مقدمة
عام على عملية طوفان الأقصى التي قامت من خلالها فصائل المقاومة الفلسطينية بإحداث خسائر في جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يسبق له تلقيها من الجيوش العربية التي حاربها منذ عام 1948. تسجل عملية طوفان الأقصى وما تلاها من عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي الحرب الأطول في الصراع العربي الإسرائيلي. جاءت عملية طوفان الأقصى مخالفة لكافة التوقعات و القواعد العسكرية في الحروب في كافة المعاهد العسكرية في العالم بحيث قامت مجموعات المقاومة المسلحة بالأسلحة الخفيفة بالإغارة على مستوطنات الاحتلال في غلاف غزة مستخدمين أسلحة بدائية مقارنةً بما يمتلكه جيش الاحتلال الإسرائيلي من إمكانات عسكرية تتفوق لها على كافة الدول العربية مجتمعة. اشتبكت المقاومة مع جنود الاحتلال ليس برًا فقط وإنما برًا وبحرًا وجوًا. هاجمت العديد من المواقع بمحيط الغلاف، قواعد عسكرية (قاعدة زيكيم العسكرية، وقاعدة رعيم العسكرية)، ومستوطنات محصنة (مستوطنات سديروت، وناحل عوز، وبئيري ،وكفار عزة، وكيسوفيم، ونير عوز، علوميم، ونتيف، وماغن)، ومعابر محروسة الكترونياً وتكنولوجياً، ومن قبل جنود حراسة ومراقبة، «معبر بيت حانون (إيريز)»، وقد سبق ذلك قصف شديد بآلاف الصواريخ.
سقطت المواقع الإسرائيلية في الساعة الأولى للهجوم، وتم تطهير المواقع العسكرية للعدو والسيطرة على المعابر واحتلالها لأيام، ــــــ حتى اليوم الرابع عندما أعلن جيش العدوان الإسرائيلي عن سيطرته على منطقة غلاف غزة، ويقول إنه لم يعد هناك أي اشتباكات مع مسلحين فلسطينيين ـــــ وتجول المقاومون في العديد من المستوطنات فارضين سلطتهم عليها ولو لهذه الفترة القصيرة زمنياً، الهامة معنوياً وعسكرياً وأمنياً، أربك ذلك أركان جيش الاحتلال، مفاجأة عاجلت الجميع، وأدهشت الفلسطينيين أنفسهم، ليس فقط في توقيتها، بل في تنظيمها وجرأتها.
قبل طوفان الأقصى بدا غلاف غزة كقلعة حصينة، أسوارها الالكترونية منيعة، يستحيل خرقها، إلا بمعجزة كمعجزة طوفان الأقصى، فرقته العسكرية ـــــ المسماة باسم الغلاف ـــــ نخبة جيش العدوان، منحت العدو ثقة وهمية بالقدرات، مقابل قدرات فلسطينية تبدو ضئيلة، عند المقارنة بين الجانبين، جنوب لبنان كان المرشح الأقوى للقيام بعملية مشابهة، وبدا رجال حزب الله أكثر جاهزية سلاحاً وتدريباً، وهدد الحزب مرات بنقل المعركة حال نشوبها في الجنوب اللبناني إلى الجليل ومستوطنات الجليل، وتم اسرائيلياً التعامل مع مثل هذه التصريحات على محمل الجد، واتخذت إجراءات وتدريبات لمواجهة مثل هذا الاحتمال، أما على الساحة الفلسطينية فقوبل الأمر من القيادة العسكرية الإسرائيلية بالاستهتار ولم تحاذر، رقم أن تقارير وصلت لأعلى مستوى أمني عن استعدادات للمقاومة الفلسطينية لاقتحام الأسوار.
إذا كانت حرب السادس من أكتوبر 1937أسقط فيها الجيش المصري أسطورة الجيش الذي لايهزم، فإن المقاومة الفلطسينية في السابع من أكتوبر 2023 حتي لحظة كتابة هذه السطور قد حققت أسطورتين أو معجزتين.
تحققت المعجزة الأولى، بفضل الشجاعة والتخطيط والسرية، والابداع في التنفيذ، معجزة صباح يوم السابع من تشرين أول 2023، بمنجزاتها وتداعيات اقتحام غلاف غزة عندما هُزم الجيش الذي لا يُهزم هزيمة منكرة، على يد مئات من المقاتلين البواسل، وتحققت المعجزة الثانية بفعل الإرادة الصلبة، والصمود الفلسطيني الأسطوري لمدة عام، وسقطت الأسطورة صهيونية عن الحرب الخاطفة، حين عجز جيش العدو المدجج بالسلاح الأميركي المتطور أن يحقق أهدافه، رغم كل المجازر والتدمير الذي تعرض له القطاع المقاوم.
لماذا طوفان الأقصى؟
في الحادي والعشرين من يناير 2024 نشرت حركة المقاومة الإسلامية ” حماس ” روايتها عن طوفان الأقصى، مبينة الأسباب التي أدت إلى المعركة
جملة ذكرتها حماس في تقريرها لخصت الأسباب والدوافع حين قالت ” خطوة ضرورية واستجابة طبيعية، لمواجهة ما يُحاك من مخططات إسرائيلية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية”
وأضافت الحركة أنها جاءت أيضًا لمواجهة ما يحاط من خطط للسيطرة على الأرض وتهويدها، وحسم السيادة على المسجد الأقصى والمقدسات، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة.
نتعرض إلى أهم النقاط التي جاءت في الوثيقة التي أصدرتها حركة المقاومة الإصلامية حماس في يناير 2024 عن طوفان الأٌصى
أولاً: لماذا معركة طوفان الأقصى؟
- إنَّ معركة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال والاستعمار لم تبدأ في 7 أكتوبر 2023، وإنَّما بدأت قبل ذلك منذ 105 أعوام من الاحتلال؛ 30 عاماً تحت الاستعمار البريطاني و75 عاماً من الاحتلال الصهيوني. وقد حُرم الشعب الفلسطيني من حقّ تقرير المصير، وقامت العصابات الصهيونية بارتكاب مجازر بشعة وتطهير عرقي أدَّى لسيطرتها بالقوة على 77% من أرض فلسطين، وتهجير أكثر من 57% من شعب فلسطين، ودمَّرت أكثر من 500 قرية وبلدة فلسطينية وارتكبت عشرات المجازر بحق شعبنا لدفعه إلى الهجرة خارج الوطن؛ وذلك تمهيداً لإنشاء الكيان الصهيوني عام1948. وفي سنة 1967 احتلت القوات الإسرائيلية باقي أرض فلسطين؛ أي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، فضلاً عن أراضٍ عربية أخرى.
- عانى شعبنا طوال عقود من كافة أشكال القهر والظلم ومصادرة الحقوق الأساسية، ومن سياسات الفصل العنصري، وعانى قطاع غزة حصاراً خانقاً مستمراً منذ أكثر من 17 عاماً ليتحوَّل إلى أكبر سجن مفتوح في العالم.
- وفق دراسات إحصائية موثَّقة، منذ سنة 2000 وحتى سبتمبر 2023 (قبيل 7 أكتوبر) قام الاحتلال الإسرائيلي بقتل 11,299 فلسطينياً وجرح 156,768 آخرين، أغلبيتهم الساحقة من المدنيين. وللأسف فإنَّ الولايات المتحدة وحلفاءَها، لم يلتفتوا إلى معاناة الفلسطينيين وتابعوا تغطية البطش الصهيوني. ولم يتباكوا إلاّ على الإسرائيليين في 7 أكتوبر، ودونما أدلة حقيقيَّة ضد حماس، بالاستهداف المزعوم للمدنيين، ثمَّ قاموا بتوفير الدَّعم المادي والغطاء من جديد للمجازر والمذابح التي قام بها الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين في عدوانه الهمجي على قطاع غزة، والذي يندى له جبين البشرية، وما زالوا يوفّرون الغطاء والدَّعم والذخائر وأدوات القتل والتدمير.
- لقد تمَّ توثيق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وفظائعه من قبل مؤسسات الأمم المتحدة ولجان التحقيق والمحاكم الدولية ومنظمات حقوق الإنسان العالمية؛ مثل منظمة العفو الدولية و(هيومن رايتس ووتش)، وحتّى من منظمات إسرائيلية، بالإضافة إلى منظمات فلسطينية متخصصة مشهود لها عالمياً بالكفاءة والنزاهة. وقد مر ذلك كله وما زال يمر دون مساءلة أو عقاب.
- الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون يتعاملون مع “إسرائيل” منذ إنشائها كـ”دولة فوق القانون”، ويوفّرون الغطاء اللازم لاستمرار احتلالها وقمعها للشعب الفلسطيني ومصادرة المزيد من أرضه ومقدساته وتهويدها، وفرض ظروف معيشية قاسية وبيئات طاردة، فضلاً عن محاولاتهم المستمرة لتهجير شعبنا وإجباره على الرَّحيل عن أرض الوطن. وبالرغم من أنَّ الأمم المتحدة ومؤسساتها أصدرت أكثر من 900 قرار خلال الـ 75 عاماً الماضية لصالح الشعب الفلسطيني؛ إلاَّ أنَّ “إسرائيل” رفضت تنفيذ أيٍّ منها.
- حتّى بالنسبة لمسار التسوية السلمية، فبالرغم من اتفاق أوسلو 1993 مع منظمة التحرير الفلسطينية، الذي كان من المفترض أن يؤسِّس لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلاَّ أنَّ “إسرائيل” قامت عملياً بتدمير إمكانية قيام دولة فلسطينية من خلال الحملة الشرسة لمضاعفة الاستيطان والتهويد في الضفة الغربية، وخصوصاً شرقي القدس.
والآن، وبعد أكثر من 75 عاماً من الاحتلال والمعاناة، وإفشال أيّ أمل بالتحرير والعودة، وبعد النتائج الكارثية لمسار التسوية السلمية، ماذا كان يتوقّع العالم من شعبنا أن يفعل:
*في مواجهة مخططات التهويد والتقسيم الزّماني والمكاني للمسجد الأقصى، وتصاعد وتيرة اقتحامات المستوطنين الاستفزازية للمسجد الأقصى.
*في مواجهة ممارسات ائتلاف اليمين الصهيوني الأكثر تطرّفاً، الذي باشر عملياً معركة حسم للسيطرة على الضفة الغربية من خلال خطة الضمّ، وخطة حسم السيادة على القدس والمقدسات، وخطّة طرد شعبنا وتهجيره من الضفة الغربية.
*وماذا يفعل لإجبار الاحتلال على إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجونه؟ خاصة بعد التنكيل البشع الذي ضاعفوه في ظل حكومة نتنياهو – سموترش- بن غفير.
*وماذا يفعل لإنهاء الحصار الجائر المفروض على قطاع غزَّة؟ الذي جعله يموت موتاً بطيئاً.
*وماذا يفعل في مواجهة توسع الاستيطان في الضفة الغربية بوتيرة غير مسبوقة، وفي مواجهة عنف المستوطنين في الضفة الغربية وجرائمهم، التي وصلت مستويات غير مسبوقة؟
*وماذا يفعل ليحقّق أمل 7 مليون فلسطيني بالعودة إلى ديارهم بعد 75 عاماً من النفي والشتات.
*وماذا يفعل في ظل عجز المجتمع الدولي، وتواطؤ بعض الدول الكبرى لمنع تحقيق حلمه بالدولة، وهو الشعب الوحيد في العالم الذي مازال قابعاً تحت الاحتلال.
انطلاقاً ممَّا سبق، كانت عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م، خطوة ضرورية واستجابة طبيعية، لمواجهة ما يُحاك من مخططات إسرائيلية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الأرض وتهويدها، وحسم السيادة على المسجد الأقصى والمقدسات، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة، وخطوة طبيعية في إطار التخلّص من الاحتلال، واستعادة الحقوق الوطنية، وإنجاز الاستقلال والحرية كباقي شعوب العالم، وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
دعاية إسرائيلية كاذبة والرد عليها
فور اندلاع عملية طوفان الأقصى انتشرت في إسرائيل والولايات المتحدة وأوربا دعايا كاذبة لم يخجل حتى المسئولون الغربيون من ترديدها دون التأكد منها، وعلي سبيل المثال
من أطلق الإشاعة؟
خلال تغطيتها الصحافية، عمدت مراسلة قناة I24 الإسرائيلية، نيكول زيديك، إلى نقل تصريحات عن مسؤولين إسرائيليين جاء فيها أنّهم عثروا على جثث لأربعين رضيعًا برؤوس مقطوعة في مستوطنة كفار عزا.
وجندت في سبيل الخبر صحفًا وقنوات غربية، وهدف ذلك، حشد الرأي العام الغربي ضد القطاع المحاصر، إذ يمكن ملاحظة ذلك، عبر عناوين الصحف في تلك الدول.
” مجاز مروعة ” هكذا، عنونت “ديلي ميل” غلافها: “أطفال بُترت رؤوسهم: 40 طفلًا قتلوا رميًا بالرصاص”، حسب ادعاءاتها. أما ذا تايمز البريطانية، فكتبت على صفحتها الأولى، “حماس تذبح حناجر الرضع”.
على ضوء ذلك، أجرى رئيس الوزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو اتصالًا بالرئيس الأميركي جو بايدن، نقل عبرها إشاعته للأخير ليسهم في انتشار الخبر كالنار في الهشيم.وبعد الاتصال، خرج بايدن، متحدثًا أمام قيادات للجالية اليهودية في الولايات المتحدة، مؤكدًا لهم صدمته من المشاهد التي رآها، ليخرج البيت الأبيض بعد ساعات فقط، نافيًا الخبر من أساسه.
فيديو يظهر مقاتلين بزي عسكري برفقة 3 جنرلات وهم مكبّلو الأيدي
هذا الفيديو بعنوان “أخبار عاجلة عن إسرائيل: شوهد العديد من جنرالات الجيش الإسرائيلي رفيعي المستوى تم أسرهم من قبل حماس” حظي بنحو 1.3 مليون مشاهدة على منصة فيسبوك وحدها.
وهنا ردت حركة المقاومة الإسلامة ” حماس ” عن هذه الإشاعات في وثيقتها الصادرة في يناير 2024 وقالت:
أحداث 7 أكتوبر، والرَّد على ادّعاءات وأكاذيب الاحتلال:
في ضوء الكثير من الاتهامات والادعاءات والمزاعم الإسرائيلية الملفّقة فيما يتعلّق بأحداث يوم 7 أكتوبر وما تلاه من تطوّرات ضمن عملية طوفان الأقصى، فإنَّنا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) نوضّح ما يلي:
- لقد استهدفت عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر المواقع العسكرية الإسرائيلية، وسعت إلى أسر جنود العدو ومقاتليه، من أجل إطلاق سراح الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، من خلال عملية تبادل؛ ولذلك تركّز الهجوم على فرقة غزة العسكرية الإسرائيلية، وعلى المواقع العسكرية الإسرائيلية في مستوطنات غلاف غزَّة، والتي كانت دائماً تشكّل مصدر قصف وإطلاق النار على غزَّة وأهلها.
- إنَّ تجنُّب استهداف المدنيين، وخصوصاً النساء والطفال وكبار السن، هو التزامٌ ديني وأخلاقي يتربّى عليه أبناء حماس. ونحن نؤكّد ما أعلناه مراراً بأنَّ مقاومتنا منضبطة بضوابط وتعليمات ديننا الإسلامي الحنيف، وأنَّ استهداف جناحها العسكري هو لجنود الاحتلال، ومن يحملون السلاح ضد أبناء شعبنا. وفي ذات الوقت، نعمل على تجنّب المدنيين، رغم عدم امتلاكنا للأسلحة الدقيقة، وإنْ حصل شيءٌ من ذلك فيكون غيرَ مقصود، وإنَّما في ظل ضراوة المعارك التي نخوضها دفاعاً عن النفس وردّ العدوان، في مواجهة قوَّة عدوانية استعمارية طاغية، تقوم بقتل أطفالنا ونسائنا وشيوخنا ليل نهار، وبكل أنواع الأسلحة الفتاكة والدقيقة.
لقد التزمت حماس منذ انطلاقتها سنة 1987، بتجنّب استهداف المدنيين، وبعد أنْ قام الصهيوني المجرم (باروخ جولدشتاين) بتنفيذ مجزرة في المصلين في المسجد الإبراهيمي في الخليل سنة 1994، أعلنت حماس مبادرة تقضي بأنْ يتم تجنيب المدنيين ويلات القتال، من قبل كل الأطراف، لكنَّ الاحتلال الصهيوني رفض حتّى مجرّد الرّد على تلك المبادرة. وقد كرَّرت حماس ذلك مراراً، لكنَّ الاحتلال الإسرائيلي واصل تجاهله، وتابع قتل المدنيين بكل صلافة وتجاهل. - ربَّما يكون قد حدث بعض الخلل أثناء تنفيذ عملية طوفان الأقصى، بسبب انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشكل كامل وسريع، وحدوث بعض الفوضى نتيجة الاختراقات الواسعة في السياج والمنظومة الفاصلة بين قطاع غزة ومناطق عملياتنا.
وكما يشهد الجميع، فقد تعاملت حماس بصورة إيجابية مع ملف المدنيين الذين تمَّ أسرهم في قطاع غزة، وسَعت منذ اليوم الأوَّل لإطلاق سراحهم بالسرعة الممكنة، وهو ما حدث فعلاً، خلال الهدنة الإنسانية لمدة 7 أيام، مقابل إطلاق سراح النساء والأطفال من أبناء الشعب الفلسطيني المعتقلين ظلماً وعدواناً في سجون الاحتلال، وهي عمليات اعتقال يمارسها الاحتلال بشكل منهجي على مدى عشرات السنوات؛ ضمن سياسة العقاب الجماعي لشعبنا المخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية. - إنَّ ما يروّجه الاحتلال الإسرائيلي حول استهداف كتائب القسَّام لمدنيين إسرائيليين في هجوم يوم 7 أكتوبر هو محضُ افتراء وكذب؛ فمصادر المعلومات التي تدّعي ذلك هي مصادر إسرائيلية، ولا توجد مصادر مستقلة تؤكّد صحة مزاعمها. ومن المعروف أنَّ المصادر الإسرائيلية تلجأ كثيراً إلى إخفاء الحقائق وتزويرها، وإلى محاولة تشويه المقاومة، لتبرير جرائم الاحتلال ضد شعبنا. وقد أثبتت المعلومات لاحقاً انكشاف كذب الرواية الإسرائيلية، التي شرعن الاحتلال على أساسها عدوانه الوحشي على قطاع غزة.
حصاد حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة في عام
نشر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إحصائية لكافة الخسار ( التي تمكنوا من احصائها ) بسبب نقص الإمكانات حتى الثلاثين من سبتمبر 2024 وكانت كالتالي:
جرائم القتل التي ارتكبها الكيان الصهيوني
ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني 3.628 مجزرة داخل قطاع غزة نتج عنها استشهاد 51.615 من أهالي القطاع 69% منهم من النساء والأطفال. وبلغ عدد المفقودين نتيجة العدوان الصهيون 10 آلاف مفقودًا في القطاع. قتلت آلة الحرب الصهيونية 16.615 طفلًا فلسطينيًا مما يؤكد أن آلة الحرب تستهدف مستقبل فلسطين بتركيز عمليات القتل على الأطفال والنساء ووما يثبت أنها ترتكب جرائم أبادة لاتسقط بالتقادم. وتثبت هذه الأرقام أيضًا إدانة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية التي تتواطئ مع الكيان الصهيوني في الصمت إزاء حرب الإبادة التي يرتكبها بحق الفلسطينيين. قتل الاحتلال الصهيوني 171 رضيعًا فلسطينيًا في حرب الإبادة الجماعية في حين قتلت 710 طفلًا خلال الحرب وعمرهم لم يتخط العام الواحد.
حرب على القطاع الصحي
امتدت آلة القتل والتدمير الصهونية إلى القطاع الطبي لتخرجة تمامًا من الخدمة، ولاتزال مشاهد العدوان على مجمع الشفاء الطبي والمقابر الجماعية في ساحاته شاهدة على جرائم الحرب الصهيونية. ونستطيع إجمال خسائر القطاع الطبي في قطاع غزة كالتالي:
قتل الكيان الصهيوني 986 من الطواقم الطبية في قطاع غزة مما يمثل خسارة غالب الكودار الطبية في القطاع. كما اعتقلت سلطات الاحتلال 310 من الكوادر الطبية بشكل تعسفي. أخرجت هجمات قوات الاحتلال 34 مستشفي عن العمل في القطاع، كما أخرجت آلة الخرب الصهيونية 80 مركزًا صحيًا عن العمل، كما استهدفت قوات الاحتلال 162 مؤسسة صحية في قطاع غزة، كما لم تنجو سيارات الإسعاف من هجمات قوات الاحتلال فقد دمر الاحتلال 131 سيارة اسعاف.
من لم يمت قتلًا مات مرضًا
لم ينجو المرضى داخل قطاع غزة من آلة الموت والحرب الصهيونية، فقد أدت الهجمات على القطاع الطبي في القطاع إلى العديد من الآثار السلبية على المرضى نرصد بعض منها
تسببت حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة في احتياج 12 ألف من المصابين إلى السفر للخارج لتلقى العلاج غير المتوافر داخل القطاع بسبب الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات. كما يواجه 10 ألاف مريض بالسرطان الموت بسبب نقص الأدوية وتدمير المستشفيات. في نفس الاتجاه يعاني 3 ألاف مريض بأمراض مختلفة شبح الموت في كل دقيقة بسبب نقص العلاج وتدمير المستشفيات. ومما زاد الأمر سوءًا أن ما يقرب من مليون وسبعمائة ألف فلسطيني في غزة أصيبوا بأمراض معدية نتيجة موجات النزوح المتكررة هربًا من قصف قوات الاحتلال. كماأُصيب 71.338 فلسطينيًا بالتهاب الكبد الوبائي جراء موجات النزوح. واستمرارًا لاستهداف المستقبل من خلال السيدات بوجه عام، والحوامل منهن بوجه خاص فقد تعرضت أكثر من 60 سيدة حامل للخطر بسبب نقص الرعاية الصحية أثناء فترة الحمل.
الحرب على التعليم
يشترك المحتل مع المستبد في بغضه للتعليم فهما لايرادان سوى شعب جاهل يستطيعون السيطرة عليه، وبناء على هذه القاعدة شنت قوات الاحتلال هجمات مدمرة نتج عنها تدمير العملية التعليمية بكافة مراحلها داخل قطاع غزة. دمرت قوات الاحتلال الصهيوني 125 مدرسة وجامعة بشكل كلي خلال حب الإبادة التي تشنها على الفلسطينيين في قطاع غزة كما قامت بتدمير 337 جامعة ومدرسة بشكل جزئي أثناء عدوانها. كما قتلت قوات الاحتلال 11.500 طالبًا وطالبة خلال الحرب. كما قتلت 750 معلمًا ومعلمة أثناء الحرب. وبما أن العلماء هم ورثة الأنبياء وحملة مشاعل العلم، فقد قتلت قوات الاحتلال 115 عالمًا باحثًا فلسطينيًا أثناء حرب الإبادة.
دور العبادة لم تسلم من التدمير
دمرت قوات الاحتلال الصهيوني 611 مسجدًا بشكل كلي، كما قامت بتدمير 214 مسجدًا بشكل جزئي، في المقابل لم تسلم الكنائس من التدمير، فقد دمرت قوات الاحتلال 3 كنائس بشكل كلي. وقامت قوات الاحتلال بتدمير 150.000 وحدة سكنية داخل قطاع غزة بشكل كلي، وأصبحت 80 ألف وحدة سكنية غير صالحة للسكن تمامًا، ما دمرت قوات الاحتلال 200 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي بعدما ألقت 85 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة تسببت في تدمير 86% من قطاع غزة، كما دمرت قوات الاحتلال 700 بئر ماء في القطاع بالإضافة إلى 36 منشأة رياضية و (2,835,000 متر طولي شبكات طُرق وشوارع دمرها الاحتلال. كما دمر الاحتلال 655,000 متر طولي شبكات صرف صحي. لم تسلم المواقع الأثرية من الدمار حث قامت قوات الاحتلال بتدمير 206 موقعًا أثريًا داخل قطاع غزة.
حرب على الطفولة
يمكن أن نطلق على العدوان المستمر من قِبل قوات الاحتلال الصهيوني ألقاب عدة من بينها أنها حرب على الطفولة، ومما يدل على ذلك الاحصائيات التي ينشرها المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة ومنها:
تسببت آلة الحرب الصهيونية إلى استشهاد 16,891طفلًا ، كما أنه يوجد 3500 طفلًا معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء. ولم يسلم الأطفال الرضع من آلة القتل الصهيونية بحيث استشهد 171 طفلًا رضيعًا أثناء العدوان، كما استشهد 710 طفلًا قبل أن يكملوا عامًا، تسببت آلة الحرب الصهيونية وحرب الإبادة في وجود 25,973 طفلاً يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما.
وفي نهائة الاحصائيات فقد بلغت الخسائر الأولية المباشرة للعدوان وحرب الإبادة على قطاع غزة 33 مليار دولار.
الحرب على عائلات غزة
لم تقتصر حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة على الفلسطينيين في القطاع بشكل فردي، بل امتدت آلة القتل الصهيونية إلى العائلات فأبادت عائلات بأكملها من سجلات النفوس في فلسطين. ووفقًا لما أصدره المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة فقد تسببت الهجمات الصهيونية في إبادة 902 عائلة فلسطينية ومسحها من السجل المدني بقتل كامل أفرادها خلال سنة من الإبادة الجماعية في قطاع غزة . كما أباد جيش الاحتلال الإسرائيلي 1,364 أسرة فلسطينية قتل جميع أفرادها ولم يتبقَ منها سوى فرداً واحداً في الأسرة الواحدة، ومسح كذلك 3,472 أسرة فلسطينية قتل جميع أفرادها ولم يتبقَ منها سوى فردين اثنين في الأسرة الواحدة.
ماذا خسر الكيان الصهيوني من طوفان الأقصى وحرب الإبادة على غزة؟
لم يحقق الكيان الصهيوني أي من أهدافه من حربه على قطاع غزة، وبدا على النقيض من ذلك تتزايد خساره خاصةً في الشق الاقتصادي بعد عام من الحرب.
رفع جيش الاحتلال تقديراته الإجمالية لتكلفة الحرب من 130 مليار شيكل (36.7 مليار دولار) إلى ما بين 140 و150 مليار شيكل (39.5-42.4 مليار دولار) لافتا إلى أن هذه التكاليف لا تشمل إمكانية شن عملية برية في لبنان أو مواجهة حربية مباشرة مع إيران، وهو ما يعني أن التكلفة قد ترتفع أكثر في حال حدوث تصعيد إضافي، وفق ما ذكرت صحيفة كالكاليست الإسرائيلية.
وتمثلت بعض الخسائر التي يتكبدها الكيان الصهيوني في الأرقام التالية
- خفض المكتب المركزي للإحصاء معدل نمو الاقتصاد بالربع الثاني إلى 0.7% على أساس سنوي (من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران الماضيين) من التقدير الأولي الصادر في أغسطس/آب عند 1.2%.
- تم تعديل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول بشكل طفيف إلى 17.2% من 17.3% على أساس فصلي، إذ تعافى الاقتصاد من انكماش حاد بالربع الأخير من عام 2023 عندما بدأت الحرب على غزة.
- خفضت وزارة المالية توقعاتها للنمو خلال العام الجاري، وذلك يؤكد الضغوط التي فرضتها الحرب المستمرة لنحو عام. ومن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.1%، وفقا للأرقام المحدثة على الموقع الرسمي للوزارة الشهر الماضي، انخفاضا من الرقم السابق البالغ 1.9%، وقد تم خفض التوقعات لعام 2025 إلى 4.4% من 4.6%.
- وبهذا يتوقع أن ينمو الاقتصاد بأبطأ وتيرة هذا العام منذ عام 2009، باستثناء ذروة جائحة كورونا عام 2020.
- الحرب دفعت الكنيست (البرلمان) إلى تمرير زيادة الميزانية الإضافية للسنة المالية 2024 لتصل إلى 727.4 مليار شيكل (192 مليار دولار). وأقر الكنيست الزيادة الجديدة بقيمة 3.4 مليارات شيكل (924 مليون دولار) للمساعدة في تمويل إجلاء المدنيين والصرف على جنود الاحتياط حتى نهاية هذا العام.
- في الربع الأخير من السنة الماضية انكمش الاقتصاد 21% (وهو الربع الذي بدأت فيه الحرب) على أساس سنوي مقارنة بالربع السابق عليه، ذلك حسب المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء.
- أفادت وزارة المالية في تقرير بأن الديون بلغت 160 مليار شيكل (43 مليار دولار) عام 2023، من بينها 81 مليار شيكل (21.6 مليار دولار) بعد اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول إلى نهاية 2023.
علاوةً على ما سبق فقد انخفضت التقييمات الائتمانية للكيان الصهيوني كما يلي
- كالة فيتش خفضت تصنيفها الائتماني لإسرائيل خلال أغسطس/آب الماضي، وأبقت على توقعاتها السلبية للتصنيف.
- وفي فبراير/شباط الماضي، خفضت موديز تصنيفها الائتماني لإسرائيل، وأرجعت ذلك إلى الحرب على قطاع غزة وتداعياتها، كما توقعت الوكالة ارتفاع أعباء الدين عن توقعات ما قبل الحرب على غزة.
- وأظهرت بيانات “ستاندرد أند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس” خلال الشهر الماضي أن كلفة التأمين على الديون السيادية الإسرائيلية ضد التخلف عن السداد بلغت أعلى مستوياتها منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
- وبلغت تكلفة عقود مبادلة مخاطر الائتمان لأجل 5 سنوات 149 نقطة أساس مقارنة بمستوى إغلاق يوم 20 سبتمبر/أيلول الماضي عند 146 نقطة أساس، وكان السعر الأعلى منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
- اتجهت إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أكثر من مرة، إلى أسواق الدين الدولية لتوفير السيولة النقدية اللازمة لتمويل حربها على قطاع غزة وتصاعد حدة المواجهة مع حزب الله.
النزوح ليس في غزة فقط
بلغت كلفة نزوح 100 ألف شخص من السكان من مناطق الحرب المباشرة 8.648 مليارات شيكل (2.34 مليار دولار) بما في ذلك 5.46 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار) نفقات الفنادق.
هروب الاستثمارات
قالت إيكونوميست إن وتيرة فرار الأموال من بنوك إسرائيل إلى مؤسسات أجنبية تضاعفت الفترة بين مايو/أيار ويوليو/تموز الماضيين، وسط استعداد المستثمرين “للسيناريو الكابوس” إذا ابتلعت الحرب تل أبيب والقدس المحتلة.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن المستثمرين غير متأكدين من قدرة إسرائيل على التعافي، فالشيكل متقلب والبنوك الإسرائيلية تعاني من هروب رأس المال.
وبحسب إيكونوميست، تفيد أكبر 3 بنوك إسرائيلية بزيادة كبيرة في عدد العملاء الذين يطلبون تحويل مدخراتهم إلى بلدان أخرى أو ربطها بالدولار، مضيفة أنهم مستسلمون لتدهور الأمور إلى الأسوأ.
ورأت في تقرير لها أن وضع اقتصاد إسرائيل صار أكثر صعوبة مقارنة بالفترات الأولى للحرب على غزة، فقد نما ناتجها المحلي الإجمالي 0.7% فقط بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران الماضيين على أساس سنوي، أي أقل بنحو 5.2 نقاط مئوية عن توقعات خبراء الاقتصاد، وفقا لوكالة بلومبيرغ للأنباء.
في النهاية يجب أن نختتم هذا التقرير بالمطالب الأساسية وما هو المطلوب وفق ما حددته المقاومة الفلسطينية في وثيقتها المعلنة