اتهم وزير المالية اليوناني الأسبق يانيس فاروفاكيس، في تصريحات حصرية لموقع “العدسة”، أوروبا بتقويض حرية التعبير، محذرًا من أن الديمقراطية في القارة قد تحولت إلى “خدعة” مع قمع الأصوات المناصرة لفلسطين. واعتبر أن ما يحدث حاليًا يشهد تصاعدًا في التضييق على الحريات العامة، خاصة في سياق معاملة المعارضين للإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، أشار فاروفاكيس إلى قرار السلطات الألمانية بترحيله وفرض حظر دخول عليه بسبب دعمه للحقوق الفلسطينية. واعتبر أن واجب كل من يقف ضد “نظام الفصل العنصري والإبادة الجماعية الذي تمارسه إسرائيل” هو الدفاع عن الفلسطينيين كما كان في الماضي الواجب الدفاع عن اليهود ضد النازية. وأضاف: “سواء كنا في برلين أو أنقرة أو أثينا أو لندن، تقع علينا جميعا مسؤولية الاحتجاج على هذه الإبادة.”
وتحدث فاروفاكيس عن تدهور الوضع في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، حينما بدأ العدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا، وأسفر عن مقتل وجرح أكثر من 167 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى آلاف المفقودين.
شركاء الجريمة في أوروبا
أكد فاروفاكيس أن التعاون الأوروبي مع إسرائيل يمثل انتهاكًا لمبادئ وقوانين حقوق الإنسان في أوروبا، قائلاً: “ألمانيا تتعاون مع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي الذي يدعي امتلاك حق إلغاء حياة الفلسطينيين”. وأضاف أن أوروبا لم تعد قادرة على الادعاء بأنها ديمقراطية، معتبرًا أن الديمقراطية في القارة قد تحولت إلى “خدعة” مع استمرار دعم حكوماتها لانتهاكات إسرائيل لحقوق الفلسطينيين.
وأشار فاروفاكيس إلى أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منح أوروبا شرعية ضمنية للقيام بأعمال استعمارية مشابهة في مناطق أخرى من العالم، ورسخ الأيديولوجيات العنصرية والإبادية في التاريخ الغربي. وتساءل مستنكرًا: “من الذي أطلق شعار ‘أرض بلا شعب لشعب بلا أرض’؟ إنه وعد بلفور الذي أطلقته بريطانيا عام 1917″، مؤكداً أن هذا المشروع الانتقالي من بريطانيا إلى الولايات المتحدة كان بداية لمشاريع استعمارية واسعة النطاق.
دور أوروبا في تاريخ الإبادة
وفي حديثه عن مسؤولية أوروبا في الإبادة، لفت فاروفاكيس إلى أن القارة تتحمل جزءًا كبيرًا من مسؤولية ما يحدث في فلسطين اليوم، مؤكدًا أن أوروبا كانت مسؤولة عن معاداة السامية والإبادة الجماعية ضد اليهود طوال تاريخها. وأضاف: “كل ما تعرّض له اليهود كانت أوروبا مسؤولة عنه، ولكن بعد الهولوكوست، تحول العدو إلى الفلسطينيين والمسلمين.”
وشدد فاروفاكيس على أن أوروبا يجب أن تتعامل مع هذا التاريخ المظلم بحذر، وأن يتحتم على الأوروبيين التحرر من هذا الإرث الأليم، داعيًا إلى إظهار الفخر الأوروبي من خلال الوقوف ضد الاستعمار وأيديولوجية الاستيطان العنصري.
حرية التعبير في خطر
انتقد فاروفاكيس تدهور حرية التعبير في أوروبا، قائلاً: “لم تعد حرية التعبير موجودة في أوروبا كما كانت في السابق، حيث كان يُعتبر هذا الحق مثلًا أعلى”. واعتبر أن القمع الذي يتعرض له المعارضون لسياسات إسرائيل في العديد من الدول الأوروبية، مثل السجن في برلين وبريطانيا بسبب معارضتهم للإبادة في غزة، يمثل تهديدًا حقيقيًا لحقوق الإنسان في القارة.
وفي ختام حديثه، شدد فاروفاكيس على أن معظم الشعوب الأوروبية تدعم القضية الفلسطينية، بينما تواصل حكوماتهم تجاهل هذا الدعم الشعبي. وذكر أن هذه الحكومات لا تستجيب للمطالب العالمية بضرورة وقف الإبادة الإسرائيلية في غزة.
نقلاً عن وكالة الأناضول