمى من معتقلي الرأي في مصر من الرجال، فإن النساء (الأمهات والزوجات والبنات ) هم من يتكبدن مشاق الزيارة ويتعرضن للعديد من الانتهاكات التي أصبحت ممنهجة وتمثل استراتيجية السلطة في الانتقام من المعتقلين في ذويهم.
يتعرض ذوو المحبوسين ، داخل سجن العاشر الجديد، كمثال للعديد من الانتهاكات أثناء الزيارة الخاصة بهم، وتكون عملية الزيارة عملية شاقة يتعرض لها الأهلية من خلال بعض الإجراءات الشديدة.
تبدأ إجراءات الزيارة بالتسجيل في الكشف الخارجي للسجن، ومن ثم ينتظر الأهل لمدة نصف ساعة حتى ميعاد الكشف الأول للزيارة، ويتم السماح لشخصين فقط بخلاف الأطفال بالزيارة، ويتم نقل الأفراد عن طريق طفطف لمسافة 50 مترا من البوابة الرئيسية للسجن ولا يمكن تجاوز تلك النقطة إلا عن طريق الطفطف فقط ويجب على كل الأهلية استخدامه.
وعند البوابة الأولى تبدأ المرحلة الأولية للتفتيش، بعدها، يتم نقلهم بواسطة باص إلى بوابة أخرى تبعد حوالي 100 متر عن البوابة الأولى، حيث تجرى المرحلة الثانية من التفتيش.
ووفقًا لشهادة الأهالي، فإنهم يتعرضون في هذه المرحلة للتفتيش الذاتي ولتفتيش محتويات الزيارة، لا تخلو من الانتهاكات الشديدة، إذ يقوم أفراد الأمن من السيدات بالتفتيش بشكل يُعتبر مهينًا، كما وصفته إحدى زوجات المحبوسين.
وتبدأ هنا عملية المنع والتعنت، حيث تتعنت الإدارة في تفتيش الطعام، ما قد يؤدي إلى إفساده، ويُسمح بدخول عدد محدود من الفاكهة، لا يتجاوز خمس ثمرات في الزيارة الواحدة، كما يتم تفتيش الطعام بشكل سيئ للغاية، كما يتم منع أي ملابس ثقيلة، حتى لو كانت بيضاء ومطابقة لمواصفات السجن. ويُمنع دخول أي أوراق أو كتب إلا بعد إخطار وموافقة ضابط الأمن الوطني المختص بالسجن.
كذلك يتعرض الأهالي في أثناء زيارة ذويهم إلى استنزاف مادي من أفراد الأمن المسؤولين عن التفتيش، حيث يُجبرون على دفع مبالغ مالية لكي يُسمح لهم بإدخال الطعام والملابس والأدوية ومحتويات الزيارة، التي هي بالأساس حق قانوني للسجين.
أهالي المعتقلين فريسة للنصب
يتعرض بعض أهالي المعتقلين لأنماط مختلفة من النصب أو الاستغلال والاستنزاف المادي، على أمل أن ينال المعتقل حريته من جديد.
خلال فترة الإخفاء القسري، يقع بعض الأهالي فريسة لبعض الأشخاص الذين يدّعون علاقاتهم القوية بأجهزة الأمن، ويطلبون مئات الآلاف من الجنيهات مقابل الإفراج عن الشخص المختفي، أو مجرد إظهاره ولو على ذمة قضية سياسية، بعد أن فقد الأهالي الأمل في ظهوره أو معرفتهم إذا كان مازال حيًا أم لا، بسبب طول فترة اختفائه القسري التي تمتد لشهور، وأحيانًا لسنين، الأمر الذي يجعل هؤلاء الأهالي، فريسة سهلة للمُستغلين، وعرضة لعمليات نصب، وأن يصبحوا ضحايا جريمة جديدة.
إزاء طول فترة الاعتقال، يحاول أهالي المعتقلين الوصول إلى شخص ذو نفوذ لكي يضع اسم ذويهم من المعتقلين في قائمة الافراجات أو العفو الرئاسي، وفي هذه النقطة يقع الأهالي فريسة لعملية نصب ممنهجة، إذ يدّعي أفراد أنهم لديهم القدرة على الافراج عن المعتقل مقابل رشوة تتفاوت قيمتها ولكن القيمة الأدنى هي بضعة آلاف من الجنيهات.
بعض شهادات أهالي المعتقلين
نروى هنا بعض من شهادات أهالي المعتقلين عما يعانوه
“من أول ما نوصل السجن بنقضي متوسط من 8 لـ 12 ساعة على الأقل بنستحمل فيهم حر وتعب وتفتيش وبهدلة عشان نقعد مع ولادنا ثلث ساعة بس وبنرجع ميتين، تخيلوا تبقى دي حياتك سنين وسنين كابوس مش بينتهي، عمرنا وعمر عيالنا بيروح في السجون ومش عايزين حاجة غير أنهم يخرجوا.
فتاة ثلاثينية، مصرية تحكي عن مأساة اعتقال والدها وأخيها مدة 12 عاما ونصف، وأصبح مطلوب منها توفير العلاج لوالدتها، وتوفير نفقة الزيارة لوالدها، ونفقة زيارة مماثلة لأخيها، في شهر رمضان تقول ” “فاتني قطار الزواج، فأبي معتقل، وأخي معتقل منذ فض اعتصام (رابعة العدوية) 14 آب/ أغسطس 2013، ولأكثر من 12 عاما، وأمي طريحة الفراش، ويقبل عليهم وعلينا شهر رمضان 2025، الثالث عشر وهم في الأسر والمرض، ونحن في حصار الأمن والفقر والمرض“.
معتقل آخر هو وابنه معتقلان، وكانت الزوجة تقاسي الأمرين في رعاية الأسرة، وتبعات الزيارة، حتى ساءت حالتها النفسية، وفقدت الذاكرة، وأحيانا كانت تخرج هائمة على وجهها لولا من أعادوها لبيتها لتاهت في الأرض.
سيدة مصرية اعتقل زوجها، وابنها، منذ كان طالب جامعي، وأيضا شقيقها المصاب بالسرطان ويعالج بالكيماوي ومريض سكر، وإحدى عينيه لا يرى بها.
أسرة معتقل آخر، حيث ماتت الزوجة، حزنا وكمدا وصار الابن الطالب الجامعي المصاب بتشنجات وكهرباء زائدة بالمخ يتولى ترتيب أمر زيارات والده، لكنه وفي إحدى الليالي داهمته حالة تشنج بالحمام فسقط فأصيب بنزيف وعثروا عليه ميتا، وتلقى الأب المكلوم الخبر بمحبسه.