أثارت التصريحات الصومالية عن بدء وصول معدات ووفود عسكرية مصرية إلى مقديشو تساؤلات عديدة عن أهداف وتداعيات الحضور العسكري المصري في الصومال، في ضوء توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين وتوتر متزايد بين الصومال وإثيوبيا.
كذلك كان لتلك التحركات العسكرية تأثيرها الكبير على الرأي العام المصري على المستوى الشعبي والتساؤلات المستمرة عن ارتباط هذه الخطوة بقضية سد النهضة الإثيوبي وآثاره السلبية الحادة المستقبلية على مصر وشعبها.
بدأت هذه التحركات بهبوط طائرتين عسكريتين مصريتين يوم الثلاثاء 27 أغسطس (آب) في مطار آدم عدي الدولي في العاصمة الصومالية مقديشو، وعلى متنهما قوات ومعدات عسكرية مصرية، كجزء من خطة إعادة تنظيم استراتيجي واسع النطاق بالتنسيق مع الصومال بمنطقة القرن الأفريقي؛ حيث إن هذه الخطوة تعد بداية اشتراك القاهرة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال (أوسوم)، التي من المقرر أن تحل محل بعثة أخرى سابقة هي “أتميس” (المهمة الانتقالية الأفريقية في الصومال) بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.
أشارت تقارير أن الضباط المصريين الذين وصلوا إلى مقديشو ستكون مهمتهم مراقبة مراكز القيادة العسكرية التي تتمركز في منطقة هيران الصومالية على طول الحدود الصومالية-الإثيوبية وأن القاهرة تهدف مستقبليًا إلى نشر قوات عسكرية يصل عددها إلى 10 آلاف جندي بالصومال. وأن القوات المصرية المزمع انتشارها في الصومال يستهدف أن يكون 5 آلاف منها ضمن بعثة “الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال”، بينما سيعمل 5 آلاف الباقون بشكل مستقل عن بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي وداخل إطار الاتفاق العسكري الموقع بين مصر والصومال في القاهرة.
الموقف الصومالي
رحبت الصومال بالإجراء المصري وأفادت الجهات الرسمية الصومالية أن الخطوة المصرية بإرسال قوات ومعدات الى الصومال تعتبر خطوة هامة، وتعد أولى الخطوات العملية لتنفيذ مخرجات القمة المصرية – الصومالية التي عقدت بالقاهرة بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس جمهورية الصومال حسن شيخ محمود والتي شهدت توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين في 14 أغسطس( آب ) 2024.
وأكدت الخارجية الصومالية في بيان أصدره السفير الصومالي في القاهرة أن مصر لم تتوان يومًا عن دعم الصومال، موضحًا أنها بذلك ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية بعد انتهاء مهمتها في الصومال.
الموقف المصري
الجانب المصري على المستوى السياسي الرسمي التزم الصمت بالتوازي مع التحركات العسكرية في اتجاه الصومال، وكذلك فعل المتحدث العسكري المصري إزاءها خلافًا للمعتاد عند إعلان إيفاد أي من القوات العسكرية في مهام معلنة إلى خارج البلاد.
ولكن بعد وصول طلائع القوات المصرية لمقديشو جاءت الإشارات إلى التوجهات المصرية بأسلوب غير مباشر عبر عدد من الشخصيات المحسوبة على النظام الحاكم إعلاميًا، بأن إرسال القوات المصرية يأتي في إطار الحفاظ على السلم والأمن العام ومقاومة الإرهاب داخل الصومال وليست له علاقة بتوتر العلاقات بين مقديشو وأديس أبابا.
إلا أن الظاهر للعيان أن ما تقوم به القاهرة فعليًا يصب في اتجاه موقفها المعلن من انفصال إقليم أرض الصومال وهو محاولة لإعادة ترتيب الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بما يصب في مصلحتها.
فالقاهرة لا ترغب في حصول اعتراف إقليمي بأرض الصومال كدولة، لما يراه النظام المصري أن هذا تهديد للمصالح المصرية بشكل مباشر، وفي الوقت نفسه، تعمل على تعزيز قدرات الجيش الصومالي لضمان بقاء مقديشو داعمة للمواقف المصرية.
التواجد العسكري المصري لن يكون منفردًا بأي حال من الأحوال في الصومال بل سيشهد تنسيقًا مع دول أخرى ستكون قواتها موجودة أيضًا على أرض الصومال، ولكن التوجه المزمع أن يكون الدور المصري هو الأكبر سواء على مستوى الأعداد أو العتاد، بناءً على التنسيق الجاري مع الحكومة الصومالية، و بناء على تفاهمات روعيت فيها تقاطعات مصالح الشركاء الخليجيين وتحديدًا الإماراتيين في منطقة القرن الأفريقي.
الموقف الإثيوبي
بعد وصول القوات المصرية إلى الصومال سارعت إثيوبيا في 28 أغسطس آب 2024 باتهام الحكومة الصومالية، في بيان لخارجيتها، بالاستعانة بجهات خارجية من أجل زعزعة استقرار المنطقة ومحاولة تأجيج التوتر، وحذرت وزارة الخارجية الإثيوبية من أن المنطقة تدخل في المجهول في ضوء التوترات المتصاعدة، متهمة الصومال بالتعاون مع “جهات فاعلة غير معلنة”، في إشارة ضمنية إلى مصر، بهدف تحقيق أهداف قد تضر بأمن واستقرار القرن الأفريقي.
بالاضافة لذلك ذكرت مصادر إثيوبية أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، يعتزم إرسال قوات عسكرية إلى إقليم أوجادين –تحت السيطرة الاثيوبية- والمتنازع عليه مع الصومال.
ثم قامت إثيوبيا في 30 أغسطس آب 2024 باتخاذ إجراء فاعل في سياق ردها على التحركات العسكرية المصرية نحو الصومال، وهي إيفادها مندوبا جديدًا بدرجة سفير إلى أرض الصومال (غير المعترف بها دوليا)، حيث في مراسم رسمية تسلّم رئيس أرض الصومال أوراق اعتماد تيشومي هاميتو ممثل إثيوبيا الجديد لدى هرغيسا عاصمة أرض الصومال وذلك لأول مرة منذ بدء العلاقات بين أديس أبابا والإقليم الباحث عن الاعتراف الإقليمي والدولي.
وهنا يمكن إدراك مدى التطور الكبير في الأحداث إذا علمنا أن إثيوبيا لم يكن لها على إقليم أرض الصومال سوى مكتب اتصال افتتحته في هرغيسا عام 1996، يتولى شؤون الاتصال والتعاون الاقتصادي والسياسي، ولم يكن لهذا المكتب أي صفة دبلوماسية متعارف عليها، حيث لم تكن إثيوبيا تعترف وقتها باستقلال أرض الصومال.
الخلافات الصومالية-الإثيوبية حول إقليم أرض الصومال
إقليم أرض الصومال أعلن انفصاله عن دولة الصومال قبل أكثر من 30 عامًا، لكن الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة لم يعترفا به كدولة مستقلة، ولا تزال الحكومة الصومالية تعتبره جزءا من أراضيها.
ﻣﺼﺪر اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻬﻮ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻤﺒﺮم ﺑﻴﻦ “أرض اﻟﺼﻮﻣﺎل” وإﺛﻴﻮﺑﻴﺎ والذي ظهر للعلن بشكل مفاجئ في 2 يناير/كانون الثاني 2024 واﻟﺬي ﻳﻤّﻬﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ لإثيوبيا ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ خليج عدن بالقرب من مضيق باب المندب المنفذ البحري الوحيد إلى اﻟﺒﺤﺮاﻷﺣﻤﺮ
وﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺒﺤﺮاﻷﺣﻤﺮ، ﻻﺑﺪ أن نذكر أﻫﻤﻴﺔ تأثير سواحل القرن الأفريقي على البحر الأحمر وتأثيره على قناة السويس الممر المائي العالمي ذو الاهمية القصوى ﻟﻸمن اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻤﺼﺮي كما يردد مقربون من النظام المصري تعليقًا على محاولة أثيوبيا الحصول على منفذ بحري.
الوصول إلى البحر قضية إثيوبية وجودية
هذا العنوان ليس تحليلا استراتيجيًا -وإن كان صحيحًا- بل كان تصريحًا سابقًا حرفيًا ﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻹﺛﻴﻮﺑﻲ آﺑﻲ أﺣﻤﺪ بأن وﺻﻒ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻗﻀﻴﺔ وﺟﻮدﻳﺔ ﻟﺒﻼده.
وذلك تحديدا في يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث ألقى آبي أحمد خطابًا مطولًا أمام البرلمان الإثيوبي تحدث فيه عن الضرورة الوجودية لوصول دولته الحبيسة إلى البحر مرة أخرى، وذلك من خلال ميناء سيادي على ضفاف البحر الأحمر عبر إريتريا أو الصومال أو جيبوتي، ما ضاعف التوترات وقتها حول احتمالية نشوب صراع مسلح جديد بالقرن الأفريقي.
وفي هذا المسار لا تسعى إثيوبيا للوصول الى البحر اقتصاديًا عبر ميناء بحري فحسب، بل تسعى أﻳﻀًﺎ للحصول على قاعدة عسكرية بحرية؛ لذلك قامت إثيوبيا وإقليم أرض الصومال بتوقيع ﻣﺬﻛﺮة تفاﻫﻢ خاصة بهذا الأمر في 2 يناير كانون الثاني 2024 كخطوة كبيرة نحو حل أزمة اثيوبيا الحبيسة بلا بحار.
أدﻳﺲ أﺑﺎﺑﺎ صورت ﻫﺬ ااﻟﺘﻄﻮر ﻋﻠﻰ أﻧﻪ اﻧﺘﺼﺎر قومي كبير وسوقت له شعبويًا على غرار ما فعلت مع سد النهضة.
وتضمنت اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺑﻨﺪًا ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰأن إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﺳﺘﻌﺘﺮف ﺑﺄرض اﻟﺼﻮﻣﺎل ﻛﺪوﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ.
وأعلنت “أرض اﻟﺼﻮﻣﺎل” ﻓﻲ ﺑﻴﺎن ﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ أن اﻻﺗﻔﺎق “اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ” ﻳﻀﻤﻦ وﺻﻮل إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺮ بقوات بحرية، ﻣﻘﺎﺑﻞاﻻﻋﺘﺮاف الإثيوبي اﻟﺮﺳﻤﻲ ﺑﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ أرض اﻟﺼﻮﻣﺎل، ﻣﻤﺎ ﻳﻤﺜﻞ تقدم دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴًا هامًا ﻟها -أي أرض الصومال-.
نص الاتفاق بين إثيوبيا و”أرض الصومال”
- الاتفاق يمنح إثيوبيا منفذًا على ساحل إقليم أرض الصومال المطل على ضفاف خليج عدن في مدخل مضيق باب المندب بطول 20 كلم، خصوصا في منطقة ميناء بربرة، لمدة 50 عامًا.
- اعتراف إثيوبيا رسميًا بجمهورية “أرض الصومال”.
- استخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر للأغراض التجارية، مما سيتيح انتقال ما مقداره %30 على الأقل، من التعاملات التجارية الاثيوبية مع جيبوتي من خلال أرض الصومال.
- مذكرة التفاهم تمهد الطريق لإثيوبيا للتواجد البحري العسكري على سواحل المنطقة، بمنحها إمكانية الحصول على قاعدة بحرية؛ ما يعني أن “أرض الصومال” ستحصل على الحماية بمساعدة قوات إثيوبية، مقابل منح حق الانتفاع بجزء من أراضيها إلى أديس أبابا كمنفذ بحري.
- تحصل “أرض الصومال” على حصة 20% من الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة.
الاكتشافات البترولية على ساحل إقليم أرض الصومال
بيد أن ما تم التوصل إليه بشأن تفاصيل اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال ومختصره حق انتفاع أديس أبابا بما طوله 20 كيلومترًا على الساحل بالقرب من ميناء بربرة في مقابل اعتراف أديس أبابا بأن أرض الصومال دولة مستقلة ومنحها حصة 20% من الخطوط الجوية الإثيوبية، ليس هو الدافع الوحيد لإثيوبيا من وراء إبرام الاتفاق. فثمة تقارير أفريقية أفادت عن اكتشافات نفطية ضخمة أمام سواحل أرض الصومال وتحديدًا على طول سواحل وادي نوجال بين أرض الصومال وبونتلاند تمثل هدفًا قويًا للغاية لإثيوبيا من وراء إبرام هذا الاتفاق، وهي التي تستورد كافة احتياجاتها النفطية.
وهذه الثروات المكتشفة من الممكن أن تؤدى إلى نزاع مسلح قد يتطور إلى حرب إقليمية حول هذه المنطقة، التي تمثل رأسها مدينة لاس عانود، العاصمة الإدارية لمنطقة سول في أرض الصومال، والتي تقع على طول وادي نوجال الغني بالنفط بين أرض الصومال وبونتلاند، مما قد يمنح تنظيم حركة الشباب المجاهدين قبلة الحياة مرة أخرى للعودة كلاعب مؤثر بقوة في الصراع الصومالي، الأمر الذي قد يقوض عملية إعادة بناء الدولة الصومالية ومؤسساتها ويعيدها سنوات إلى الوراء.
التأثير الإماراتي والروسي وتقاطعات المصالح
لدى الإمارات تأثير يعد الأقوى في أرض الصومال؛ حيث إن شركة موانئ دبي لديها استثمارات اقتصادية كبيرة في ميناء بربرة.
وأيضًا عبر القاعدة الإماراتية في مطار بربرة والتي أسست عام 2017 وتحولت عام 2019 إلى مطار متعدد الاستخدام، ثم التعاون العسكري والتدريب الذي تتلقاه قوات إقليم أرض الصومال تحت إشراف القوات المسلحة الإماراتية منذ عام 2018.
بالنسبة لروسيا فهي دعمت بأسلوب غير مباشر اتفاقية إثيوبيا وأرض الصومال، فقد اقترحت على أرض الصومال التعاون مع قوات الجيش الإثيوبي للحماية من التهديدات الخارجية، وأيضًا استئجار قوات شبه عسكرية للمساعدة في هذا الأمر، على غرار الشركات الروسية المتمركزة في أكثر من بقعة توتر خارج روسيا.
الدور التركي
تركيا لها دور فاعل في جمهورية الصومال الفيدرالية يتمثل في قاعدة “تركسوم” العسكرية المنشأة عام 2017، وهي ثاني أكبر قاعدة عسكرية لتركيا في الخارج، فضلًا عن مبادرات تنموية واقتصادية عدة بلغت مليار دولار، وتعد الصومال مركز تنطلق منه تركيا للتأثير الإقليمي في القرن الأفريقي والحصول على موطئ قدم في بقعة هامة على مسار الشحن التجاري العالمي.
وكذلك يوجد تعاون تركي إثيوبي في عدد من المجالات العسكرية مؤخرًا، لذلك تتمتع تركيا بعلاقات قوية مع كلا من إثيوبيا والصومال.
توسطت تركيا في القضية محل الخلاف الجوهري بين الجارتين، وذلك بهدف السماح لإثيوبيا بالوصول إلى المياه الدولية عبر الصومال لكن من دون المساس بسيادتها الإقليمية.
وعقدت محادثات بالفعل بين إثيوبيا والصومال في الأول من يوليو 2024 في أنقرة، والتي شهدت أيضًا “جولة ثانية” من المحادثات في 13 أغسطس 2024 دون الوصول لنتائج ملموسة. ومن المقرر عقد جولة ثالثة من المحادثات في 17 سبتمبر 2024 في العاصمة التركية.
الخلاصة
- الحضور العسكري المصري الحالي في الصومال يعتبر طلائع لقوات يُستهدف مستقبلًا أن يعمل جزء منها تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، والجزء الآخر ضمن إطار بروتوكول التعاون العسكري بين مصر والصومال، وحتى بعد وصولها للعدد الأقصى المقدر وهو 10.000 جندي لا ينتظر أن يحدث صدام عسكري مباشر مع الجيش الأثيوبي.
- القوات المصرية المتواجدة في الصومال تأثيرها كالعدم على قضية سد النهضة الذي خلفه الأن 62 مليار متر مكعب من المياه قد تصل إلى ما يزيد عن 70 مليار متر مكعب في ديسمبر المقبل، فبهذا يستحيل تدميره فهو في هذه المرحلة ذاتي الحماية، وهذا السد أصبح واقعًا فعليًا منذ أعوام بإرادة رأس النظام المصري الحالي وذلك أن قام السيسي بالتوقيع منفردًا دون الرجوع للشعب على إعلان المبادئ في الخرطوم.
- حدثُ وصولِ القوات والمعدات المصرية للصومال عبر طائرتين عسكريتين فقط صاحبه حشد إعلامي كبير من النظام المصري وتعبئة للرأي العام استخدامًا لأدوات العمليات النفسية للإيحاء أن هذه الخطوة لإنقاذ حقوق مصر التاريخية في مياه النيل وورقة ضغط خلفية على إثيوبيا وهو ما ينفيه واقع السد، ويمكن القول بأنه محاولة من النظام المصري للهروب للأمام من مشاكله الداخلية الضخمة والمتراكمة ومحاولة تملص من تسببه المباشر في خسارة مصر لحقوقها في مياه النيل، بل وبدء أثيوبيا في بناء سد جديد.
- استغلت أثيوبيا الحدث كعادتها لصالحها وبقوة كما فعلت بالضبط في كل مراحل بناء وملء سد النهضة، فبدأت مباشرة بالتصعيد الدبلوماسي الرسمي والضغط الإعلامي الشعبوي، ثم قامت بعد ٣ أيام فقط من وصول القوات المصرية لمقديشو استخدامًا لحالة التصعيد برفع تمثيلها الرسمي في أرض الصومال إلى درجة سفير، في إشارة إلى المضي قدمًا وبقوة في اتفاقها مع إقليم أرض الصومال للحصول على ميناء بحري، وهي خطوة لم تقدم عليها منذ 1996 إلا اعتمادًا على زيادة التوتر في القرن الأفريقي المصاحب لوصول طلائع القوات المصرية إلى الصومال.
- إذا ازداد معدل التوتر وانفجرت الأوضاع في الصومال ودخلت البلاد في حرب أهلية مرة أخرى كأحد السيناريوهات المتوقعة على غرار ما حدث في التسعينات، فلا يمكن أن يكون للقوات المصرية بهذا العدد والعتاد اي دور ايجابي، فضلًا عن عدم قدرة القوات النظامية على التعاطي عسكريًا مع أصحاب الأرض بقوات شبه عسكرية في معارك غير متماثلة، وهناك حدث تاريخي ليس ببعيد عن الأذهان وهو سقوط القوات المصرية بالكامل والطائرات المقاتلة في يد قوات الدعم السريع عند اقتحامها لقاعدة مروى الجوية بعد أيام من اشتعال الحرب الأهلية السودانية.