وفقًا للقانون الدولي فإن الكيان الصهيوني قد ارتكب العديد من جرائم الحرب التي يجرمها القانون الدولي، والتي بموجب القانون يجب محاكمة مرتكبيها إلى محكمة العدل الدولية، ومن المعلوم أن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية لاتسقط بالتقادم.
وقد جاءت هذه الاتهامات من هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية وبتسيلم، وجماعات وخبراء حقوق الإنسان، بما في ذلك مقرِّرو الأمم المتحدة. ويقول النقاد إنَّ إدارة بايدن أعطت موافقة ضمنية على جرائم الحرب الإسرائيلية، وأشار أنتوني بلينكن إلى أنَّ إدارة بايدن لديها “قدرة عالية على التسامح مع كل ما يحدث في غزة.
وفي 25 مارس 2024، قالت فرانشيسكا البانيزي – مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية – أنَّ هنالك أسباباً منطقية للقول أنَّ إسرائيل ارتكبت العديد من أعمال الإبادة “بحق الفلسطينيين في غزة، لافتة إلى حصول تطهير عرقي.
وفي 5 أبريل 2024 دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى محاسبة إسرائيل على احتمال ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة مطالباً جميع الدول بعدم تصدير الأسلحة إلى تل أبيب. وتعليقا على الغارة الإسرائيلية التي قتلت 7 من موظفين منظمة ورلد سنترال كيتشن الخيرية بقطاع غزة قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن مهاجمة الأشخاص المشاركين في تقديم المساعدات الإنسانية قد يرقى إلى جريمة حرب.
وفي 7 أبريل 2024 قال فيليب لازاريني مفوض الأونروا إن هذه الحرب خرقت كل الخطوط الحمراء وشهدت قتل أكبر عدد من الأطفال والعاملين في قطاع الصحة والصحفيين وموظفي الإغاثة الإنسانية مشدداً على أن المجاعة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي تفاقم الوضع. وقال الطاهي الإسباني الأميركي خوسيه أندريس رئيس منظمة وورلد سنترال كيتشن، إن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة لم تعد تبدو حرباً للدفاع عن إسرائيل ولكنها في الواقع حربا ضد الإنسانية نفسها.
وفي 9 أبريل 2024 قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن استخدام إسرائيل التجويع كسلاح في قطاع غزة يمثل جريمة حرب.
وفي 19 يونيو 2024 قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: إن القوات الإسرائيلية ربما انتهكت على نحو متكرر المبادئ الأساسية لقوانين الحرب، وأخفقت في التمييز بين المدنيين والمقاتلين في حملتها العسكرية على قطاع غزة.
جريمة استهداف الاحتلال للكوادر الطبية والقطاع الصحي
قامت إسرائيل بانتهاك الحياد الطبي، وهو جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف. حيثُ استهدف الجيش الإسرائيلي عمدًا سيارات الإسعاف والمرافق الصحية بغارات جوية، وأفاد الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والأونروا ومنظمة أطباء بلا حدود عن عمليات استهداف للعاملين في المجال الطبي.
في 14 أكتوبر، قالت منظمة الصحة العالمية إن قتل العاملين في مجال الرعاية الصحية وتدمير المرافق الصحية “يحرم المدنيين من حقهم الإنساني الأساسي في الصحة المنقذة للحياة” وهو محظور بموجب القانون الإنساني الدولي. في 17 أكتوبر، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن 51 منشأة صحية في غزة تعرضت للهجوم من قبل إسرائيل.
وفي 6 أبريل 2024 ندّدت منظمة الصحة العالمية بالدمار الهائل الذي لحق بمستشفى الشفاء جراء الحصار الإسرائيلي الأخير والذي حول المجمع إلى هيكل فارغ إلا من المقابر البشرية.
وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني، ذكرت وزارة الصحة في غزة أن 105 مرافق طبية قد تم استهدافها عمدًا.
وفي 21 تشرين الأول/أكتوبر، أشارت وزارة الصحة إلى أن إسرائيل هاجمت 69 منشأة صحية و24 سيارة إسعاف، وأخرجت 7 مستشفيات من الخدمة، وقتلت 37 فردًا من الطواقم الطبية. وقال العاملون في مجال الصحة وجماعات الإغاثة إن عدة مستشفيات في غزة تعرضت للغارات الجوية والقصف.
واتهمت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إسرائيل بشن غارات جوية “عمداً” حول ثاني أكبر مستشفى في غزة، وهو مستشفى القدس في شمال غزة، لإجبارها على إخلاء المنشأة. وجدت منظمة الصحة العالمية أنه من المستحيل إخلاء المستشفى. ووفقًا لشبكة سي إن إن، حتى أولئك الذين تم إجلاؤهم إلى الجنوب لم يكونوا آمنين.
في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرض مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، الواقع في جنوب قطاع غزة، لـضربة مباشرة، مما أدى إلى وقوع أضرار وإصابات.
في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، أصابت غارة جوية إسرائيلية قافلة إسعاف كانت تغادر مستشفى الشفاء، وكانت تقل، وفقًا لمتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، ما بين 15 إلى 20 مريضًا مصابين بجروح خطيرة.
أثناء حصار مدينة غزة، أفادت التقارير أن القناصة الإسرائيليين أطلقوا النار على وحدة العناية المركزة في مستشفى القدس، مما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 28 آخرين. وأفاد أطباء في مستشفى الشفاء أن القناصة عند أطراف المجمع كانوا يطلقون النار على “أي شخص يتحرك. صرح فابريزيو كاربوني، الرئيس الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط، أن الهجمات الإسرائيلية على مستشفى الشفاء لا يمكن أن تستمر، مشددًا على ضرورة حماية المرضى والعاملين في المستشفى بما يتماشى مع قوانين الحرب. ردًا على حصار مستشفى الشفاء، ذكرت هيومن رايتس ووتش أنه يجب التحقيق في تصرفات إسرائيل ضد المستشفيات باعتبارها جرائم حرب. صرحت جينيفر كاسيدي، الخبيرة القانونية في جامعة أكسفورد، أن الحصار الإسرائيلي على الشفاء كان جريمة حرب “واضحة وبسيطة. وفي أعقاب الهجوم الإسرائيلي على مستشفى إندونيسيا، وصف وزير الخارجية الإندونيسي ذلك بأنه انتهاك واضح للقانون الإنساني الدولي.
جريمة استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام
اغتالت إسرائيل خلال معركة طوفان الأقصى عشرة صحفيين على الأقل في الأسبوع الأول فقط من المعركة. أغلبُ الصحفيين فلسطينيين وقُتلوا في أماكن متفرقة من قطاع غزّة بسببِ الغارات الجوية التي استهدفت الأبراج السكنيّة ومنازل المدنيين وغيرها، باستثناء الصحفي اللبناني عصام عبدالله الذي اغتالته قواتُ الاحتلال الإسرائيلي في علما الشعب جنوب لبنان.
ارتكبت إسرائيل في ساعات الصباح الأولى من يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر مجزرة في حقِّ عددٍ من الصحفيين حينما أغارت بمقاتلاتها الحربيّة على برج حجي الذي يضمُّ مكاتب عددٍ من الصحفيين الفلسطينيين المعروفين بنقلِ الأحداث من هناك بحيث يحرصون على توثيقِ الذي يجري في قطاع غزة من قصفٍ إسرائيلي وغارات مكثفة وما يُقابلها من ردود فصائل المقاومة الفلسطينية، كما يحرصون على نقلِ الوضع الإنساني والاجتماعي من داخل القطاع.
إن اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين لا تتضمن إلا إشارتين صريحتين بخصوص العاملين في مجال الإعلام (المادة 4 (ألف-4) من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول). لكن عند قراءة هاتين المادتين بالموازاة مع قواعد إنسانية أخرى، يتضح أن الحماية الممنوحة بموجب القانون الساري شاملة تماماً. والأهم من ذلك أن المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول تنص على أن الصحفيين يتمتعون بجميع الحقوق وأشكال الحماية الممنوحة للمدنيين في النزاعات المسلحة الدولية. وينطبق الشيء نفسه على حالات النزاع غير المسلح بمقتضى القانون الدولي العرفي (القاعدة 34 في دراسة اللجنة الدولية للقانون الدولي الإنساني العرفي).
وفي 3 مايو 2024 وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة سقوط 141 صحافياً وإعلامياً، وإصابة أكثر من 70 آخرين جراء الهجمات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر الماضي. ونظرًا لهذه التضحيات والشجاعة والالتزام بحرية التعبير منحت منظمة اليونسكو الصحافيين الفلسطينيين الذين يغطّون الأحداث في قطاع غزة جائزة «اليونسكو/غييرمو كانو» العالمية لحرية الصحافة لعام 2024. وقالت مؤسسات حقوقية فلسطينية إن إسرائيل لا تزال تعتقل 53 صحافياً فلسطينياً مشيرة إلى أن من بينهم 43 اعتقلوا بعد 7 أكتوبر وهم من أصل 70 صحافياً وصحافية تعرضوا لعمليات اعتقال بعد ذلك التاريخ. وفي 5 مايو 2024 قررت الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو، إغلاق قناة الجزيرة وحظرها، بزعم أنها تشكل “تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي”، وقامت الشرطة الإسرائيلية بمداهمة مقر القناة في القدس المحتلة.
في ساعات العصر ليوم الأربعاء 31/07/2024، كان الصحفي إسماعيل الغول والمصور رامي ليفي الذان يعملان لقناه الجزيرة، إضافه الى عدد من الصحفيين الأخرين، يصورون تقريرا في مخيم الشاطئ بجواز منزل إسماعيل هنيه، وذلك على أثر اغتياله في ذات اليوم. إستهدفَ قصفُ سطح منزل مجاور لمنزل إسماعيل هنية وذلك خلال وجود عددٍ من الصحفيين، ثم أغارت المسيّرات الإسرائيلية عبر صواريخها على كل من حاول الهروب من موقع القصف. حاول إسماعيل ورفيقه المصوّر الفرار عبر سيّارتهما لكنّ المسيّرة الإسرائيلية تعقبتهما وأغارت عليهما عمدًا وهما المعروفانِ لديها واللذان يرتديانِ ملابس الصحافة مع سيارة تميزها علامات الصحافه، تسبّبت هذه الغارة في مقتل مراسل الجزيرة إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي في عينِ المكان.
جريمة استهداف أفراد الدفاع المدني
منذ بداية عملية طوفان الأقصى، ومع بداية يوم الأثنين 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قامت الطائرات الإسرائيلية باستهداف أفراد من رجال الدفاع المدني الفلسطيني، مما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 10 من رجال الدفاع المدني كانوا من بين المدنيين. حيثُ أن استهداف أفراد الدفاع المدني يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، والذي أقر حماية خاصة للمرافق الصحية وطواقم الإسعاف ورجال الدفاع المدني، حيث لا يجوز تعرضها للقصف أو مهاجمتها من أطراف النزاع وتعرضها للقصف والنهب والسرقة وإطلاق الرصاص عليها أو محاصرتها أو إعاقة عملها أو حرمانها من المستلزمات اللازمة لعملها مثل توفير الوقود والماء والكهرباء والغذاء ويتوجب على أطراف النزاع توفير الحماية لهم للقيام بعملهم في كافة الظروف في أوقات الحرب والنزاعات المسلحة. كما تنص المادة رقم (20) من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949م بأنه “يجب احترام وحماية الموظفين المخصصين كلياً بصورة منتظمة لتشغيل وإدارة المستشفيات المدنية، بمن فيهم الأشخاص المكلفون بالبحث عن الجرحى والمرضى المدنيين والعجزة والنساء النفاس وجمعهم ونقلهم ومعالجتهم”. كما نص البروتوكول الاختياري الأول الملحق باتفاقيات جنيف، في المادة رقم (8) من البروتوكول على ضرورة توفير الحماية توفير لأفراد الخدمات الطبية.
جريمة استهداف موظفي الإغاثة
في الأول من أبريل 2024 قتلت غارة جوية إسرائيلية 7 من موظفي منظمة “وورلد سنترال كيتشن” الخيرية في قطاع غزة يحملون جنسيات أستراليا وبولندا وبريطانيا وأميركا وكندا وفلسطين، لتعلن المنظمة وقف عملها في المنطقة لحين إشعار آخر. وأدى قتل إسرائيل لموظفي المنظمة الإغاثية إلى صدمة دولية وأممية وردود فعل غاضبة وتنديدات واسعة ومطالب بإجراء تحقيقات فورية ومحاسبة المسؤولين عن الحادثة ومطالب بضرورة حماية العاملين في المجال الإنساني.
وفي 4 أبريل 2024 رفضت منظمة أطباء بلا حدود إدعاء إسرائيل بأن مقتل 7 من موظفي الإغاثة في غزة كان حادثاً مؤسفاً، مؤكدة أنه جزء من نفس نمط الهجمات المتعمدة على العاملين في المجال الإنساني والعاملين في مجال الصحة والصحفيين وموظفي الأمم المتحدة والمدارس والمنازل.
وفي 11 أبريل 2024 أكد مجلس الأمن الدولي على ضرورة محاسبة المسؤولين عن سقوط 224 من عاملي الإغاثة الإنسانية في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، داعيًا إلى إجراء تحقيق كامل وشفاف وشامل في مقتل 7 من موظفي منظمة وورلد سنترال كيتشن قتلتهم غارة إسرائيلية في 1 أبريل الجاري.
وفي 25 أبريل 2024 قالت كارولين جينيز وزيرة التنمية البلجيكية، إن موظف إغاثة كان يشارك في جهود المساعدة التنموية البلجيكية قتله قصف إسرائيلي على رفح جنوبي غزة. وفي 13 مايو 2024 أكدّت الأمم المتحدة مقتل أحد موظفيها وإصابة آخر، يعملان في إدارة السلامة والأمن، التابعة لها، بعدما تعرضت مركبة كانت تقلهما لقصف إسرائيلي أثناء توجههما إلى المستشفى الأوروبي برفح جنوبي غزة.
جريمة التهجير القسري
يعتبر القانون الدولي التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية. يعرّف التهجير القسرى بأنه ممارسة ممنهجة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراض معينة وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلا عنها.
ويكون التهجير القسري إما مباشرا أي ترحيل السكان من مناطق سكناهم بالقوة، أو غير مباشر، عن طريق دفع الناس إلى الرحيل والهجرة، باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد. وهو يختلف عن الإبعاد أو النزوح الاضطراري أو الإرادي، باعتبار أن التهجير يكون عادة داخل حدود الإقليم، بهدف تغيير التركيبة السكانية لإقليم أو مدينة معينة.
التهجير القسري لسكان شمال قطاع غزة
هي عملية تهجير قسري أمر بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في 13 أكتوبر 2023 لجميع المجتمعات الواقعة شمال وادي غزة، بما في ذلك مدينة غزة، للإخلاء إلى الجنوب. وفقًا للأمم المتحدة، أعطى الجيش الإسرائيلي مهلة 24 ساعة للإخلاء، في حين لم يحدد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي موعدًا نهائيًا وقال إن الجيش الإسرائيلي يفهم أن الإخلاء “سيستغرق بعض الوقت جاء هذا الأمر بعد أسبوع واحد من شنت حركة حماس وعدد من فصائل المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى على مستوطنات غلاف غزة وعدد من المواقع الأخرى، تم إجلاء مئات الآلاف من الفلسطينيين من شمال غزة بحلول 14 أكتوبر، الأمر الذي وُصف بأنه بمثابة نكبة ثانية.
أدانت باولا جافيريا بيتانكور، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين داخلياً، أمر الإخلاء القسري ووصفته بأنه جريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي.
دعا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الفلسطينيين إلى مغادرة الجزء الشمالي من غزة، بما في ذلك مدينة غزة ، قائلاً: “تمويه الإرهابيين هو السكان المدنيون، لذلك، نحن بحاجة إلى فصلهم. لذلك أولئك الذين يريدون إنقاذ حياتهم، من فضلك اذهب جنوبًا.”
في 6 ديسمبر 2023 قالت الخارجية الفلسطينية، إن إسرائيل تطلب من النازحين في قطاع غزة المزيد من النزوح لحشرهم وتحديد حركتهم باتجاه واحد نحو معبر رفح الحدودي مع مصر.
وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أمر الجيش الإسرائيلي بإجلاء 1.1 مليون شخص من شمال غزة. وقد تم وصف أمر الإخلاء بأنه تهجير قسري من قبل يان إيغلاند، الدبلوماسي النرويجي السابق المشارك في اتفاق أوسلو. وحذرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة فرانشيسكا ألبانيز من حدوث تطهير عرقي جماعي في غزة. وصف المؤرخ الإسرائيلي راز سيغال عملية التهجير بأنها “حالة إبادة جماعية نموذجية”. وقد أدان هذا الإجراء الأمم المتحدة وأطباء بلا حدود واليونيسيف ولجنة الإنقاذ الدولية. وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت منظمة الصحة العالمية بياناً تدين فيه أمر إسرائيل بإخلاء 22 مستشفى في شمال غزة، ووصفته بأنه “حكم بالإعدام”.
وفي 26 أبريل 2024 أكد ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن المنظمة الدولية لن تكون طرفاً في أي تهجير قسري للفلسطيين في غزة.
وفي 6 مايو 2024 أفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن القوات الإسرائيلية بدأت إجلاء المدنيين الفلسطينيين من منطقة رفح قبل هجوم محتمل، مشيرة إلى أن عملية الإخلاء قد تشمل نحو 100 ألف فلسطيني. ووجه الجيش الإسرائيلي نداءً عاجلاً إلى كل السكان والنازحين المتواجدين في مدينة رفح خاصة منطقة بلدية الشوكة، وأحياء السلام الجنينة، وتبة زراع، والبيوك، والبلوكات من 10 إلى 16 و28 و270، بالمغادرة إلى منطقة المواصي بخان يونس. وأفادت غرفة عمليات الطوارئ في الهلال الأحمر الفلسطيني لوكالة “فرانس برس”، بأن آلاف الفلسطينيين من المناطق الشرقية لرفح ينتقلون نحو الغرب وقال شهود عيان في غزة، إن الآلاف بدأوا مغادرة شرق رفح إلى مناطق وسط غزة وسط مخاوف كبيرة. ووسط عمليات النزوح كثف الجيش الإسرائيلي ضرباته على مناطق شرق رفح وأرسل رسائل صوتية على الهواتف النقالة للفلسطينيين حذّر فيها من البقاء في المناطق التي حدد إخلائها.
وفي 28 مايو 2024 قالت وكالة الأونروا إن الأسابيع الثلاثة الأخيرة شهدت فرار نحو مليون شخص من رفح رغم عدم وجود مكان آمن يمكن الذهاب إليه.
جريمة قنابل الفسفور الأبيض
في الثاني عشر من أكتوبر 2023 أكدت منظمة هيومان رايتس واتش أن الكيان الصهيوني استخدام قنابل الفسفور الأبيض المجرمة دوليًا في الحروب.
وأضافت المنظمة الدولية أن الفسفور الأبيض، الذي يمكن استخدامه لوضع العلامات، وإرسال الإشارة، وحجب الرؤية، أو كسلاح لإشعال النيران التي تحرق الأشخاص والأشياء، له تأثير واسع يمكن أن يحرق الناس بشدة ويضرم النار بالمباني، والحقول، وغيرها من الأعيان المدنية في المناطق المجاورة. استخدام الفسفور الأبيض في غزة، وهي إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، يفاقم المخاطر التي يتعرض لها المدنيون وينتهك الحظر الذي يفرضه القانون الإنساني الدولي على تعريض المدنيين لخطر غير ضروري.
راجعت هيومن رايتس ووتش الفيديوهات وتحققت من أنها صُوِّرت في ميناء مدينة غزة وحددت الذخائر المستخدمة في الغارة على أنها قذائف فسفور أبيض مدفعية من عيار 155 ملم وتنفجر جوا. تُظهر فيديوهات أخرى منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي وتحققت منها هيومن رايتس ووتش الموقع نفسه. الدخان الأبيض الكثيف ورائحة الثوم من خصائص الفسفور الأبيض.
كما راجعت هيومن رايتس ووتش مقطعَي فيديو تاريخهما 10 أكتوبر/تشرين الأول من موقعين قرب الحدود الإسرائيلية-اللبنانية. يُظهر كل منهما قذائف فسفور أبيض مدفعية عيار 155 ملم، تُستخدم على ما يبدو كستار دخاني، أو لإحداث علامات، أو لإرسال إشارات.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن استخدام الفسفور الأبيض في المناطق المكتظة بالسكان في غزة ينتهك واجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إصابة المدنيين والخسائر في الأرواح، المنصوص عليه في القانون الإنساني الدولي. ويتفاقم هذا القلق نظرا إلى التقنية التي تظهر في فيديوهات قذائف الفسفور الأبيض المتفجرة جوا. يؤدي انفجار قذائف الفسفور الأبيض جوا إلى نشر 116 شظية مشتعلة مشربة بالمادة على مساحة يتراوح قطرها بين 125 و250 متر، اعتمادا على ارتفاع الانفجار، وبالتالي تعريض المزيد من المدنيين والمنشآت المدنية لأضرار محتملة مقارنة بالانفجار الأرضي الموضعي.د
في ذات السياق قالت منظمة العفو الدولية أنها وجدت أدلة قوية تدل على استخدام إسرائيل غير القانوني لقنابل الفسفور الأبيض في غزة ولبنان.
خرقت إسرائيل جميع الأعراف والاتفاقيات الدولية، من بينها تلك التي تحرّم استخدام القنابل الفسفورية نظراً لخطورتها صحياً وبيئياً. وكشفت وزارة الخارجية الفلسطينية عن استخدام القوات الإسرائيلية قنابل فسفورية لقصف مناطق مختلفة من قطاع غزة. وبحسب مصادر طبية فلسطينية، أطلقت إسرائيل العديد من القنابل الفسفورية على منطقة الميناء غربي القطاع، ما أدى إلى إصابة المئات بحالات اختناق، كما نقل عدد كبير منهم إلى المستشفيات، ولوحظت معظم الإصابات بين الأطفال وكبار السن، وخصوصاً المصابين بأمراض تنفسية.
ولم يكن استخدام هذه القنابل محصوراً فقط داخل قطاع غزة، بل استخدمته على أطراف بلدتي الماري والمجيدية في قضاء حاصبيا في جنوب لبنان. في هذا السياق، كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” عن استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي الفسفور الأبيض في غزة ولبنان، محذرة من عواقب استخدام هذه الذخائر على حياة المدنيين. واعتبرت أن استخدام إسرائيل الفسفور الأبيض في عملياتها العسكرية في غزة ولبنان يعرّض المدنيين لخطر الإصابة بجروح خطيرة وطويلة الأمد.
جريمة القصف العشوائي
نفذ الجيش الإسرائيلي آلاف الغارات الجوية في مختلف أنحاء غزة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 51,615 مدني وإصابة أكثر من 96,359 آخرين. أصابت الغارات الجوية مواقع محمية بشكل خاص، بما في ذلك المستشفيات والأسواق ومخيمات اللاجئين والمساجد والمرافق التعليمية وأحياء بأكملها. وأكدت مجموعة من المقررين الخاصين بالأمم المتحدة أن الغارات الجوية العشوائية الإسرائيلية “محظورة تمامًا بموجب القانون الدولي وتصل إلى حد جريمة حرب”. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن “التركيز ينصب على الضرر وليس على الدقة”.
وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول، شن الجيش الإسرائيلي غارة جوية أوقعت عدداً كبيراً من الضحايا في سوق مخيم جباليا للاجئين. وأدى الهجوم إلى مقتل أكثر من ستين مدنيًا وإلحاق أضرار جسيمة بالسوق. ونتيجة للغارات الجوية الإسرائيلية في مناطق أخرى، لجأ النازحون إلى المخيم، مما أدى إلى اكتظاظ السوق بالسكان وقت الغارة.
وفي اليوم نفسه، شن الجيش الإسرائيلي غارة جوية على مخيم الشاطئ للاجئين المكتظ بالسكان. أفادت وسائل إعلام فلسطينية أن هذه الغارة أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين وتدمير أربعة مساجد، منها المسجد الغربي، ومسجد ياسين، ومسجد السوسي، والتي تم التأكد من تدميرها جميعًا من خلال لقطات الأقمار الصناعية. وبموجب نظام روما الأساسي، يعد الهجوم المتعمد على أماكن العبادة في النزاعات غير الدولية جريمة حرب. ووصفت وزارة الصحة الفلسطينية الغارات الجوية على مخيم الشاطئ للاجئين بأنها “مذبحة ضد حي بأكمله”.
في 17 أكتوبر، شن الجيش الإسرائيلي غارة جوية على مدرسة تابعة للأونروا تؤوي 4,000 لاجئ في مخيم المغازي للاجئين، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة العشرات. ووصف فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، الهجوم بأنه شائن ويظهر التجاهل الصارخ لحياة المدنيين.
في 19 أكتوبر، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية كنيسة القديس بورفيريوس. وأدانت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس ما حدث ووصفته بأنه جريمة حرب لا يمكن تجاهلها.
جريمة العقاب الجماعي
في السابع والعشرين من أكتوبر 2023، دعا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى إنهاء العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على كل سكان غزة فورا، ووقف الهجمات العشوائية التي تشنها جماعات فلسطينية مسلحة على إسرائيل، وإلى إطلاق سراح جميع الرهائن على الفور وبدون شروط.
وفي مؤتمر صحفي في جنيف، قالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: “منذ ما يقرب من ثلاثة أسابيع، يعاني المدنيون الفلسطينيون في غزة من القصف المستمر من إسرائيل جوا وبرا وبحرا. نتلقى شهادات مروعة عن عائلات بأكملها قُتلت في الغارات الجوية على منازلها، بمن فيها أسر موظفينا، ومن آباء يكتبون أسماء أبنائهم على أذرعهم للتعرف على أشلائهم (في حال قُتلوا)”.
تم وصف العديد من الإجراءات التي اتخذها الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك حصاره على الكهرباء والغذاء والوقود والمياه، بأنها عقاب جماعي، وهي جريمة حرب محظورة بموجب معاهدة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وبشكل أكثر تحديدًا المادة 3 المشتركة في اتفاقية جنيف، الاتفاقيات والبروتوكول الإضافي الثاني. واتهم الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ سكان غزة بالمسؤولية الجماعية عن الحرب. وقال كريستوس كريستو، الرئيس الدولي لمنظمة أطباء بلا حدود، إن ملايين المدنيين في غزة يواجهون عقابًا جماعيًا بسبب الحصار الإسرائيلي على الوقود والمواد الغذائية. وكتب توم داننباوم، أستاذ القانون بجامعة تافتس، أن أمر الحصار “يأمر بتجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، وهو انتهاك للقانون الإنساني الدولي وجريمة حرب”.
كجزء من الحصار الإسرائيلي على غزة، تم إغلاق جميع سبل الوصول إلى المياه. والمادة 51 من قواعد برلين بشأن الموارد المائية تمنع المقاتلين من إزالة المياه أو البنية التحتية المائية للتسبب في الوفاة أو إجبارها على الحركة. ووصف كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قطع إسرائيل للمياه والكهرباء والغذاء بأنه لا يتوافق مع القانون الدولي.
وفي 14 أكتوبر، أعلنت الأونروا أن غزة لم تعد تتمتع بمياه الشرب النظيفة، وأن مليوني شخص معرضون للخطر والموت بسبب الجفاف. في 15 أكتوبر، أعلنت إسرائيل أنها استأنفت إمداد المياه إلى موقع واحد في جنوب غزة لتشجيع الحركة. وفند عمال الإغاثة في غزة توفر المياه. وبحلول 16 أكتوبر/تشرين الأول، كان المدنيون يشربون مياه البحر والمياه الملوثة بمياه الصرف الصحي من أجل البقاء، حيثُ أنه تم تلويث مياه البحر من موارد الصرف الصحي لمستوطنات غلاف غزة.
وفي مقابلة مع مجلة نيويوركر، أشار خبير حقوق الإنسان ساري باشي إلى التفرد التاريخي للمسؤولين الإسرائيليين الذين يعترفون علناً بأنهم يشاركون في العقاب الجماعي.
في 18 أكتوبر/تشرين الأول، صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن هجمات حماس «لا يمكن أن تبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني.
فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً على غزة في الأيام العشرة الأولى من الحرب، بسبب مخاوف أمنية مزعومة من نقل الأسلحة والوقود والأسلحة إلى حماس تحت ستار المساعدات الإنسانية. وسمحت إسرائيل فيما بعد بتسليم مساعدات إنسانية محدودة بعد التفتيش الأمني. وقد تم انتقاد القيود التي فرضتها إسرائيل على تدفق الغذاء والوقود والمياه والمساعدات الإنسانية الأخرى باعتبارها جريمة حرب من قبل منظمات حقوق الإنسان.
ووصف الأورومتوسطي الوضع بأنه بمثابة حرب مجاعة ضد المدنيين في قطاع غزة. وأشار الأورومتوسطي إلى أن الظروف المعيشية وصلت إلى مستويات كارثية بسبب قيام إسرائيل بقطع جميع الإمدادات الغذائية عن النصف الشمالي، وقصف وتدمير المصانع والمخابز ومخازن المواد الغذائية ومحطات المياه والخزانات في جميع أنحاء القطاع بأكمله. وأشار الأورومتوسطي إلى أن إسرائيل تعمدت تركيز هجماتها على استهداف المولدات الكهربائية ووحدات الطاقة الشمسية، التي تعتمد عليها المنشآت التجارية والمطاعم، للحفاظ على الحد الأدنى الممكن من عملها. كما استهدفت إسرائيل المناطق الزراعية شرق غزة، ومخازن الدقيق، وقوارب الصيادين، بالإضافة إلى مراكز المنظمات الإغاثية، بما فيها تلك التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ونتيجة لذلك، عانى أكثر من 90% من الأطفال في غزة من مشكلات صحية مختلفة، بما في ذلك سوء التغذية وفقر الدم وضعف المناعة. وبحسب ما ورد استهدف القناصة الإسرائيليون الأشخاص الذين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية.
مما سبق سيتضح للجميع أن الكيان الصهيوني يمارس كافة جرائم الإبادة الجماعية بتشجيع من المجتمع الدولي و صمت العاجز من المنظمات الدولية.