المصدر: الأناضول
في تطور محدود وسط كارثة إنسانية خانقة، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، الثلاثاء، أنه تلقى موافقة إسرائيلية لإدخال نحو 100 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة، وذلك بعد يوم واحد فقط من السماح لتسع شاحنات فقط بالمرور، لم يُسمح إلا لخمسة منها بدخول القطاع فعلياً.
ورغم ما يبدو أنه انفراجة جزئية، أكدت حكومة غزة أن ما تم الإعلان عنه لا يغطي حتى الحد الأدنى من احتياجات السكان، الذين يرزحون تحت حصار مشدد منذ أكثر من سبعة أشهر، حيث يحتاج القطاع يوميًا إلى 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود لتفادي الانهيار الإنساني الكامل.
مساعدات مشروطة.. وتحكم إسرائيلي كامل
المتحدث باسم “أوتشا”، ينس لاركي، أوضح خلال مؤتمر صحفي في جنيف أن الموافقة الإسرائيلية على الشاحنات الجديدة جاءت بعد طلب رسمي من الأمم المتحدة، معربًا عن أمله في أن تتمكن جميع الشاحنات المصرح بها من دخول غزة خلال اليوم ذاته.
لكن الواقع على الأرض أكثر تعقيدًا، فبحسب لاركي، تمر شاحنات المساعدات عند معبر كرم أبو سالم بإجراءات معقدة تشمل إعادة التعبئة والتفريغ ومراحل رقابة متعددة من قبل جيش الاحتلال، ما يعطل دخولها ويحد من تأثيرها الإغاثي.
وقال المتحدث: “حتى الشاحنات القليلة التي دخلت يوم الاثنين لم يتم الإفراج عنها بالكامل لتوزيعها، حيث لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية بانتظار الإذن النهائي”.
معونات لا تكفي لأقل من 1% من السكان
في تصريحات خاصة لمراسل وكالة الأناضول، قال مسؤول في حكومة غزة (فضل عدم الكشف عن هويته) إن المساعدات التي دخلت الإثنين تحتوي على كميات “ضئيلة جدًا” من دقيق القمح، ومكملات غذائية، وبدائل حليب للأطفال، إضافة إلى أكفان للضحايا.
وأشار إلى أن هذه المواد لا تغطي حتى 1% من الاحتياج اليومي لأهالي غزة، واصفًا سياسة إدخال المساعدات بأنها “أداة ضغط سياسي يستخدمها الاحتلال لتجويع المدنيين والضغط على المقاومة”.
الأمم المتحدة: ما يدخل لا يوازي حجم الكارثة
وفي وقت سابق، وصف منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة توم فليتشر سماح إسرائيل بدخول شاحنات الإثنين بأنه “تطور مرحب به لكنه لا يكفي”، مؤكدًا أن الوضع في غزة تجاوز مرحلة الكارثة وأصبح أقرب إلى “مجاعة ممنهجة”.
وأعادت “أوتشا” وعدد من المنظمات الإنسانية الدولية دعواتها المتكررة إلى ضرورة ضمان وصول إنساني “آمن، مستمر، وواسع النطاق” للمساعدات، دون عراقيل أو تحكم إسرائيلي.
غزة في قبضة المجاعة.. وصمت دولي مريب
منذ 2 مارس/ آذار الماضي، يصعد الاحتلال من سياسة الحصار والتجويع بحق نحو 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة، في ظل تعطل إدخال المساعدات عبر المعابر، ما دفع القطاع إلى الدخول رسميًا في مرحلة المجاعة بحسب تقارير أممية، وأسفر عن وفاة عدد متزايد من المدنيين، خاصة من الأطفال.
وتحت غطاء سياسي وعسكري أمريكي غير مشروط، يواصل الاحتلال منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ارتكاب ما وُصف بجرائم “إبادة جماعية” في القطاع، أسفرت عن أكثر من 174 ألف قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، وتدمير شامل للبنية التحتية، ونزوح مئات الآلاف.
وبينما يحاول العالم الحديث عن “هدنة إنسانية” أو تحسين تدفق المساعدات، تبقى غزة محاصرة بين فكي المجاعة والإبادة، وسط تواطؤ دولي مخجل وصمت رسمي عربي لا يرقى إلى مستوى الكارثة.