عبد الرحمن يوسف القرضاوي، شاعر وسياسي مصري، أحد أبناء العالم الأزهري والفقيه المصري الدكتور للشيخ يوسف القرضاوي. انخرط عبد الرحمن القرضاوي في العمل السياسي مبكرًا حيث شغل موقع المنسق لحملة البرادعي رئيسًا ، كما كان عضو مؤسس في حركات معارضة لحكم مبارك مثل كفاية والجمعية الوطنية للتغيير. عارض نظام حسني مبارك، وكتب ضده العديد من القصائد التي ذاع صيتها منذ عام 2003 وحتى سقوط نظام مبارك في فبراير. أسس مع آخرين الحملة الشعبية لدعم البرادعي ومطالب التغيير، واختير منسقاً عاماً للحملة قبل ثورة يناير. استقال من تنسيقية حملة الدكتور محمد البرادعي قبل ثورة 25 يناير بثلاث شهور. اشترك في حملة ترشيح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح للرئاسة.
اشتهر القرضاوي بمعارضته المستمرة ضد النظام الحاكم في مصر والأنظمة المستبدة في الوطن العربي.
شارك في العديد من الندوات الثـقافية في شتى أقطار الوطن العربي، كما شارك في مؤتمر حركة شباب 6 أبريل وحركة كفاية، ونشرت أشعاره الكثير من الصحف والمجلات في مصر والدول العربية. كما أن له تجارب فنية في الإنشاد والأداء على العود وله ديوان غزلي بعنوان على المكشوف. لُقّب بشاعر الثورة نسبة إلى ثورة 25 يناير الذي كان واحداً ممن دعوا إليها ونظموا فعالياتها وشاركوا بالكتابة الشعرية والنثرية والعمل السياسي التنظيمي في إنجاحها.
ارتحاله للمنفى
بعد انقلاب الثالث من يوليو 2013 وتحت تهديدات قضائية وتهديدات بالقتل، اضطر القرضاوي إلى الارتحال للعيش في المنفى في تركيا، وصدرت أحكام قضائية ضده بالسجن.
سفره إلى سوريا والقبض عليه في لبنان
بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتحرر الشعب السوري، زار القرضاوي دمشق ومسجدها الأموي. غادر القرضاوي سوريا إلى لبنان في الثامن والعشرين من ديسمبر 2024 وقامت السلطات اللبنانية بتوقيفه من معبر المصنع الحدودي وفقًا لما ذكرته السلطات اللبنانية من تقديم الإمارات العربية المتحدة بلاغًا بتوقيفه ومذكرة من مجلس وزراء الداخلية العرب. بينما تؤكد الوقائع أن توقيف القرضاوي جاء بسبب مقطع فيديو له انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وتسبب في اعتقاله من قبل قوات الأمن اللبنانية بعد يوم واحد من نشره.
الاعتقال والترحيل
في التاسع والعشرين من ديسمبر 2024 نشر محمد صبلوح محامي القرضاوي فيديو على صفحته في فيسبوك وضح فيها بعض النقاط ومنها:
- أوقفت السلطات اللبنانية الشاعر عبد الرحمن القرضاوي في معبر المصنع أثناء عودته من سوريا بناء على مذكرة من الانتربول والامارات ومجلس وزراء الداخلية العرب.
- يعتبر تسليم القرضاوي إلى مصر مخالف لنص اتفاقية مناهضة التعذيب في مادتها الثالثة التي تنص المادة 3 علي:
- لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده (“ان ترده”) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب.
- تراعى السلطات المختصة لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية.
ومن الثابت لدى كافة المؤسسات الدولية أن السلطات المصرية ضالعة في تعذيب المعارضين لسياساتها، وأثبتت التقارير الدولية أن العديد من المعارضين قد ماتوا جراء تعذيب السلطات لهم.
- ترفض السلطات اللبنانية تمكين القرضاوي من التواصل مع أسرته لطمأنتهم عليه.
في الثلاثين من ديسمبر 2024 أدانت 24 منظمة حقوقية وأحزاب و109 أشخاص احتجاز الشاعر عبد الرحمن يوسف من قبل السلطات اللبنانية، منذ 28 ديسمبر الحالي بناءً على مذكرة تعاون أمني مع السلطات المصرية، وطالبوا بالإفراج الفوري عنه. واعتبروا هذا الإجراء مثالًا صارخًا على ممارسات القمع العابرة للحدود، التي تُستخدم بشكل منهجي لإسكات الأصوات المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان خارج حدود بلدانهم.
وقال الموقعون على العريضة إن هذه الاتهامات تأتي في سياق أحكام قضائية مسيسة صدرت بحقه، من بينها حكم بالسجن ثلاث سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة، وثلاث سنوات أخرى بزعم الإساءة إلى القضاء. هذه الأحكام تندرج ضمن سلسلة من الممارسات القمعية التي تنتهجها السلطات المصرية لإسكات الأصوات المعارضة داخل البلاد وخارجها، بما يشمل الملاحقات الأمنية والقضائية الزائفة، الإدراج على قوائم الإرهاب، المراقبة الأمنية، حملات التشوية والتضييق الممنهج على المعارضين والمدافعين في الخارج.
واعتبرت العريضة احتجاز عبد الرحمن يوسف يمثل استغلالًا غير مشروع للاتفاقيات الأمنية الدولية لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين، ويُظهر توجهًا خطيرًا نحو توظيف التعاون الأمني الدولي كأداة لقمع الحريات الأساسية وتقييد حق الأفراد في التعبير عن آرائهم.
وطالب الموقعون بالإفراج الفوري وغير المشروط عن يوسف من قبل السلطات اللبنانية، واحترام السلطات اللبنانية لالتزاماتها الدولية بحماية حقوق الإنسان، ووقف أي إجراءات تؤدي إلى تسليمه إلى السلطات المصرية حيث يواجه خطر الاضطهاد السياسي وافتقار أي ضمانات محاكمة عادلة. كما وجهوا الدعوة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للتحرك العاجل للتصدي لممارسات القمع العابرة للحدود “بما في ذلك الضغط على الدول التي تستغل الاتفاقيات الأمنية الدولية لقمع الأصوات المعارضة.
في الثلاثين من ديسمبر 2024 أعلن محامي القرضاوي أن مصادر كشفت عن اتصال رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالن برئيس الحكومة التركية وطالبه بتسليم القرضاوي إلى تركيا باعتباره مواطنًا تركيًا، وإن لم تقم السلطات التركية بتسليمه سيتم استدعاء السفير اللبناني فر أنقرة وتسليمه خطاب احتجاج رسمي واستدعاء السفير التركي لدى بيروت للتشاور. كما أجرى وزير الداخلية التركي اتصالًا هاتفيًا بنظيره اللبناني حاملًا نفس المطالب.
طالب مركز سيدار للدراسات القانونية اللبناني السلطات اللبنانية بالإفراج الفوري عن الشاعر عبد الرحمن القرضاوي. واعتبر المركز القانوني أن توقيف السلطات اللبنانية للقرضاوي هو أحدث مثال للقمع العابر للحدود
في الثاني من يناير 2025 أعلن محمد صبلوح، محامي القرضاوي أن سلطات التحقيق ستبدأ في استجواب القرضاوي في النيابة العامة.
بيان صادر عما يزيد عن 500 توقيع من شخصيات عامة، كيانات حقوقية، حزبية وأفراد للمطالبة بالإفراج الفوري عن الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي.
طالب الموقعون على هذا البيان الإفراج الفوري وغير المشروط عن الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي من قبل السلطات اللبنانية.
- احترام السلطات اللبنانية بالتزاماتها الدولية بحماية حقوق الإنسان، ووقف أي إجراءات قد تؤدي إلى تسليم عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى السلطات المصرية، حيث يواجه خطر الاضطهاد السياسي وافتقار أي ضمانات محاكمة عادلة.
- دعوة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى التحرك العاجل للتصدي لممارسات القمع العابرة للحدود، بما في ذلك الضغط على الدول التي تستغل الاتفاقيات الأمنية الدولية لقمع الأصوات المعارضة.
- التأكيد على ضرورة محاسبة الدول التي تستخدم هذه الأساليب في انتهاك الحريات الأساسية وضمان احترام المبادئ الدولية لحقوق الإنسان.
في الثالث من يناير 2025 نشر محامي القرضاوي فيديو على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وذكر فيه العديد من النقاط:
- لم تصل إلى السلطات اللبنانية أية طلبات من السلطات المصرية بتسليم الشاعر عبد الرحمن القرضاوي.
- طلب التسليم الذي تلقته السلطات اللبنانية من دولة الإمارات ويتخوف المحامي من سرعة البت في الطلب الإماراتي لوجود مدعي عام التمييز في قصر العدل في بيروت مما يثير الكثير من المخاوف.
- تخوف المحامي من أنه أذا أصدرت النيابة تقريرها بشأن القرضاوي فسيتم عرض التقرير في اجتماع مجلس الوزراء اللبناني في اجتماعه في السابع من يناير 2025 مما يُعد، ويتمثل السبب الرابع في أن قرار التسليم، حال صدوره، يخالف المادة رقم 134 من قانون العقوبات، ويأتي السب بالخامس في أن قرار التسليم يأتي مناهضًا لاتفاقية مناهضة التعذيب.
- أوضح المحامي أنه تقدم بمذكرة تشرح هذه المخاوف التي سبق ذكرها إلى مدع عام التمييز وطالبه فيها بإصدار توصية إلى مجلس الوزراء اللبناني بعدم تسليم القرضاوي لأنه لم يتركب أية جريمة على الأراضي اللبنانية.
- أوضح محامي القرضاوي أن مجلس الوزراء اللبناني أمام اختبار ثقة كبيرة إما أن ينجح فيه وإما أن يفشل.
في الرابع من يناير 2025 أعلن المحامي محمد صبلوح الذي يتولى قضية الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي أن المحامية الدولية هايدي تكستايل تولت هي وفريقها قضية القرضاوي وحذرت المحامية الدولية الحكومة اللبنانية من انتهاك المواثيق والمعاهدات الدولية فيما يخص تسليم القرضاوي لأي من مصر أو الإمارات.
في الرابع من يناير 2025 أصدر محامي القرضاوي، محمد صبلوح، بيانًا جاء فيه:
- لم أطلع حتى الآن على أي قرار رسمي صادر بشأن القضية.
- آخر المستجدات في الملف كانت تتعلق بانتهاء جلسة التحقيق المتعلقة بالبلاغ الإماراتي، حيث أكدت للقاضية المسؤولة أن البلاغ غير قانوني وسردت الاسباب التي دونت على المحضر.
- عدم قانونية التوقيف في الملف الاماراتي بسبب وجود بلاغ نائب عام اماراتي وليس مذكرة توقيف أو حكم
- عدم وجود اتفاقية تبادل بين لبنان والامارات.
- عدم ارتكابه جرم في الامارات أو لبنان بل هو مارس حقه في حرية إبداء الرأي والتعبير المكفولة في المواثيق الدولية والدستور اللبناني
- القرضاوي يلاحق اليوم بسبب معارضته للظلم وآرائه الرافضة للاستبداد وهو الكاتب والاديب وقد نصت
- المادة 41 من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي على استثناء الجرائم ذات الطابع السياسي من التعاون القضائي بين الدول العربية وتوضح الحالات التي لا يجوز فيها التسليم وهي إذا كانت الجريمة لها صبغة سياسية و إذا كانت الجريمة قد ارتكبت في إقليم الطرف المتعاقد المطلوب إليه التسليم.
- المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على حق الأفراد في البحث عن اللجوء في دول أخرى وتؤكد على عدم تسليم الأشخاص إلى دول قد يتعرضون فيها للاضطهاد.
- المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب تحظر تسليم أي شخص إلى دولة يُحتمل أن يتعرض فيها للتعذيب أو المعاملة القاسية.
- المادة 34 من قانون العقوبات اللبناني التي تمنع من تسليم معارضين للبلد طالب الاسترداد في حال وجود خوف من تعرضه لخطر او تعذيب.
- تقدمت بمذكرة خطية لمدعي عام التميز تفصل كل ما ذكر أعلاه ضمت لملف الدعوى.
- أما فيما يخص الملف المصري، فإنه لم يتم فتح أي تحقيق بشأنه حتى الآن. وبالتالي، لا يوجد ما يؤكد صدور أي قرار رسمي في هذا الشأن حتى اللحظة.
في الخامس من يناير 2025 أصدرت أسرة القرضاوي بيانًا قالت فيه إن الأسرة أرسلت خطابًا رسميًا إلى رئيس الوزراء اللبناني تطالبه فيه بالإخلاء الفوري لسبيل الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي. وأكدت أسرة القرضاوي أن احتجاز عبد الرحمن القرضاوي جاء نتيجة اتهامات كيدية زحكم قضائي ظالم وحملت الأسرة رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي المسئولية الأخلاقية والقانونية على سلامة الشاعر عبد الرحمن القرضاوي وضمان وصوله سالمًا إلى تركيا.
في السابع من يناير 2025 طالبت منظمة العفو الدولية الحكومة اللبنانية برفض طلبي تسليم الشاعر عبد الرحمن القرضاوي إلى أي من مصر أو الإمارات. وقالت المنظمة الدولية “يجب على السلطات اللبنانية أن ترفض على وجه السرعة طلبَيْ تسليم عبد الرحمن القرضاوي الصادرَيْن عن السلطات المصرية والإماراتية.
أشارت المنظمة الدولية إلى أن هذه القضية تُعدّ اختبارًا حاسمًا لالتزام السلطات اللبنانية بصون الحق في حرية التعبير. لذا يجب عليها أن تضع احترامها لحقوق الإنسان والتزاماتها بموجب القانون الدولي قبل الروابط السياسية والمصالح الاقتصادية. ويتعين على السلطات اللبنانية رفض طلبَيْ التسليم المقدمَّيْن من الإمارات ومصر، والإفراج عن عبد الرحمن القرضاوي فورًا والسماح له بالسفر إلى تركيا أو أي وجهة أخرى يختارها”.
في السابع من يناير 2025 أعلن محامي القرضاوي أنه تمت إحالة ملف تسليم القرضاوي إلى الإمارات إلى مجلس الوزراء.
في السابع من يناير 2025 أعلن محامي القرضاوي أن مجلس الوزراء اللبناني برئاسة نجيب ميقاتي قرر الموافقة على تسليم الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى الأمارات. وأكد صبلوح أن قضية القرضاوي هي أسرع قضية في لبنان والتي انتهت بقرار غير قانوني أثبت فيه لبنان أنه لا يحترم المعاهدات والمواثيق الدولية وأنها وافقت على تسليم القرضاوي للإمارات إرضاءً لها.
أكد محامي القرضاوي أن الشاعر المصري أضرب عن الطعام وأنه حصل على إذن من أعلى مرجع قضائي في لبنان وانتظر أكثر من ساعة في مديرية الأمن لزيارة القرضاوي ومنعت قوات الأمن المحامي من الزيارة وقاموا بإرسال القرضاوي بمواكبة سبع سيارات حماية إلى الأمن العام تمهيدًا لترحيله في الرابعة والنصف مساء نفس اليوم الثامن من يناير 2025.
وأشار محامي القرضاوي أنهم طالبوا السلطات اللبنانية بإيقاف ترحيل القرضاوي إلى الإمارات لأن أمر التوقيف والترحيل غير إنساني وكما أنه غير قانوني ولم تمكنه السلطات في لبنان من حق الدفاع عن نفسه. وتقدم محمد صبلوح المحامي بطعن أمام مجلس شورى الدولة وأيضًا تقدم بطلب عاجل أمام مجلس شورى الدولة لوقف قرار الترحيل، إلا أن كافة السلطات القضائية أو التنفيذية أو السياسية في لبنان لم تتجاوب بشكل إيجابي مع هذه الطلبات. تواصل المحامي مع قاضية العاجل في بيروت ولكنها لم تفعل أي شيء، ولم يكن القضاء العاجل على مستوى المسؤولية.
في الثامن من يناير أعلن محامي القرضاوي أن طائرة إماراتية خاصة تسلمت الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي تمهيدًا لترحيله إلى الإمارات مما يعني أن التنسيق لترحيله كان قد تم منذ أيام.
أيضًا في الثامن من يناير 2025 أصدرت منظمة هيومان رايتس واتش العالمية بيانًا قالت فيه إن ترحيل القرضاوي إلى الإمارات يعرضه لخطر شديد، ويُعد انتهاكًا صارخًا لكافة المعاهدات والمواثيق الدولية.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن القرضاوي ليس مواطنا إماراتيا، ولم يكن في الإمارات عند ارتكابه أي من الجرائم المتهم بها.
قالت هيومن رايتس ووتش إن ترحيل القرضاوي إلى الإمارات ينتهك القوانين المحلية اللبنانية وواجبات لبنان الدولية، بما في ذلك بموجب “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة“، التي صادق عليها لبنان. تنصّ المادة 34 من قانون العقوبات اللبناني على أن طلب الاسترداد يجب أن يُرفض إذا نشأ “عن جريمة ذات طابع سياسي، أو ظهر أنه لغرض سياسي”. تنص المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب على أنه “لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده (“أن ترده”) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب”.
في مقال لها في صحيفة المدن قالت الصحفية اللبنانية المعروفة فرح منصور إن قرار تسليم الشاعر عبد الرحمن القرضاوي جاء بعد ضغوط واغراءات مارسها رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري. وأكدت الصحفية اللبنانية أن مصادر مقربة أكدت أن الحريري قد طلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومسؤولين آخرين بالدولة العمل لتسليم القرضاوي للإمارات، في الوقت الذي تنفي فيه مصادر قريبة من الحريري ذلك بشكل كامل وتقول إنه لم يتدخل بهذه المسألة.
في العاشر من يناير أي بعد يومين من تسلمها للشاعر عبد الرحمن القرضاوي، أعلنت الإمارات أنها تسلمت الشاعر. وقالت وكالة وام الإماراتية أن استلامها للقرضاوي جاء بناء على طلب التوقيف المؤقت الصادر بحقه من الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب- إدارة الملاحقة والبيانات الجنائية، والمقدم من قبل الجهات المختصة بدولة الإمارات لارتكابه أعمالًا من شأنها إثارة وتكدير الأمن العام.
في الثاني عشر من يناير 2025 أصدرت منظمات حقوقية بيانًا طالبت فيه بإجلاء مصير الشاعر عبد الرحمن القرضاوي والافراج الفوري عنه. وأكدت المنظمات في بيانها أن تسليم لبنان القرضاوي للإمارات تُعد سابقة قانونية خطيرة واستغلالًا غير مشروع للاتفاقيات الأمنية الدولية لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين. كما تعكس توجهًا مقلقًا نحو توظيف التعاون الأمني الدولي كوسيلة لقمع الحريات الأساسية وتقييد حق الأفراد في التعبير عن آرائهم. وتمثلت مطالب المنظمات الموقعة على البيان في:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن عبد الرحمن يوسف القرضاوي، والسماح له بالعودة الآمنة إلى تركيا، التي يحمل جنسيتها ويقيم فيها.
- الكشف عن مكان احتجازه وظروفه الحالية، وضمان سلامته الجسدية والنفسية.
- ضمان حصوله على حق التواصل مع أسرته ومحاميه بشكل منتظم ودون قيود، وتمكينه من الدفاع عن نفسه أمام أي اتهامات قد تُوجه إليه.
- تحميل السلطات الإماراتية المسؤولية الكاملة عن سلامته الجسدية والنفسية، وعن أي انتهاكات لحقوقه الأساسية.
- تقدم السلطات التركية بطلب رسمي عاجل لزيارة قنصلية للاطمئنان عليه، ونشر بيان عاجل يوضح ظروف احتجازه، والتأكد من سلامته الجسدية والنفسية، وممارسة كافة الضغوط اللازمة لضمان إطلاق سراحه في أسرع وقت ممكن وعودته.
في الخامس والعشرين من يناير 2025 أصدرت أسرة الشاعر عبد الرحمن القرضاوي بيانًا جاء فيه:
- تعرب الأسرة عن بالغ استيائها من استمرار احتجازه في دولة الإمارات.
- لم يسمح له بالتواصل مع محاميه أو أفراد أسرته منذ ترحيله من لبنان في الثامن من يناير.
- الشاعر القرضاوي تعرض لعزلة شاملة منذ انقطاع التواصل مع محاميه اللبناني محمد صبلوح، وتوقف الاتصال معه بعد انطلاق الطائرة الإماراتية الخاصة به.
- تخشى أسرة الشاعر من استمرار احتجاز الشاعر في دولة الإمارات دون السماح له بالتواصل مع محاميه أو أفراد أسرته، بما فيهم بناته الصغيرات.
- القرضاوي ليس مُدانًا بأي جريمة في دولة الإمارات، حيث إنه كان من المفترض أن يتم التحقيق معه أمام النيابة العامة خلال 48 ساعة، وفقًا للقوانين الإماراتية، ومع ذلك، فإنه وبعد مرور ثمانية أيام على احتجازه، لا يزال غير مسموح له بالتواصل مع محاميه أو أفراد أسرته، ما يُعد انتهاكًا صريحًا للقوانين المحلية والدولية التي تكفل حقوق المحتجزين.
حمد الشامسي، رئيس مركز مناصرة معتقلي الإمارات قال في حديث صحفي:
- احتمال تعرض عبد الرحمن يوسف القرضاوي للتعذيب وارد للغاية.
- الإمارات لديها سجل موثق من الانتهاكات الجسيمة في هذا السياق.
- تقارير منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش وأمنستي، بالإضافة إلى شهادات معتقلين سابقين، أكدت تعرض السجناء السياسيين في الإمارات للتعذيب الجسدي والنفسي.
- المادة 28 من قانون جهاز أمن الدولة، يسمح باحتجاز الأفراد لمدة تصل إلى 90 يومًا دون الحاجة إلى إذن النيابة، خلال هذه الفترة.
- يتم احتجاز المعتقلين في مراكز احتجاز سرية تابعة لجهاز أمن الدولة؛ حيث تتوفر بيئة خصبة للتعذيب والإخفاء القسري.
- بالنظر إلى أن قضية عبد الرحمن تحمل طابعًا سياسيًا واضحًا؛ فإن احتمال تعرضه للتعذيب والمعاملة القاسية مرتفع جدًا.
- سلطات الإمارات لا تملك أساسًا قانونيًا لمحاكمة عبد الرحمن يوسف القرضاوي، والالتزام الوحيد الذي يقع على عاتقها هو الإفراج الفوري عنه وإعادته إلى مكان آمن.
- تعرض عبد الرحمن لعملية اختطاف لا يمكن وصفها بأي مصطلح قانوني آخر: إذ لم تصدر بحقه أي أحكام قضائية، ولم يرتكب أي جرم يبرر اعتقاله أو تسليمه.
سجل الإمارات حافل بالانتهاكات
تواجه الإمارات انتقادات مستمرة من المنظمات الحقوقية الدولية بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، ومن أبرز القضايا التي تثير القلق، قمع حرية التعبير والرأي من خلال استهداف الصحفيين والنشطاء، واعتقالهم في ظروف قاسية، وغالبًا دون محاكمات عادلة.
وأكدت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان في الإمارات على العديد من الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات الإمارتية ومنها أن الإمارات واصلت السلطات فرض قيود لا مبرر لها على الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي. وتقاعست الإمارات العربية المتحدة عن الوفاء بتعهداتها بشأن سياسات مكافحة تغير المناخ. وظلَّ العمال الأجانب، الذين يعملون في الهواء الطلق، يفتقرون إلى الحماية الكافية من الحَر الشديد في فصل الصيف. وما زالت السلطات تحتجز تعسفيًا 26 من سجناء الرأي، ومنعت، أو قيَّدت بشدة، اتصال بعض السجناء بعائلاتهم. وبدأت السلطات محاكمة جماعية جديدة شملت أكثر من 80 إماراتيًا.
شارك العديد من النشطاء في وقفات احتجاجية أمام سفارات الإمارات في دول متعددة منها بريطانيا لمطالبة السلطات الإماراتية بإجلاء مصير الشاعر عبد الرحمن القرضاوي الذي يتعرض للإخفاء القسري في الإمارات منذ تسليم لبنان له.
في السادس والعشرين من يناير 2025 أعلنت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية أن مجلس النواب يناقش اتفاقية جديدة لنقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين مصر والإمارات والصادر بها قرار من السيسي حمل رقم 570 لسنة 2024.
يحمل توقيت مناقشة الاتفاقية، خاصةً أنها بُنيت على قرار جمهوري رقم 570/2024، يثير التوقيت الكثير من القلق في الأوساط الحقوقية فيما يخص الشاعر عبد الرحمن القرضاوي.
أستاذ القانون الدولي أيمن سلامة أكد في تصريحات صحفية أن الاتفاقية الجديدة يمكن أن يتم تطبيقها على الشاعر عبد الرحمن القرضاوي حال توفر 3 عوامل قانونية، أولها التحقق مما إذا كان القرضاوي محكوماً عليه بأحكام قضائية نهائية في إحدى الدولتين، أم لا، وثانيها أن تكون الجريمة متوافقة مع المعايير المحددة في الاتفاقية الثنائية والقوانين الوطنية، وثالثها وجود تعاون فعلي بين السلطات القضائية المختصة في البلدين.
في الثامن والعشرين من يناير 2025 تقدم المحامي محمد صبلوح بكتاب إلى كل من للرئيس ميقاتي ووزير العدل هنري خوري ومدعي عام التمييز جمال حجار لتحمل مسؤولياتهم في تنفيذ تعهد الامارات باحترام حقوق الانسان.
وأوضح المحامي محمد صبلوح في طلبه أن الحكومة الإماراتية لم تلتزم بتعهداتها، حيث إنها لم توفر أي معلومة عن القرضاوي ولم تمكن محاميه في الإمارات أو أسرته من التواصل معه رغم مرور أكثر من عشرين يوما على احتجازه. وأكد المحامي في طلبه أن السلطات الإماراتية لم توفر أي معلومات لكل من المحامي في الإمارات والمنظمات الدولية على الرغم من بياناتها وإدانتها لتصرف الحكومة اللبنانية ومتابعتها لقضية القرضاوي، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والسفارة التركية في دولة الإمارات.
في الحادي والعشرين من فبراير 2025 أصدرت أسرة الشاعر عبد الرحمن القرضاوي بيانًا قالت فيه إن الأسرة تلقت اتصالًا هاتفيًا قصيرًا وغير واضح الصوت من الشاعر عبد الرحمن القرضاوي. وفي خلال الاتصال الذي لم يستمر سوى دقيقة واحدة سأل الشاعر عن أحوال بناته وأكد خلال الاتصال أنه سيتمكن قريبًا من التواصل معه الأسرة ومحاميه.