تشهد أسعار العقارات في مصر ارتفاعاً جنونياً، رغم الركود الذي تشهده الأسواق وزادت حدته مطلع العام الجاري، وسط أزمة مزمنة في الدولار، لتتحول العملة الخضراء إلى وسيلة الدفع الأكثر رواجاً لقيمة العقارات الفاخرة، والمعيار القياسي للتسعير في المدن الجديدة والمناطق الراقية والمتوسطة في مختلف الأحياء.
تطلب شركات عقارية عربية ومحلية عملاءها لسداد قيمة العقارات بالقيمة الموازية للدولار، بينما تمنح الحكومة التي تعاني من شح في العملة الصعبة أفضلية لبيع الأراضي والعقارات المملوكة للدولة لمن يدفع بالدولار، حيث تسببت السياسات الحكومية في إدارة الملفات الاقتصادية والعقارية في قفزات هائلة لأسعار العقارات، أدت إلى تقليل الطلب على الشراء، رغم وجود ملايين الوحدات المعروضة للبيع في أنحاء البلاد، ومواجهة قطاع العقارات خسائر فادحة.
انتهاء عصر الاستقرار
وقضت الأزمات المتعددة على الاستقرار الذي تحلت به السوق العقارية لسنوات، وتحول القطاع من قاطرة تمثل نحو 60% من مدخلات الناتج القومي إلى صناعة تواجه الموت الإكلينيكي في المدن القديمة، بسبب قيود البناء التي وضعتها الدولة، وعدم صدور قانون التصالح على المخالفات القديمة، وتباطؤ شديد في البناء بالمدن الجديدة، حيث تراجعت المبيعات بنسب هائلة، فخرجت أغلب شركات المقاولات من سوق العمل مدفوعة بالخسائر الفادحة.
وهناك “شركات عقارية كبرى، خليجية ومحلية، تجري حساباتها وتسعير منتجاتها على أساس أن الدولار يوازي 46 جنيهاً”، بالاضافة الى أن “شركات خليجية لجأت إلى التحوط بشكل أوسع عند تعاقدها، الشهر الماضي، على مشروعات جديدة، من خلال النص في العقود على تحمل العملاء مسؤولية أية زيادة تطرأ في التكاليف في حالة تصاعد الدولار عن 35 جنيهاً رسمياً”.
وأحدث النظام الجديد الذي طرحته بعض الشركات الخليجية ضجة واسعة في السوق العقارية، وسط دهشة العملاء من عقود لا تضع سقفا لقيمة الوحدات. لكن سليمان يعتبر أن “هذه التطورات طبيعية في ظل عدم اليقين ووضوح الرؤية حول مستقبل الجنيه، وتوجه الحكومة إلى خفضه، وفق تعهدات أجرتها مع صندوق النقد الدولي لا تراعي وضع السوق ولا تضع في حساباتها الخسائر المترتبة على المقاولين والجهات الصناعية والإنتاجية، خاصة العقارات التي تحتاج ما بين 3 إلى 5 سنوات لإتمام مشروعاتها”.
في الأثناء، طرحت هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان، منتصف مارس/آذار الماضي، 3 قطع من الأراضي للبيع عبر التخصيص المباشر على مساحة 62 فدان، في مدينة المنصورة الجديدة (شمال القاهرة)، على أن يكون الدفع بالدولار ممن خارج البلاد. وحددت الهيئة سعر المتر بـ200 دولار لبناء منطقة سكنية وخدمية وترفيهية.
ويعرض مطورون كبار، خاصة الذين انتقلت ملكية شركاتهم في السنوات الأخيرة إلى مستثمرين إماراتيين، على المشترين الدفع بالدولار. ويرفض هؤلاء الالتزام بالقانون، الذي يحظر بيع منتجات بعملة أجنبية داخل الدولة من دون إذن مسبق من الجهات المختصة.
ويخشى محللون من دفع تجارة العقارات لزيادة الطلب على الدولار، نادر الوجود في البنوك، بما يعطل شراء الدولة للسلع الأساسية ويحرم القطاعات الصناعية والإنتاجية من استيراد مستلزمات الإنتاج، ويوجه السوق إلى “دولرة” على الطريقة اللبنانية، في أعقاب إفلاس الدولة.
وفي مقابل الركود الشديد في المبيعات، يعمد المطورون إلى زيادة مدة سداد الأقساط الشهرية، التي ارتفعت من متوسط 5 سنوات إلى 12 عاماً، وشملت مباني العاصمة الإدارية التي أصبحت مؤشراً على تصاعد الغلاء في أسعار العقارات.