بقلم: عبد الرحمن أبو العُلا
ربما لا يعلم كثيرون أن الرئيس الراحل محمد مرسي كان باحثا كبيرا وأستاذا في الجامعة التي تخرج فيها أول إنسان وطئ سطح القمر، وأن الرجل الذي وصل إلى أعلى المستويات في جماعة الإخوان المسلمين قد التحق بالجماعة عن طريق زوجته. “عام واحد في الحكم أدخل مرسي التاريخ”.. هكذا وصفته وكالة رويترز، وفي ما يأتي 34 معلومة عن الرئيس مرسي.
(1)
كان فوز المهندس الحاصل على الدكتوراه من الولايات المتحدة في أول انتخابات رئاسية حرة في مصر يمثل انفصالا جذريا عن العسكريين الذين جاء منهم كل رؤساء مصر منذ الإطاحة بالنظام الملكي في عام 1952.
لكن نشوة نهاية عهد الرؤساء ذوي الخلفية العسكرية لم تدم طويلا، وبالتالي فإن مرسي أصبح مشهورا بأنه: أول رئيس مدني منتخب بطريقة ديمقراطية في مصر.
(2)
حفظ القرآن الكريم في قرية العُدوة بمحافظة الشرقية التي ولُد فيها عام 1951، وتعلم في مدارسها، وانتقل إلى القاهرة للدراسة الجامعية في كلية الهندسة بجامعتها، حيث تفوق وحصل على بكالوريوس الهندسة عام 1975 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، مما أهله للعمل معيدا بها.
(3)
لمرسي قصة خاصة مع يونيو/حزيران، ففيه انتخب رئيسا لمصر عام 2012، وفيه جرى الانقلاب عليه في 2013 تحت غطاء خروج شعبي “مخدوم” في جزء كبير منه، وفيه توفي عام 2019 وهو يحاكَم بتهمة التخابر مع دولة عربية شقيقة (قطر) ومع حركة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي (حركة حماس).
(4)
توفي مرسي في جلسة محاكمته في الدعوى التي عُرفت إعلاميا باسم “التخابر”، لكن المفارقة أن تكون آخر كلماته أمام المحكمة:
بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام
وقبل هذا البيت قال إن لديه “حقيبة من الأسرار” تبرئ ساحته وتدين سجانيه، لكنه لن يقولها حرصا على الأمن القومي، طالبا عقد جلسة خاصة لهذا الأمر.
(5)
توفي مرسي في 17 يونيو/حزيران، وهو اليوم ذاته الذي أعلن فيه تقدمه على 12 مرشحا في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة عام 2012.
(6)
مفارقة أخرى عن يوم وفاة مرسي الذي يوافق يوم استشهاد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وهي مفارقة يربطها مناصروه بحرصه على عدم سفك الدماء، وهو نفس ما كان يحرص عليه الخليفة عثمان.
(7)
تنقل وكالة أسوشيتد برس على لسان ضابط مصري أن مرسي قيّد يد الجيش الراغب في الانتقام عندما اندلعت أعمال مسلحة ضد الجيش في سيناء، قائلا للسيسي “لا أريد أن يريق المسلمون دماء بعضهم بعضا”.
(8)
وبينما منعت السلطات المصرية صلاة الجنازة أو تشييع مرسي، صلى عليه المسلمون صلاة الغائب في عشرات الدول حول العالم، بدءا من المسجد الأقصى المبارك وصولا إلى الهند وباكستان وماليزيا وإندونيسيا، مرورا بأميركا وبريطانيا وكندا، وأغلبية الدول العربية.
(9)
أراد النظام المصري أن يكون موت مرسي خبرا عابرا لا يلتفت إليه أحد، فتجاهلته وسائل الإعلام المصرية الرسمية منها وغير الرسمية ونشرته في ركن قصي، لكن ما حدث كان على النقيض تماما من ذلك، إذ فجر إعلان وفاته اهتماما وتعاطفا واسعا حول العالم.
(10)
ومع بدء محاكمته في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2013، لم يعترف مرسي بهيئة المحكمة، وقال بتحدٍ لقاضيه “أنا الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية.. لقد كان انقلابا عسكريا. ينبغي محاكمة قادة الانقلاب أمام هذه المحكمة”، ولاحقا وُضع مرسي في قفص زجاجي عازل للصوت لمنعه من الحديث.
(11)
مرسي الذي اتهم طويلا بـ”الأخونة” (نسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين)، عرض على المرشح الرئاسي اليساري حمدين صباحي منصب نائب الرئيس، كما عرض على مؤسس حركة شباب 6 أبريل أحمد ماهر منصب مساعد رئيس الجمهورية، وعرض أيضا على رئيس حزب غد الثورة الليبرالي أيمن نور منصب رئيس الحكومة، وعرض على الناشط المصري وأحد رموز ثورة يناير وائل غنيم منصب وزير الشباب؛ إلا أن كل هؤلاء رفضوا ما عرضه عليهم.
ومع كل ذلك، فقد التزم مرسي بتعيين شخصية مستقلة للحكومة وهي هشام قنديل، حتى أصبح الحزب والجماعة القادم منهما الرئيس أقلية في الحكومة.
(12)
في عهد مرسي زاد إنتاج القمح بتشجيع الفلاحين على زراعته وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وارتفعت الصادرات الخارجية، وزاد عدد السياح من ثمانية ملايين إلى أكثر من تسعة ملايين.
(13)
أعفى مرسي الفلاحين المتعثرين من ديونهم، ورفع الحد الأدنى للأجور.
(14)
جاء مرسي بوزير للتموين (باسم عودة) أصلح في شهور معدودات منظومة الخبز التي ظلت عصية طوال عقود من حكم السادات ومبارك، وقد شهدت مصر سابقا ما عُرف باسم “انتفاضة الخبز”.
(15)
ارتفع إجمالي الاستثمارات التي نُفذت في عهد مرسي من 170 مليار جنيه إلى أكثر من 180 مليارا. وزادت الصادرات المصرية غير النفطية بنحو 21% في يونيو/حزيران 2013 مقارنة بالشهر نفسه من عام 2012، وارتفع معدل الناتج المحلي من 1.8 إلى 2.4.
(16)
شهدت البلاد حرية إعلامية غير مسبوقة (وغير ملحوقة إلى الآن)، وصلت حد وصف البعض لها بالمنفلتة، إذ عدّل مرسي قانون الصحافة فألغى الحبس الاحتياطي في جريمة سب رئيس الجمهورية، وفي اليوم نفسه الذي عدّل فيه القانون تم الإفراج عن آخر صحفي كان يومها معتقلا احتياطيا.
(17)
وفي عهد مرسي سُجلت أول لجنة تحقيق في عمليات القتل أثناء ثورة يناير/كانون الثاني 2011، انتهت إلى إدانة الرئيس المخلوع حسني مبارك، قبل أن تُبرئه محاكم الانقلاب لاحقا.
(18)
من إشارات نصرة مرسي لثورة يناير، إصداره قانونا بالعفو الشامل عن الجرائم المرتكبة بهدف مناصرة الثورة في الفترة من 25 يناير/كانون الثاني 2011 وحتى 30 يونيو/حزيران 2012، فيما عدا جناية القتل العمد.
(19)
في أواخر 2012، تم التصديق على دستور وضعته لجنة مشكلة من مختلف القوى السياسية لأول مرة في تاريخ مصر.
(20)
في عام حكم مرسي أيضا، استطاع المصريون أن يشاهدوا موكب رئيسهم الذي لا يتكون إلا من سيارتين ودراجتين ناريتين، وغابت عنهم -لعام واحد فقط- المواكب التي لا يُعرف أولها من آخرها.
وسيسجل التاريخ أن رئيس واحدة من كبرى البلاد العربية ظل طوال حكمه ساكنا في شقة بالإيجار ورفض الانتقال إلى قصر مشيد.
(21)
شعر المصريون -وربما للمرة الأولى- أن لهم رئيسا يشبههم، فهو قادم من بينهم، والأهم أن اعتلاءه المنصب لم يغير من الأمر شيئا، فأخوه ما زال فلاحا في أرضه، وأخته ماتت في مشفى حكومي بسيط، وابنه اغترب خارج مصر طلبا للرزق.
(22)
حرص مرسي أن تكون زيارته الأولى للخارج بعد فوزه بالرئاسة إلى السعودية، لتطمين المملكة المتوجسة من ثورات الربيع العربي؛ لكن ذلك لم يمنع من أن تكون الداعم الأول في الانقلاب عليه لاحقا.
(23)
كان مرسي -الرئيس القادم من الثورة- نصيرا لثورات الربيع العربي، فقد أيد الثورة السورية بوضوح وأصدر أمرا بمعاملة السوريين اللاجئين في مصر كالمصريين في التعليم والعلاج وغيرهما.
(24)
لم يعرف قطاع غزة ظروفا أفضل من تلك التي عاشها في عام حكم مرسي، فقد فتح معبر رفح أمام تنقل الفلسطينيين والبضائع، وساهمت وقفته الشجاعة وتصريحه القوي “غزة ليست وحدها” في إنهاء حرب الاحتلال على القطاع نهاية 2012 سريعا.
(25)
في 24 يونيو/حزيران 2012، أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية فوز محمد مرسي في الجولة الثانية من الانتخابات بنسبة 51.7%، للمرة الأولى في بلد لا يعرف في الانتخابات إلا لغة “التسعات”.
وبعد أيام أقسم اليمين الدستورية في ميدان الثورة “ميدان التحرير” أمام الجماهير، في سابقة لم تحدث من قبل.
(26)
لم تكن لدى مرسي رغبة في خوض السباق الرئاسي، لكنه التزم بقرار حزبه وجماعته بالترشح للانتخابات.
(27)
ولمرسي تاريخ سياسي حافل قبل الإطاحة بمبارك في فبراير/شباط 2011. ففي عام 2000، أصبح نائبا في مجلس الشعب، وترأس الهيئة البرلمانية للجماعة في البرلمان، واشتهر باستجوابه عن حادثة قطار الصعيد.
اعتقل مرسي مرات عدة قبل ثورة يناير، فقد سُجن عام 2006 سبعة أشهر بسبب مشاركته في تظاهرة مؤيدة لحركة القضاة التي طالبت آنذاك باستقلالية القضاء، كما اعتقل مجددا لفترة قصيرة مع انطلاقة ثورة يناير/كانون الثاني 2011.
(28)
ومع إطلاق الجماعة لحزبها السياسي بعد الثورة، أصبح مرسي أول رئيس لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين.
(29)
شارك الرئيس الراحل في تأسيس الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) مع عدد من الرموز السياسية عام 2004، كما شارك أيضا في تأسيس الجمعية المصرية للتغيير بالمشاركة مع الدكتور محمد البرادعي وآخرين عام 2010.
(30)
كان مرسي عضوا في القسم السياسي بجماعة الإخوان منذ نشأته عام 1992، وفي عام 2010 أصبح مرسي متحدثا باسم الجماعة وعضوا في مكتب الإرشاد فيها.
(31)
في أميركا، حصل مرسي على الدكتوراه في الهندسة متخصصا في حماية محركات المركبات الفضائية من جامعة جنوب كاليفورنيا، التي تخرّج فيها نيل أرمسترونغ، أول إنسان وطئ سطح القمر.
ودرّس مرسي في عدة جامعات أميركية منها جنوب كاليفورنيا وشمال ردج ولوس أنجلوس، كما عمل مدرسا في جامعة الفاتح الليبية.
(32)
وهناك أيضا في أقصى الغرب الأميركي، بدأت قصته مع حركة الإخوان المسلمين عام 1977. بعد أن تعرّف إلى زوجته نجلاء علي محمود المترجمة في المركز الإسلامي بكاليفورنيا، ورُزق منها بخمسة أبناء، ومن خلالها انضم إلى حركة الإخوان المسلمين في رحلة استمرت أربعين عاما.
(33)
عاد محمد مرسي إلى مصر عام 1985، حيث عمل أستاذا ورئيسا لقسم هندسة المواد بكلية الهندسة في جامعة الزقازيق، وهي الوظيفة التي ظل يشغلها إلى غاية عام 2010.
(34)
خدم مرسي بالجيش المصري في 1975-1976 جنديا في سلاح الحرب الكيمياوية بالفرقة الثانية مشاة.